أهْوَاءَ النَفسِ وحَياءُ لَيلَى

منذ 2014-04-27

لم تكن تلك المرة الأولى التي يرفض فيها والد ليلى ذهابها إلى التسوق، لكنها كانت المرة الأولى التي انفعلت فيها ليلى في وجه أبيها قائلة: "دومًا أنا ممنوعٌ، ممنوع!

لم تكن تلك المرة الأولى التي يرفض فيها والد ليلى ذهابها إلى التسوق، لكنها كانت المرة الأولى
التي انفعلت فيها ليلى في وجه أبيها قائلة: "دومًا أنا ممنوعٌ، ممنوع! أما أحمد فيذهب متى شاء، وأين يشاء ولا أحد يسأله"، وصعدت إلى غرفتها باكية مغلقة خلفها الباب بالمفتاح، لتجلس على سريرها جلسة القرفصاء وهي تُحدث نفسها: لمَ أنا دومًا، تُرفض طلباتي وماذا إذا ذهبت للتسوق مع صويحباتي.
- ردت هوى نفسها: أرأيت لآنك فتاة يمنعك والداك من الذهاب للأماكن التي تريدينها، ومن الثياب الملونة القصيرة والشفافة الفاتنة.

وازدادت حدة بكائها وقالت: نعم، لأنني فتاة ليتني لم أكن فتاة!
وتدخل الحياء قائلاً: مهلاً، مهلاً يا ليلى متى رفض والدك الذهاب إلى مركز التسوق؟! عندما تطلبين منه يأخذك دومًا، رد هوى النفس: اصمت أنت أيها الحياء، هي تريد الذهاب مع صديقاتها لا مع أبيها.
أجاب الحياء: وهل ترين أن هذا الوقت المناسب للذهاب؟ ها قد شارف آذان المغرب وبدأت الظلمة، فكيف تذهب..؟!

- ردت هوى نفسها: وماذا عن الملابس، هي لا تشتري ما تريد أبدًا؟
أجاب الحياء: كيف ذالك، ومن انتقى ملابسها أهو أيضًا والدها؟! وهل هو يعرف لأذواق الفتيات؟!
ذهبت ليلى لخزانتها وتفقدت ملابسها واستدركت قائلة ملابسي جدًا جميلة، وهي تعجبني، ثم استدركت نفسها قائلة: أنا من انتقيت ملابسي لأن ربّي علمني الاحتشام، ونبيي هذبني على الإيمان، ووالدي ربّاني على هدي الإسلام.

أجاب الحياء: أرأيتِ يا ليلى؟! نعم هذه هي أنتِ.
ندمت ليلى لصراخها على والدها وقالت: ما كان يجب أن أتصرف هكذا، وأنا أعلم أن ذهاب الفتاة إلى مراكز التسوق الكبيرة مع الفتيات فيها مفاسد كثيرة، سأنزل وأعتذر من والدي.

انتظرت ليلى نصف ساعة من آذان المغرب حتى يأتي والدها من المسجد لتعتذر له عن ما بدر منها، وخرجت من غرفتها لتلاقي والدها خلف الباب يريد أن يدخل ويكلمها، فقالت له أدخل من فضلك أريد أن أحادثك، جلس الوالد إلى سرير ابنته، وأتت ليلى لتقبل رأسه وتقول: "أنا آسفة يا أبتي على ما بدر مني".

أمسك الأب بيد ابنته وقال: "متى يا بنيتي منعتك من شيء أرى فيه سعادتك في عينيك، ألم نذهب لمركز التسوق قبل يومين من الآن وأكلنا البوظة وتمتعنا في نزهتنا؟" قالت ليلى: "نعم والله لقد أخذتنا"، قال الأب مستدركًا: "ثم متى أنا ميّزت بينك وبين أخيك؟! كل ما في الأمر أن ديننا علمنا أن للفتاة أحكامًا خاصة يتوجب علينا فعلها لأرضاء بارئنا، وحثّنا على حفظ فتياتنا من الاختلاط ومفاسده".

اغرورقت عينا ليلى بالدموع وقالت: "نعم أنت محق يا والدي لقد أخطأت بحقك وجعلتك قلقًا عليّ".
لا بأس يا بنّية، فأنت درتي ولؤلؤتي وجوهرتي فٌإن لم أصونك وأحفظك فمن سيفعل؟! نظرت ليلى ليد والدها فلمحت كتابًا ثم قالت: "ما هذا الذي بيدك يا أبي؟"، قال الوالد: "هو كتاب قرأته فأعجبني، وقلت في نفسي أن أعطيه إيّاك لتقرأيه".

أخذت ليلى الكتاب فقرأت بصوت عال عنوانه: "(حكاية ملابس) لهناء الصنيع، وقالت "يبدو جميلاً، بارك الله فيك يا والدي"، خرج الوالد من غرفة ابنته يدعو لها بالهداية والصلاح وتوفيق الحال.

أما صاحبتنا فقد توضأت لتصلي المغرب لتعكف على قراءة الكتاب الذي أهداه إياه والدها.
وأنت أخيتي من ستُغلبي: أهو حياؤك، أم هوى نفسك؟

  • 16
  • 0
  • 3,191

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً