حقائق حول التسويق الهرمي وحكمه

منذ 2014-04-02

التسويق الهرمي أو البيع مُتعدِّد المستويات هو طريقة للتسويق تَعتمِد على ممثلين لشركة ما -غالبًا عبر الإنترنت- ليقوم هؤلاء الممثلين المستقلين بالترويج لمنتجات الشركة.

التسويق الهرمي أو البيع مُتعدِّد المستويات هو طريقة للتسويق تعتمِد على ممثلين لشركة ما -غالبًا عبر الإنترنت- ليقوم هؤلاء الممثلين المستقلين بالترويج لمنتجات الشركة.

وتختلف منتجات الشركات ما بين خدمات إلكترونية أو منتجات معيَّنة؛ كقرص الطاقة الحيوي، وإسوارة الطاقة وغيرها... ويأخذ الممثلين مقابل تسويقهم عمولات عن من يَضمُّونهم لفريق التسويق الذين يتم ترتيبهم في شكلٍ هرمي.

ومن أشهر شركات البيع بهذه الطريقة: شركة بيزناس التي تبيع خدمات وشركة كيونت (بالإنجليزية: QNet) أو كويست نت (بالإنجليزية: QuestNet) أو جولد كويست (بالإنجليزية: GoldQuest)؛ التي هي شركة بيع مباشر مقرَّها هونج كونج مملوكة من قبل مجموعة كيو آي. تبيع الشركة منتجات متنوِّعة منها: (منتجات الطاقة، والساعات، والمجوهرات، وباقات العطلات السياحية).

سياسة الشركة التسويقية تتَّبِع نظام التسويق مُتعدِّد المستويات -الهرمي- والذي يَعتمِد على ممثلين مستقلين للشركة ليقوموا بالترويج لمنتجاتها، مقابل عمولات يتقاضونها عن من يجلبونهم أو من يقوم ممثلون مستقلون آخرون في فريقهم بجلبه، والذي يتم ترتيبه في شكل شجرة ثنائية.

وقد اتُّهِمَت الشركة بأنها تدير مُخطَّطًا هرميًا لتسويق منتجاتها في بعض البلدان.

وأدَّت هذه الاتهامات إلى إغلاق مقارِها من قِبل بعض الحكومات، وإلقاء القبض على أعضاء أساسيين فيها. ونَشرت بعض الصحف العالمية أخبار غلقها وتجريمها، وبعض أحداث القبض على مديريها بتهمة الاحتيال في العديد من الدول منها: (الهند، سيريلانكا، نيبال، الفلبين، إندونسيا، رواندا أفغانستان، أرمينيا، تركيا، بوتان، إيران، سوريا).

وجديرٌ بالذكر؛ أن شركة QNet هي ذاتها شركة GoldQuest المجرَّمة دوليًا منذ عام 2008م، كما هو موضَّح في موقع FraudsandScams.com، وشركة QNet ما زالت معترَفة بهذا الاسم وتُدرِجه ضمن أسامي الشركة المملوكة لها والممنوع استعماله من قِبل أي ممثل لها لأغراض شخصية، وهذا في البند © في صفحة 19 النسخة العربية وصفحة 20 النسخة الإنجليزية من ملف السياسات والإجراءات الخاص بالشركة.

أما حكم هذا البيع فقد أفتى عدد من دور الإفتاء الإسلامية بعدم جواز معاملات هذه الشركة وأمثالها، ومن ذلك:

- دار الإفتاء المصرية.

- فتوى وزارة الأوقاف الكويتية.

- دار الإفتاء والتدريس الديني بحلب في سوريا.

- دار الإفتاء الفلسطينية.

- حكم عمل شركة كويست نت بالسودان، رد الدائرة الاقتصادية في شكوى وكيل شركة كويست نت للنائب العام؛ ضد المجمع مخالفة شركة كويست نت لشروط العمل بالسودان.

- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية.

- إسلام ويب (وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بقطر).

- لجنة الفتوى بجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.

وهذا نص فتوى اللجنة الدائمة في شركة بزناس وهبة الجزيرة وشركات التسويق الهرمي:

وردت إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أسئلة كثيرة عن عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي مثل شركة (بزناس) و(هبة الجزيرة)؛ والتي يتلخَّص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أو مُنتَج، على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء، ليُقنِع هؤلاء آخرين أيضًا بالشراء وهكذا...

وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر تبلُغ آلاف الريالات، وكل مشترك يُقنِع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جُدد يلونه في قائمة الأعضاء، وهذا ما يُسمَّى التسويق الهرمي أو الشبكي.

أجابت اللجنة على السؤال السابق بالتالي:

أن هذا النوع من المعاملات محرَّم؛ وذلك أن مقصود المعاملة هو العمولات وليس المُنتَج، فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف، في حين لا يتجاوز ثمن المُنتَج بضع مئات، وكل عاقل إذا عرض عليه الأمران فسيختار العمولات، ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك، وإغراؤه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسير هو ثمن المُنتَج، فالمُنتَج الذي تُسوِّقه هذه الشركات مجرَّد سِتار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح، ولما كانت هذه هي حقيقة هذه المعاملة، فهي محرَّمة شرعًا لأمور:

أولًا:

أنها تضمَّنت الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترِك يدفع مبلغًا قليلًا من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرَّم بالنص والإجماع، والمُنتَج الذي تبيعه الشركة على العميل ما هو إلا سِتار للمبادلة، فهو غير مقصود للمشترك، فلا تأثير له في الحكم.

ثانيًا:

أنها من الغرر المحرَّم شرعًا، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا؟! والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لا بد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحًا، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسرًا؟! والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه.

فالغالب إذن؛ هو الخسارة، وهذه هي حقيقة الغرر، وهي التردُّد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغرر، كما رواه مسلم في صحيحه.

ثالثًا:

ما اشتملت عليه هذه المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس بالباطل، حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خدع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء من الآية:29].

رابعًا:

ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إظهار المُنتَج وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبًا، وهذا من الغش المحرَّم شرعًا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من غشَّ فليس مِنِّي» (رواه مسلم في صحيحه).

وقال أيضًا: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحِقَت بركة بيعهما» (متفقٌ عليه).

وأما القول بأن هذا التعامل من السمسرة؛ فهذا غير صحيح، إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة، أما التسويق الشبكي فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المُنتَج، كما أن السمسرة مقصودها تسويق السلعة حقيقة، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العمولات وليس المُنتَج، ولهذا فإن المشترك يُسوِّق لمن يُسوِّق لمن يُسوِّق... وهكذا، بخلاف السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة، فالفرق بين الأمرين ظاهر.

وأما القول بأن العمولات من باب الهِبة فليس بصحيح، ولو سُلِّمَ فليس كل هِبة جائزة شرعًا؛ فالهِبة على القرض ربا، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي بُردة رضي الله عنهما: "إنك في أرضٍ الربا فيها فاش، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حِمل تِبن أو حِمل شعير أو حِمل قَتٍ فإنه ربا" (رواه البخاري في الصحيح).

والهِبة تأخذ حكم السبب الذي وُجِدَت لأجله، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في العامل الذي جاء يقول: "هذا لكم وهذا أُهدِيَ إليًَّ، فقال عليه الصلاة والسلام: «أفلا جلستَ في بيتِ أبيك وأمك فتنظر أيُهدى إليك أم لا؟» (متفقٌ عليه).

وهذه العمولات إنما وُجِدَت لأجل الاشتراك في التسويق الشبكي، فمهما أعطيت من الأسماء، سواءً هدية أو هِبة أو غير ذلك، فلا يُغيِّر ذلك من حقيقتها وحكمها شيئًا.

ومما هو جدير بالذكر أن هناك شركات ظهرت في السوق سلكت في تعاملها مسلك التسويق الشبكي أو الهرمي؛ مثل شركة (سمارتس واي)، وشركة (جولد كويست)، وشركة (سفن دايموند) وحكمها لا يختلف عن الشركات السابق ذكرها، وإن اختلفت عن بعضها فيما تعرضه من منتجات.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

(اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتوى رقم: [22935] وتاريخ 14/3/1425هـ).

تنبيه:

وتجمع الشركات التي تبيع المنتجات التي تُروِّج لفلسفة الطاقة وتنشر شركياتها بين حرمة البيع وحرمة المُنتَج فحذارِ... حذارِ.


 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

فوز بنت عبد اللطيف كردي

دكتوراه فلسفة التربية والدراسات الإسلامية، تخصص العقيدة والمذاهب المعاصرة. جامعة الملك عبد العزيز بجدة

  • 18
  • -5
  • 30,656

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً