تواضع الخلفاء والأمراء

منذ 2014-04-15

الفرق بين حالنا اليوم وحال الصدر الأول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ هو الفرق بين شعوب اليوم وبين الصحابة والتابعين وهو نفسه الفرق بين حكام اليوم والخلفاء والأمراء من التابعين. ولو نظرنا للتواضع كمفتاح لشخصيات الكثير من حكام وأمراء السلف وبمقارنة بسيطة سنعلم يقينًا موقعنا اليوم من الإعراب....

الفرق بين حالنا اليوم وحال الصدر الأول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ هو الفرق بين شعوب اليوم وبين الصحابة والتابعين وهو نفسه الفرق بين حكام اليوم والخلفاء والأمراء من التابعين.

ولو نظرنا للتواضع كمفتاح لشخصيات الكثير من حكام وأمراء السلف وبمقارنة بسيطة سنعلم يقينًا موقعنا اليوم من الإعراب.

"لما استُخلِف أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه أصبح غاديًا إلى السُّوق، وكان يحلب للحي أغنامهم قبل الخلافة، فلمَّا بُويَع قالت جارية مِن الحي: الآن لا يحلب لنا. فقال: بلى لأحلبنَّها لكم، وإنِّي لأرجو ألَّا يُغيِّرني ما دخلت فيه" (التبصرة؛ لابن الجوزي، ص: [408]).

عن طارق بن شهاب، قال: "خرج عمر بن الخطَّاب إلى الشَّام ومعنا أبو عبيدة بن الجرَّاح، فأَتَوا على مخاضة وعمر على ناقة له، فنزل عنها وخلع خفَّيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين! أنت تفعل هذا، تخلع خفَّيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟! ما يسرُّني أنَّ أهل البلد استشرفوك. فقال عمر: أوَّه، لم يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالًا لأمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم إنَّا كنَّا أذلَّ قوم، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العِزَّة بغير ما أعزَّنا الله به أذلَّنا الله" (رواه الحاكم: [1/130] [207]. وقال: "صحيح على شرط الشَّيخين". ووافقه الذهبي، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب، ص: [2893]).

وعن عروة بن الزُّبير رضي الله عنهما قال: "رأيت عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء، فقلت: يا أمير المؤمنين! لا ينبغي لك هذا. فقال: لما أتاني الوفود سامعين مطيعين دَخَلَت نفسي نخوة، فأردت أن أكسرها" (ذكره القشيري في الرسالة القشيرية، ص: [1/279]).

قال الحسن: "رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقيل في المسجد وهو يومئذ خليفة، ويقوم وأثر الحصى بجنبه، فنقول: هذا أمير المؤمنين، هذا أمير المؤمنين" (التبصرة؛ لابن الجوزي، ص: [437]). 

عن ميمون بن مهران قال: "أخبرني الهمدانيُّ أنَّه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه على بغلة، وخلفه عليها غلامه نائل وهو خليفة" (الزُّهد؛ لأحمد، ص: [158]).

عن عمرو بن قيس الملائي عن رجل منهم قال: "رُئِي على علي بن أبي طالب إزارٌ مرقوعٌ، فقيل له: تلبس المرقوع؟! فقال: يقتدي به المؤمن ويخشع به القلب" (الزُّهد؛ لهنَّاد بن السري، ص: [2/36]).

- "وأنَّه رضي الله عنه قد اشترى لحمًا بدرهم، فحمله في ملحفته، فقيل له: نحمل عنك يا أمير المؤمنين. فقال: لا، أبو العيال أحقُّ أن يحمل" (إحياء علوم الدِّين؛ للغزَّالي، ص: [2/368]).

وقال سعيد بن سويد: "صلَّى بنا عمر بن عبد العزيز الجمعة، ثمَّ جلس وعليه قميص مرقوع الجيب مِن بين يديه ومِن خلفه، فقال له رجلٌ: يا أمير المؤمنين، إنَّ الله قد أعطاك فلو لبست؟ فنكَّس رأسه مليًّا ، ثمَّ رفع رأسه، فقال: إنَّ أفضل القصد عند الجِدَة، وإنَّ أفضل العفو عند القُدْرة، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن ترك زينةً لله ووضع ثيابًا حسنة تواضعًا لله وابتغاء لمرضاته، كان حقًّا على الله أن يدَّخر له عبقري الجنَّة»"[1].

"كان عند عمر بن عبد العزيز  رضي الله عنه قوم ذات ليلة في بعض ما يحتاج إليه، فغشي سراجه، فقام إليه فأصلحه، فقيل له: يا أمير المؤمنين! ألا نكفيك؟ قال: وما ضرَّني؟ قمتُ وأنا عمر بن عبد العزيز، ورجعتُ وأنا عمر بن عبد العزيز" (سيرة عمر بن عبد العزيز؛ لابن عبد الحكم، ص: [46]).

قال مالك بن دينار: "الناس يقولون: مالك زاهد، وإنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها".

وعن أيوب قال: "قيل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينة فإن قضى الله موتًا دفنت موضع القبر الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. قال: والله لأن يعذبني الله بكل عذاب -إلا النار فإنه لا أصبر عليها- أحب إلي من أن يعلم الله من قلبي أني أرى أني لذلك أهل".

وعن عمر بن حفص قال: "حدثنا شيخ قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بدابق خرج ذات ليلة ومعه حرسي، فدخل المسجد، فمر في الظلمة برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه إليه فقال: أمجنون أنت؟ قال: لا. فهم به الحرسي. فقال له عمر: مه. إنما سألني أمجنون أنت فقلت: لا".

ــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- (الحديث الذي استدل به عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رواه ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول، ص: [156]، وأبو نعيم في حلية الأولياء، ص: [8/46] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال أبو نعيم: "غريب من حديث إبراهيم الصائغ وإبراهيم بن أدهم تفرَّد به الحسن بن يحيى عن حازم بن جبلة"، وقال العراقي في تخريج الإحياء [3/436]: "في إسناده نظر". إحياء علوم الدِّين للغزَّالي، ص: [3/356]).
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 2
  • 0
  • 10,917

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً