هل كان رسول الله (متواصل الأحزان) بالفعل؟

منذ 2014-04-05

كثير من المسلمين هذه الأيام يحزن على أوضاع إخوانه، لكنه حزن يُقعد عن العمل ويوهن العزيمة ويُقنط من رحمة الله ويعكر على حسن الظن به سبحانه. ولا والله لا حاجة لله بهكذا حزن! فلنميز ما هو من دينالنا مما أدخل فيه وليس منه.

السلام عليكم ورحمة الله. كثيرًا ما كنا نسمع من الوعاظ قرنًا للتقوى بالحزن، وكأن ديننا يدعو إلى الكآبة. وهذا إخواني شكل من أشكال الموروثات التي تناقلها بعض الوعاظ وأوهمونا أنها من الدين وليست منه في شيء، وقد تعرضت لأشكال من ذلك في مقالة سابقة بعنوان: (ظاهرة المبالغات في مرويات العبادة والورع).

وكم سمعنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان (متواصل الأحزان)، وهذا جزء من حديث طويل رواه الطبراني وابن أبي حاتم في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنه "كان كثير الصمت، دائم الفكر، متواصل الأحزان".

وهذا الحديث قال عنه ابن القيم في (مدارج السالكين): "إنه حديث لا يثبت وفي إسناده من لا يُعرف، وكيف يكون صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان؟ وقد صانه الله عن الحزن على الدنيا وأسبابها، ونهاه عن الحزن على الكفار، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فمن أين يأتيه الحزن؟ بل كان دائم البشر ضحوك السن".

وقال ابن تيمية رحمه الله في الجزء العاشر من الفتاوى: "وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين كقوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:139]، وقوله: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل:70]، وقوله: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40]، وقوله: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} [يونس:65]، وقوله: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد:23]، وأمثال ذلك كثير. وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به. نعم، لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم، كما يحزن على المصائب، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب، ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم وأشار بيده إلى لسانه». وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محمودًا من تلك الجهة، لا من جهة الحزن،كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عمومًا، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك. ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهي عنه". ا.هـ.

كثير من المسلمين هذه الأيام يحزن على أوضاع إخوانه، لكنه حزن يُقعد عن العمل ويوهن العزيمة ويُقنط من رحمة الله ويعكر على حسن الظن به سبحانه. ولا والله لا حاجة لله بهكذا حزن! فلنميز ما هو من ديننا مما أدخل فيه وليس منه.

المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك
  • 19
  • 0
  • 48,680

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً