المرأة المجددة (5)

منذ 2014-04-15

لماذا المرأة الصحابية؟! فقد تفوَّقت المرأةُ الصحابية في استيعاب الأحكام والشرائع وفهمها فيما لو كان هذا في أي امرأة أخرى؛ بسبب طلاقة الألسنة، وفصاحتها، وملكة اللغة

لماذا المرأة الصحابية؟

أسباب تَميزها وأسباب اتباعنا لها:
ومن أهم أسباب تميز المرأة الصحابية عن غيرها كقدوة: أسباب شرعية بفضل من الله عزَّ وجلَّ وتوفيقه لها، ومنها أسباب بيئية واجتماعية.

أولاً: الأسباب الاجتماعية البيئية:
• فقد تفوَّقت المرأةُ الصحابية في استيعاب الأحكام والشرائع وفهمها فيما لو كان هذا في أي امرأة أخرى؛ بسبب طلاقة الألسنة، وفصاحتها، وملكة اللغة التي هي لغة القرآن، والتي ما تميزت امرأة عنهن في مَلَكَتها، فكن منهن الشاعرات، كالخنساء، والبليغات كأم معبد، والنسابات الفقيهات، كعائشة رضي الله عنهن جميعا، وكن يحفظن من الشعر والأدب، ويَملكن من التُّراث اللغوي ما فاق الدرجات الأكاديمية أضعافًا، مما أكسب المرأةَ الصَّحابية حُسْنَ التعبير عن مَطالبها، وحسن فهم الأحكام، ثُمَّ تطبيقها عمليًّا كما ينبغي، تلك الأحكام والشرائع التي جاءت بلغةٍ برعت وتميزت في معرفة أغوارها المرأة الصحابية.

• وكذا فقد تَميَّزْنَ بنصاعة الفطر والفهم الأصيل الصافي لقواعدِ الإسلام، بل استسلامهن لله تبارك وتعالى وإخلاصهن، وهذا لم يكن ليحدث في مجتمع غير هذا، ولا في نساء مثلهن رضي الله عنهن جميعًا.

• ولإن كان الفضل الأكمل في هداية البشرية بعد الله عزَّ وجلَّ لصاحبِ الرِّسالة صلَّى الله عليه وسلَّم فإنَّ من خلفه صَحابِيَّات كن لهن فضل التصديق والتطبيق، ولن نعرف هذا الفضلَ، إلاَّ حينما نقارن بين وجودهن، وتفاعلن في المجتمع الإسلامي الأول المكي والمدني، وبين وجود حواري موسى أو عيسى عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام فأين دَوْرُ النساء الأوائل في المجتمع العبراني؟ وأين دورهن في المجتمع النصراني الأول؟ وماذا قدمن هؤلاء للبشرية؟ وأين ذِكْرهن في صفحات التاريخ؟

ليس لدينا سوى جدتنا الحبيبة الطاهرة مريم بنت عمران عليها السلام وأمها، والمجاهدات الصابرات امرأة فرعون وماشطته، اللاتي نحن أَوْلَى بهن وأحب، وذكرهن يَعنينا أكثر من غيرنا، لكنَّنا نلحظ أنَّ دورهن قد اقتصر في الغالب على مُحاربة الطَّواغيت، وقصصهن تَمتلئ بالكفاح والمناضلة، فكُنَّ معنًى للفداء بكل ما تحمله الكلمة، فما أنْ نذكرهن رضي الله عنهن إلاَّ ونذكر رموزَ الصبر والجهاد والتضحية.

لكنَّ المرأةَ الصحابية تُوضِّح لنا نموذجًا مشرقًا عمليًّا لدور المرأة في كلا المجالين، سواء في الغزوات والشدائد، أم في المجتمع المدني المستقر، وهو الأهم، والأطول عمرًا في الغالب، والذي يَحتاج لقواعدَ تشريعية خاصَّة تسد احتياجاتِ المرأة كأمٍّ، وزوجة، وابنة، وأرملة، ومطلقة، وعاملة ما لها وما عليها، هذا هو ما يميزهن رضي الله عنهن.

فأدوارُهن كانت أكثرَ تفاعلاً واندماجًا، وأقربَ للتطبيق الواقعي.

يقول د/ أكرم ضياء: "ولم تقتصرْ مَسؤولية المرأة المسلمة في دَعم رسالةِ الإسلام على مساندة حركة الجهاد، وتقديمِ الخدمات للمُجاهدين في سُوحِ الوَغَى، ودفع فلذاتِ أكبادهن إلى ميادينِ القتال، والصبر على مُفارقة الزوج والأهل والولد، بل كانت لبعضهن مسؤولية كبيرة في الحياة الاجتماعية، سواء في نشر العلم أم في مواساة الفقراء، أم في السعي في مصالح الناس" اهـ. (المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة في عصر الرسالة"؛ د. أكرم ضياء العمري).

قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: الآية 71]، فقد كانت الصَّحابية تُساعد أيضًا في مشاريع التنمية والتكافُل؛ لتسعى في تَحقيق التوازُن الاجتماعي بكثرة الصدقات، ومُساعدة الأسر المحتاجة، وزيادة الإنتاج كأم المساكين زينب رضي الله عنها ومعلمة تربي بناتِ جنسها، كالفقيهة عائشة رضي الله عنها وطبيبة، كرفيدة رضي الله عنها.

وللحديث بقية إن شاء الله

رحاب حسّان

  • 0
  • 0
  • 2,521

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً