وقفات منهجية تربوية - (1) المقدمة

منذ 2014-04-09

سنتناول بإذن الله تعالى في هذا الكتاب بعض مواقف جيل الصحابة رضوان الله عليهم والدروس التربوية المستفادة منها، وبيان منهجهم مع النصوص، وربطها بالواقع المعاصر إسهامًا لرسم طرق الإصلاح السليمة لأحوالنا ونصحًا لله ولرسوله وللمؤمنين علّنا نستفيد منها ونطبقها.

بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، فإن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة، وأحكامها شاملة لجميع شئون العباد الدينية والدنيوية، فكل ما يصيب المجتمعات البشرية على اختلاف أجناسها وألوانها وتباعد أقطارها، وكافة ما يحل بها من نوازل ونكبات ومصائب، ففي الشريعة علاج لها، ومخرج منها شريطة أن يكون الناظر في تلك الوقائع والحوادث ناظرًا بعين البصيرة في الأدلة الشرعية مدركًا مقاصد الشريعة السامية، وأهدافها النبيلة، عارفًا بمدلول ألفاظها، ومعانيها، حتى يستطيع فهم مراد النص الشرعي، وإلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص حكم شرعي، كما فعل الصحابة الأخيار في عهدهم.

فقد حلت بهم نوازل كثيرة ومصائب جمة، ومع ذلك استطاعوا بفضل الله تعالى أولًا، ثم بفضل تمسكهم بالنص الشرعي ثانيًا، وجعله قائدًا وهاديًا ومرشدًا لهم استطاعوا أن يعالجوا كل قضية طرأت في عصرهم، وأن يأخذوا منافعها، وأن يدفعوا مضارها، وأن يسلموا من الإثم.

وقد كان اختيار مواقف الصحابة الأخيار والوقفات التربوية منها ومنهجهم عامة وفي النوازل خاصة، دون غيرهم لخمسة أمور، وهي:

أولًا: لسابقتهم في الفضل والديانة والإيمان، فهم أسبق الناس، وهذا اصطفاء من الله لا منازع لهم في.

ثانيًا: للتزكيات الإلهية لهم في كتابه العزيز، وهذا دليل على طهارة بواطنهم وسلامة سرائرهم من الغل والحقد والحسد.

ثالثًا: لمعاصرتهم التنزيل، وكانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حله وترحاله، يرون أفعاله، ويسمعون أقواله، فهم أبصر الناس بتفسير الوحي، وأدرى الناس بمراد النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعًا: محبتهم والسير على منهجهم لسلامة المعتقد، وسلامة منهج الداعية.

وخامسًا: لحدوث النوازل الكبيرة والفواجع الأليمة على عهدهم، فكانوا أهلًا لمقابلتها ولدلالة الناس على المخرج السليم منها.

فكانوا بذلك - بعد الأنبياء والمرسلين - أحق من نعرف سيرهم وندرس منهجهم القويم وفهمهم السوي لنقتفي آثارهم. فإن من رام سبيل الإصلاح وكان منهجه مخالفًا لمنهج الصحابة ومن سار على منوالهم من التابعين وتابعيهم رحمهم الله جميعًا، فإن دعوته في ضلال وإلى ضلال. وكيف لا يكون ذلك كذلك وهو قد خالف سبيل قوم عاصروا التنزيل وعرفوا مواقعه، وعرفوا مراد النبي صلى الله عليه وسلم وتعاملوا مع قضايا عظيمة ونوازل جسيمة وخرجوا منها بالمخرج الصحيح وقادوا الأمة إلى بر الأمان.

وإن الناظر اليوم في كثير من الحركات الإصلاحية مع اختلاف مناهجها وطرقها يدرك الفرق الكبير والبون الشاسع بينهم وبين منهج الصحابة ، ولعل الجامع لذلك الفرق والمبين له: أن سبل النجاة والنجاح تُبنى على أمرين هما: المصدر الصحيح للتلقي، والمنهج السليم في الفهم والاستدلال.

وسنتناول بإذن الله تعالى في هذا الكتاب بعض مواقف جيل الصحابة رضوان الله عليهم والدروس التربوية المستفادة منها، وبيان منهجهم مع النصوص، وربطها بالواقع المعاصر إسهامًا لرسم طرق الإصلاح السليمة لأحوالنا ونصحًا لله ولرسوله وللمؤمنين علّنا نستفيد منها ونطبقها.

 

ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.

  • 0
  • 0
  • 2,579
 
المقال التالي
(2) تمهيد في بيان فضل العلم والعلماء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً