رسائل قلبية

منذ 2014-04-27

حديثي اليوم ذو شجن، وموجع للقلب وطمأنينته، وسكونه وهدأة باله، حين تتصارع أنفسنا ما بين الالتزام واتباع الشهوات، بين الطاعة والمعصية، بين الخير والشر، بين راحة القلب وراحة أهل الدنيا، حين تستوحش نفوسنا فتعتريها الغربة، والوحدة والتيه، والحيرة والضياع..

بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله أفضل الخلق أما بعد:
حديثي اليوم ذو شجن، وموجع للقلب وطمأنينته، وسكونه وهدأة باله، حين تتصارع أنفسنا ما بين الالتزام واتباع الشهوات، بين الطاعة والمعصية، بين الخير والشر، بين راحة القلب وراحة أهل الدنيا، حين تستوحش نفوسنا فتعتريها الغربة، والوحدة والتيه، والحيرة والضياع، ألم يقل الحبيب صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمالِ فتنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ. يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا. يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا» (صحيح مسلم:118).

- أخيتي يا قُرّة عيني، يا مهجة فؤادي، ألم تعلمي أن جهاد النفس من أقسى وأصعب أنواع الجهاد، فالنفس تمل، والروح تسأم، والالتزام صعب، والمضي فيه شاق، وما الأنس إلا بالله والتوكل عليه وحسن الظن به، وصدق اليقين..تداومين على لذة السجود أم أنك افتقدتيها؟ وهل رفعت يديك للسماء داعية دامعة أم أنك هجرتيها؟ وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص:26]، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى».

- أخيتي: اثبتي والزمي راحتك في الدنيا والآخرة، واجعلي من قلبك رياض حياضه العلم والحفاظ على الفرائض والتوكل واليقين، وحسن الظن ونصرة الحق، واتباع سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فكلها وسائل تثبتك على طاعة الله، دون التأثر لما يجري حولك من الآثام والمعاصي فإذا فعلت اطمئن قلبك ولم يتردد، وإذا رأيت المنكر يا حبيبة لا تستهويه لنفسك، ولا تشتهيه، ولا ترتضيه وقولي كلمة الحق فيه ولا تترددي فقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:قالَ أبو سعيدٍ: "أمَّا هذا فقد قضَى ما عليهِ سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ، وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ»" (صحيح مسلم:49).

يا حبيبة أين نصرة الله في لسانك؟
أين نصرة في في يدك؟
أين نصرة الله في قلبك؟

ألم يقل الحبيب صلى الله عليه وسلم:«احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، واعمل لله بالشكر واليقين، واعلم أن الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً» (الأحكام الشرعية الكبرى:3/333، صحيح).
                    
انصري الله في قوة التزامك ودينك، انصري الله بكلمة حق تجري على لسانك، انصري الله بيدك بالدعوة إليه وفيما تمتلكينه بيدك، لا تضعفي فأنت على الحق، لا تتردي فأنت على جادة الصواب، ولا تيأسي من الحديث حولك، أو المعترضين على كلامك، واعزمي واعقدي التوكل على الله فوالله لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ولو اجتمعوا علينا.

كوني قوية بذاتك، كوني قوية بإيمانك، كوني قوية بخالقك، كوني قوية بتوكلك على الله فلعل الله بكلمة تنفرج بها أحوالنا، بدعائنا الصادق، بصدق لجوئنا إليه، «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ، احرِص على ما ينفعُكَ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ، وإن أصابَكَ شيءٌ، فلا تقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا، ولَكِن قل: قدَّرَ اللَّهُ، وما شاءَ فعلَ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ»
(صحيح مسلم:2664).

أخيتي يا ضيّ عيني، ويا سلوى الفؤاد: انصري الله في الأرض لينصرك رب السماء والأرض..
انصريه بالحفاظ على دينك، فرائضك، بحجابك، بإيمانك، بإسلامك، بدعوتك، بيقينك وحسن ظنك لينصرك الله بفرجه، وتسهيل أمورك، ومحبتك، ومحبة خلقه، ونصرك، ألم يقل الحبيب صلوات ربي وسلامه عن الله عز وجل:«إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيُحِبُّه جبريلُ، فينادي جبريلُ في أهلِ السماءِ: إن اللهَ يحبُ فلانًا فأحبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له القَبولُ في الأرضِ»
(صحيح:3209).

كيف يحبنا الله إن لم ننصر دينه على أنفسنا وقلبنا وجوارحنا، ومن حولنا وأقربائنا، وذوينا كيف؟ !
وفي الختام أسأل الله أن يُثبتنا على دينه وينصرنا على الحق، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

  • 6
  • 0
  • 5,267

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً