وصلت لمرحلة الانفصال العاطفي مع زوجي
وتذكري حسنات زوجك، واعلمي أن الحسنات تمحو السيئات، وأسرعي إليه بعطفك وحنانك، وتواضعي له، وحافظي على عشك الصغير، قبل أن يطير صاحب العش لعش آخر، يجد فيه راحة باله فحينئذ ستندمين وقت لا ينفع الندم.
السؤال:
السلام عليكم..
أنا متزوجة من 12 عامًا، ولي ثلاثة أولاد، لم أشعر بالقبول ناحية زوجي وقت تقدمه؛ بسبب اختلاف النسب والتباعد التعليمي والفكري واختلاف الثقافات، والأهم عدم الارتياح النفسي، وبسبب شخصيتي الضعيفة اقتنعت به كزوج؛ بسبب إقناع أهلي لي خاصة وأنا لي تجربة عقد قران سابقة، فهدفهم كان تزويجي..
أما زوجي لا يقبل الانتقاد والتوجيه وهو سلبي، ضعيف، ملتزم دون بصيرة، صعب التفكير، وغير طموح، منغلق، ولا أخفي أنه ملتزم مقيم للشعائر الدينية ولله الحمد، لكنني الآن وصلت لمرحلة الانفصال العاطفي، لا أُكن له أي نوع من أنواع المحبة، احترام فقط وأخشى فقده، منذ فترة ألح بالانفصال أي الطلاق، أصبحت الآن أبكي ليلاً ونهاراً، لا أطيق حتى سماع صوته أو أي شيء له أو منه أو معه.
أقسم لكم ما يحدث رغماً عني.. هل أنا على صواب، أم ماذا أفعل؟
الجواب:
أصبحت حالة الرتابة بين الأزواج قضية العصر، تجمدت المشاعر عند البعض منهم وتقوقعت وظلت يومًا بعد يوم تصل إلى حد الضمور، وأصبح كل واحد من الزوجين يحدث نفسه سرًا.. ما السبب؟!
فالزوجة تبحث في دفاترها القديمة وتقول لنفسها: "ربما أنني أخذته ووافقت عليه دون قبول وعدم اقتناع به قبل الزواج!"، ورغم أنه لم يعجبها الفارق الاجتماعي والنسبي، ولا طريقة تفكيره ولا الفارق التعليمي؛ لكنها وافقت عليه! وسبب ذلك الرضوخ لما يقوله بعض عوام الناس ساخرين: "ظل رجل أفضل من ظل حائط!".
أو الخوف من مشكلة زواج سابقة، فمبرر الموافقة هو الخوف من العنوسة، لكن في نهاية المطاف تمت الموافقة وتم الزواج، وعليك أن تعلمي أيتها الزوجة أمرًا هامًا: أنك منذ أن دخلت بيته وأغلق عليكما باب واحد انتهت كل الفوارق، وتلاشت كل الموانع التي تدعينها، وصار عليك واجب الزوجة ولك حقوقها.
فبين الزوجين تنتهي كل الفوارق، فالغني أمام زوجته -المحبة له والمحب لها- يصير فقيرًا، وذات الحسب والنسب -أمام عناية زوجها لها وحبه لها وحبها له- تصير إلى فطرتها الأساسية المرأة والزوجة، والأم والراعية لبيتها، بل ويطالبها دينها بالسمع والطاعة والولاء له.
لكن أحب أن ألمح إليك أن الفوارق الظاهرة والمدعاة بعد الزواج هي التي يتسبب فيها الزوجان، فالمرأة الحكيمة العاقلة هي الوحيدة بذكائها تستطيع أن تتغلب على ما تعاني منه، فإن كانت ترى أن زوجها أقل منها في أشياء فلا داعي لإخباره بذلك، أو توجيه النصيحة المباشرة له، لأن ذلك لا يقبله الكثير من الأزواج لشعورهم أن ذلك يخدش قوامتهم.
فينبغي عليك عندما تجدين زوجك أقل منك في أشياء معينة، لك طريقتان: إما أن تحاولي الارتفاع به في تلك الأشياء بصورة غير ملحوظة منك، أو تحاولي التواضع والتنازل إلى أن تصلي أنت إليه، فتعاملينه على مستواه وطريقته في التفكير، فيكون ذلك منك قوة وليس إذلالاً، أي تأخذيه على هواه ما دام هواه يرضي الله ولا يخالف دينه، فإن خالف رضا الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..
فلا داعي للاستعلاء عليه مهما كان، واعلمي أن زواجكما مر عليه 12 عامًا، فهل انتبهت لتلك الفوارق الآن وفقط، وبعد ثلاثة أولاد؟!
فعليك أيتها السائلة أن تراجعي حساباتك، فقد أمرنا وأرشدنا ديننا العظيم بالتدقيق قبل الخطبة، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إذا آتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه...» (صحيح الجامع: 270، وحسنه الألباني).
والآن أنت حكمت عليه بأنه صاحب دين ومقيم للشعائر الدينية، لكنك هاجمت فيه أنه ملتزم دون بصيرة، فإن كانت فطرته الطيبة جعلت منه ملتزمًا لدينه مقيما لشعائره، فما هذه البصيرة التي تتحدثين عنها؟! فلا تفرحي بصاحب العلم المرائي ولا المجادل، ليظهر بصورة أمام الناس تخالف داخله وتبطن أمراض قلبه، وتخفي عيوب نفسه، فلا تنخدعي بالمظاهر.
فهذا شريكك 12 عامًا، فكيف لم تستطيعي أن تصلي إليه؟ فهل انطمست أمام عينيك كل سلوكياته الطيبة؟ فأصبح الشيطان يظهره أمام عينيك بتلك الصورة؟! ألا تذكرين له حسناته؟ إن هذه التصورات ما هي إلا وسوسة من الشيطان؛ ليفرق بينك وبين زوجك صاحب بيتك وأب أولادك.
فهل قرارك في إلحاحك بالطلاق لشعورك بالفراغ العاطفي عندك؟ إن كان هكذا فقد فكرت في نفسك فقط وتركت محاولة الإصلاح أو التواصل مع زوجك، بل وتريدين أن تبطشي بأقدامك أولادك ومستقبلهم، فالمرأة الطيبة تبحث بكل الطرق عن أبواب التواصل مع زوجها، عن طريق الكلام أو النظرات، أو أي طريق آخر تستطيع أن تقرب زوجها إليها، حتى تنتهي هذه الرتابة والجمود التي أوقعت في نفوس الأزواج هذه القرارات المخربة لبيوتهم -قرارات الانفصال-.
أيتها السائلة:
لا شك أن القبول بالزوج قائم على التكافؤ بين الزوجين، ولا خلاف على ذلك، لكن إذا وقع القبول ثم الزواج وإنجاب الأولاد، بعد اثنا عشر عامًا من الزواج، فهل يكون التحجج بعدم التكافؤ مقبولاً للانفصال؟!
إن الطلاق ليس هو الحل إلا بعد انسداد السبل جميعها، لكن الحل في نفسك، فالقبول النفسي الذي تتحدثين عنه لا بد أن تغيرينه من داخلك، فلا تضيعين صحبة اثنا عشر عامًا بقرار قائم على تغيير نفسي، وتذكري حسنات زوجك، واعلمي أن الحسنات تمحو السيئات، وأسرعي إليه بعطفك وحنانك، وتواضعي له، وحافظي على عشك الصغير، قبل أن يطير صاحب العش لعش آخر، يجد فيه راحة باله فحينئذ ستندمين وقت لا ينفع الندم.
وأنصحك باستشارة الخبراء العارفين القريبين منك والحريصين عليك، وتوسطهم بينكما لإصلاحه ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وعليك مواصلة الدعاء لله تعالى أن يجعل زوجك وأولادك قرة عينك، وأن يبعد عنكما ذلك الشيطان اللعين، وأن يوصل بينكما المحبة والألفة والمودة فالله تعالى قريب مجيب لمن يلجأ إليه.
أميمة الجابر
- التصنيف:
- المصدر: