هبي يا ريح الإيمان - النسمة السادسة - أنا الفقير إليك - (1)

منذ 2014-04-10

محمد صلى الله عليه وسلم: هو سيد الفقراء وانظر إلى ما حدث له في الطائف حين لقي أول ما لقى أبناء عبد ياليل، فقال أحدهم: أما وجد الله رجلا غيرك يبعثه ؟! وقال الثاني: لأشقن أستار الكعبة إن كنت نبيا، وقال الثالث: إن كنت نبيا فأنت أعظم خطرا من أن أحدثك، وإن كنت كاذبا فأنا لا أحدث كاذبا.

أنا تائه في دروب الحياة..
أبحث عن 
جرعة هداية..
معترف بعجزي أمام قدرتك..

وبضعفي أمام قوتك..
وبفقري أمام غناك..

وبهلاكي إن لم تتداركني رحمتك..
فارحمني يا أرحم الراحمين..


كيف تصل إلى الفقير؟!
1. المحن: الفقر نوعان:

  • اضطراري: للمؤمن والكافر والبر والفاجر، فبدون رعاية الله وحفظه للخلق لهلكوا جميعا، فكل الخلق يتقلب في بره وإحسانه، لو حرمنا الهواء ساعة لهلكنا، لو ترك السماوات ولم يمسكها لوقعت على الأرض وهلكنا، لو أمسك عنا المطر لهلكنا، وليس هذا الفقر الذي تعنيه في رسالتنا هذه، فهذا فقر لا ينفعك عنه أحد.
  • اختياري: وهو بمعنى الافتقار إلى الله والتذلل إليه والخضوع له، وتفريغ القلب إلا منه، وعدم التوكل إلا عليه، وعدم اللجوء إلا إليه، وعدم الثقة إلا به، وعدم الرضا إلا عنه، وعدم الطلب إلا منه.
     
  • وهذه بعض النماذج:
  1. محمد صلى الله عليه وسلم: هو سيد الفقراء وانظر إلى ما حدث له في الطائف حين لقي أول ما لقى أبناء عبد ياليل، فقال أحدهم: أما وجد الله رجلا غيرك يبعثه ؟! وقال الثاني: لأشقن أستار الكعبة إن كنت نبيا، وقال الثالث: إن كنت نبيا فأنت أعظم خطرا من أن أحدثك، وإن كنت كاذبا فأنا لا أحدث كاذبا.
    وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة، وكان يضرب فيقع على الأرض فيحمل من ساعديه، ثم يضرب فيحمل من ساعديه حتى يسقط، والغلمان تجري من ورائه تنعته بالسفه والجنون.
    وفي أوج هذه المحنة ومن جوانب هذه البلية ينطلق الدعاء منه صادقا من القلب امتلأ فقرا إلى رحمة الله وأملاً في رضاه، ليقول: 
    «اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهمني، أم عدوا ملكته أمري؟! إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والأخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك»، واستجاب الله دعاءه، فأيده بالبشر والملائكة.
    البشر: كانوا نفرا من يثرب عرض عليهم الإسلام فأسلموا، والملائكة: كان ملك الجبال يستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين، وهما جبلان حول مكة، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  2. موسى عليه السلام: حين أحاط به فرعون وجنوده، وضاقت عليه الأرض بما رحبت نادى: {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك رينا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم . قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} [يونس: 88-89].
    وكان هذا الدعاء عند اشتداد المحنة وعلو الطغيان، وكان بين الدعاء وإهلاك فرعون أربعون سنة.
  3. صاحب بشر بن الحارث: قصد رجل فقير بشر بن الحارث يطلب منه الدعاء، فنصحه بشر بأن يتحين الفرصة حين يخبره أولاده بنفاد الدقيق، ثم يدعو الله في ذلك الوقت، فإن دعائك أفضل من دعائي.
    لماذا؟! لأنه فى هذه الحالة لا يستعين إلا بالله ولن يعتمد إلا عليه.
    حين لقى رجلا يتسول من الخلق ويلتمس الغنى عندهم فإن بشرا ضربه بسوط وعظه قائلا: أما تستحي أن تطلب الدنيا ممن طلب الدنيا... اطلب الدنيا ممن بيده الدنيا.

    با أخوتي.. الفقر الذي نستجلبه عن طريق المحن يدفعنا إلى الصبر، والصبر باب لدخول الجنة في الآخرة، وباب من أبواب الفرج في الدنيا، وهذا هو عين الغنى.

     

خالد أبو شادي

طبيبٌ صيدليّ ، و صاحبُ صوتٍ شجيٍّ نديّ. و هو صاحب كُتيّباتٍ دعويّةٍ مُتميّزة

  • 5
  • 0
  • 5,171
المقال السابق
النسمة الخامسة - أين الله (9)
المقال التالي
النسمة السادسة - أنا الفقير إليك - (2)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً