لماذا نجود في رمضان ؟!!

منذ 2007-09-01

والصيام والصدقة والصلاة توصل صاحبها إلى الله عز وجل؛ قال بعض السلف: " الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك، والصدقة تأخذه بيده فتدخله على الملك ".



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:


قال ابن رجب - رحمه الله تعالى - في لطائف المعارف: في تضاعف جوده صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة :

1- منها: شرف الزمان، ومضاعفة أجر العمل فيه. وفي الترمذي عن أنس مرفوعاً: «أفضل الصدقة في رمضان» .

2- ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم.
وفي حديث زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من فطر صائماً فله مثل أجره، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء» [أخرجه الترمذي وغيره].

3- ومنها: أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عبادة، بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، لا سيما في ليلة القدر. والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما يرحم الله من عباده الرحماء» [رواه البخاري].

فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.

4- ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما في حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها» . قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لمن طيب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام» [أخرجه الترمذي].

وهذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه المؤمن الصيام، والقيام، والصدقة، وطيب الكلام، فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث.

والصيام والصدقة والصلاة توصل صاحبها إلى الله عز وجل؛ قال بعض السلف: " الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك، والصدقة تأخذه بيده فتدخله على الملك ".

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟ » قال أبو بكر: أنا، قال: «من تبع منكم اليوم جنازة؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن أطعم اليوم مسكيناً؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «من تصدق بصدقةٍ؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن عاد منكم مريضاً؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة».

5- ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة عنها، وخصوصاً إن ضمَّ إلى ذلك قيام الليل. فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصيام جنة»[أخرجه النسائي].

وفي رواية: «جُنَّة أحدكم من النار كجنته من القتال» [أخرجه النسائي].

وفي حديث معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم «الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار. وقيام الرجل في جوف الليل» [أخرجه البخاري].

كان أبو الدرداء يقول: " صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور، صوموا يوماً شديداً حرُّه لحر يوم النشور، تصدَّقوا بصدقة لشرِّ يوم عسير ".

6- منها: أن الصيام لابد أن يقع فيه خلل و نقص، وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما ينبغي التحفظ منه؛ كما ورد ذلك في حديث خرجه ابن حبان في صحيحه.
وعامة صيام الناس لا يجتمع في صومه التحفظ كما ينبغي، ولهذا نهي أن يقول الرجل: صمت رمضان كله، أو قمت كله. فالصدقة تجبر ما فيه من النقص والخلل، ولهذا وجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث.

والصيام والصدقة لهما مدخل في كفارات الأيمان، ومحظورات الإحرام، وكفارة الوطء في رمضان، ولهذا كان الله تعالى قد خير المسلمين في ابتداء الأمر بين الصيام وإطعام المسكين، ثم نسخ ذلك، وبقي الإطعام لمن يعجز عن الصيام، لكبره. ومن أخَّر قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر، فإنه يقضيه ويضم إليه إطعام مسكين لكل يوم، تقوية له عند أكثر العلماء، كما أفتى به الصحابة، وكذلك من أفطر لأجل غيره، كالحامل والمرضع؛ على قول طائفة من العلماء.

7- ومنها: أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله، فإذا أعان الصائمين على التقوى على طعامهم وشرابهم كان بمنزلة من ترك شهوة لله وآثر بها أو واسى منها. ولهذا يشرع له تفطير الصوام معه إذا فطر؛ لأن الطعام يكون محبوباً له حينئذٍ، فيواسي منه، حتى كون ممن أطعم الطعام على حبه، ويكون في ذلك شكر لله على نعمة إباحة الطعام والشراب له، ورده عليه بعد منعه إياه؛ فإن هذه النعمة إنما عرف قدرها عند المنع منها.

وسئل بعض السلف: لِمَ شرع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الجائع. وهذا من بعض حكم الصوم وفوائدة. وقد ذكرنا فيما تقدم حديث سلمان المرفوع وفيه: وهو شهر المساواة فمن لم يقدر فيه على درجة الإيثار على نفسه فلا يعجز عن درجة أهل المواساة. كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون، وكان ابن عمر يصوم، ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعهم أهله عنه، لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه، أخذ نصيبه من الطعام وقام، فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة، فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً.

واشتهى بعض السلف طعاماً، وكان صائماً، فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع سائلاً يقول: من يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات. فقام فأخذ الصفحة فخرج بها إليه، وبات طاوياً.

وجاء سائل إلى الإمام أحمد، فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائماً.

وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً، ويجلس يروحهم وهم يأكلون.

وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم.

سلام الله على تلك الأرواح. رحمة الله على تلك الأشباح؛ لم يبق منهم إلا أخبار وآثار. كم بين من يمنع الحق الواجب عليه وبين أهل الإيثار.

لا تعرضن لذكرنا في ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالمُقعد

8- وله فوائد أُخُر: قال الشافعي: " أُحب للرجل الزيادة بالجودة في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم ". وكذا قال القاضي أو يعلي وغيره من أصحابنا أيضاً.


إعداد / دار القاسم

فريق عمل موقع وذكر الإسلامي
المصدر: موقع وذكر الإسلامي
  • 2
  • 0
  • 13,429

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً