الثيران الثلاثة و(شرعية وسلمية وحلمية)

الصراع..
1- المشروع الأول:
تحالف العجم (اليهود والنصارى) وتقوده أمريكا ووزيرتها إسرائيل وتشكيلاتها الأوربية..
ويتلخص في عالم واحد تقوده أمريكا مملكة الرب وما يخصه من منطقتنا هو الشرق الأوسط الكبير، ويخضع إلى سلطة إسرائيل مباشرة بأيدي عربية ويظهر هذا المشروع في مشهد أن إسرائيل توجه (الثور) الأمريكي من قرنيه فيمثل اليهود العقل، ويمثل تحالف الأمريكان جسد الثور، والمشروع كان يتقدم بسرعه كبيرة بعد ثورات الربيع لكنه تباطئ مؤخرًا نظرًا لتقدم المشروع الثاني.

2- المشروع الثاني:
مشروع تحالف الفرس (الإيرانيين) ومعهم شيعة العالم متحالفين مع الشيوعيين، ومعظم الملاحدة ويتلخص في مد النفوذ الفارسي الشيعي في منطقتنا العربية، في مقابل دعم قيادة الشيوعية العالمية لعودة الاتحاد السوفييتي كقوة عظمة مرة أخرى، وهنا أيضًا يظهر المشهد لنفس الثور، إيران تحاول جر جسد الثور من قرنيه وتوجيهه، وقدرت إلى حد كبير في ذلك لتلعب نفس دور إسرائيل مع الثور الأمريكي، وقد بدى هذا المشروع في بداية الثورات الربيعية ضعيفًا هزيلاً أمام الثور الأول والثالث، إلا أنه ما لبث أن تحرك مؤخرًا بقوة وحقق نجاحات كبيرة سواء في المنطقة -ما يخص إيران- أو على مستوى العالم -ما يخص روسيا-.

3- المشروع الثالث:
مشروع ما يسمى تجاوزًا (الإسلام السياسي)، ولم يكن له تحالفات أو ميزان قوي معين في بداية ثورات الربيع، إلا أنه ما لبث أن اتخذ شكلاً واضحًا فور إسقاط الأنظمة السابقة، ولكن شكل مشوش وغير واضح، لكنه تشكل بالفعل وهو تحالف (تركيا) مع المنهج الوسطي المعتدل للإسلام السياسي، والذي تمثله حركات معروفة مثل جماعة الإخوان المسلمين، وبعض الجماعات والتيارات الصغيرة الأخرى تدعمها على استحياء بعض الدول الصغيرة في المنطقة، وبعض المنظمات الغير حكومية، وبرغم عدم وضوح رؤية شاملة للمشروع إلا أن ما ظهر كان هدفًا إصلاحيًا عامًا، وكان الاعتماد الأكبر لتكوين جسد هذا المشروع هو المزاج الإسلامي العام لشعوب المنطقة، وغفل وسائل تغير الأمزجه الحديثة والسريعه مع استحضار فكرة اواخر عهد العثمانيين، أو محاولة استدعاء نفس الفكرة وبنفس أخطاءها -تقريبًا يشابه إلى حد كبير مسار روسيا الآن واستحضار فكرة الاتحاد السوفييتي-.

بدا المشروع قويًا في البداية واستطاع أن يذيب مدارس إسلامية كبيرة تطوق إلى رائحة المشروع الإسلامي، ورضيت بالانضواء تحت مظلته، وكان أكبر نجاح لهذا المشروع وذروته فوز الإخوان المسلمين في كل من (مصر، وتونس) مما أدى إلى طفرة كبيرة للمشروع، ما تبعه على الفور انقضاض المشروعين الأول والثاني عليه لإسقاطه، وهو ما حدث فعلاً -كلام أشتون الأخير اعتراف صريح بذلك-.

لكن للأسف لم ينضج جسد هذا الثور بالشكل الكافي لتحمل صدمتي الثورين الأخران، فضلاً عن أنه لم يكن يوجد من يهيمن بشكل قوي على قرنيه لتوجيهه أو على الأقل محاولة تفاديه الصدمات مما أدى إلى سقوطه سريعًا جدًا.

الخلاصة:
لا زال الصراع قائم وبشدة بين الثلاث مشاريع في المنطقة، مع اختلاف موازين القوى طبعًا، لكن للأسف! رأيي أنه حتى الآن لم تتضح الصورة في زحمة المصطلحات والتسميات والتوصيف، لأن المشروع الأول من ضمنه من يسمون أسماء توحي أنهم ينتمون إلى الثالث، ومن انضم مؤخرًا إلى الثاني له أسماء وتاريخ قد يحسب على الأول أو الثالث، فعلينا أولاً حسم مكونات جسد كل ثور وتحديد من يقبض بقوة على قرنيه، حينها يمكن أن نتخذ القرار الصحيح، سواء أن نتمسك بالشرعية، أو نتزوج سلمية، أو نطلق حلمية!