أماه... لا تهدمي بيتي
رؤية واقعية لدور الأم تجاه ابنتها
إن أسعد لحظة ترتقبها كل أم منا أن ترى ابنتها في ثوب عرسها ذاهبة إلى بيت زوجها لتبني حياة جديدة لتكون لبنة تضاف إلى لبنات مجتمعها، ولتنشئ بيتا صالحا ترفرف عليه السعادة الإيمانية ويخرج منه نبت صالح يحمد الله ويشكره.
ولا شك أن معظم الأمهات يحملن تلك الأمنيات بنية صادقة، لشعور كل أم أنها بذلك قد أكملت مهمتها مع ابنتها، ولتدعها تبدأ حياتها الزوجية معتمدة على نفسها مع مساعدة الأم لها في كل خطوة.
ولكن الأمنيات الطيبة لا تكفي وحدها لبلوغ هذا الهدف المنشود، لأنه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه "كم من مريد للخير لا يبلغه"، فتتصرف كل أم تصرفا مختلفا -بحسب وجهة نظرها- في كيفية إدارة علاقتها مع ابنتها المتزوجة حديثًا، وإدارة علاقتها ببيت ابنتها وما يتخذه من قرارات تبعًا لما يتعرض له من مواقف.
فتلجأ بعض الأمهات إلى ترك بناتها بالكلية لتتصرف كما يحلو لهن، فلا يكون للبنت مرجع ترجع إليه في تصرفاتها ومعالجة أخطائها، بينما تلجا أخريات إلى تكبيل البيت الجديد بسلطة فوقية قاهرة، وهي سلطة الأم على ابنتها مما يثير المشكلات بين الزوجين، وتقع البنت تحت ضغط شديد بين طاعة زوجها وهي واجبة عليها، وبين بر الأم المفروض عليها، ويقع الخطأ في ذلك على الأم التي أوقعت ابنتها في هذا المأزق.
وكلا التصرفين خطأ واضح، فينبغي على الأم أن تساهم في إقامة ذلك البيت الجديد معنويا بدعمه باستمرار، ولكن في غير إهمال له ولا تدخل مباشر في كل تفاصيله، حتى لا يهدم ذلك البيت وحتى لا تُضطر البنت لأن تناشد أمها... أماه لا تهدمي بيتي.
وبداية لا أريد أن يُفهم كلامي على أن دور الأم في حياة ابنتها بعد زواجها سلبي دائمًا، بل أقول أن الأم لابنتها كنز لا يعوض، ولا تقدر قيمته إلا من حرمت منه، وأوقن أنه مهما تكبر المرأة وتتزوج وتنجب وتنشئ أسرة، وربما تصبح جدة، إلا أنها تحن دائما لاحتضان لم ولن تشعر بمثله في حياتها، ولن يعوضه احتضان غيرها، وأشهد أني رأيت سيدة كبيرة في السن أصبحت جدة بالفعل، رأيتها يوم وفاة أمها تبكي بحرقة وشرود وكأنها طفلة صغيرة تخاف من طريق مظلم لا تعرف فيه سبيل الوصول لبيتها.
والأم كنز تربوي لابنتها فهي الوحيدة التي تستطيع أن تتعامل مع ابنتها مهما كبرت على أنها لا تزال الطفلة التي توجهها وتعلمها، وهي الوحيدة أيضا التي تستطيع معاتبة ابنتها وتقريعها دون مداراة ولا قلق ولا خوف من حدوث أزمة.
والأم هي البوصلة التي تستطيع أن تعيد البنت إلى جادة الطريق فلا تحيد عنه، وهي كنز خبرة وتجربة وحكمة، فلا غنى للبنت عن أمها في كل مراحل حياتها.
وغالبا ما يكون تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة حديثًا على نوعين:
- تدخل ايجابي مصلح للبيت، تكون الحاجة إليه كمثل الحاجة للدواء حين يطلب المرء الشفاء، فتنصح وتوجه وتعالج المشكلات دون التدخل في التفاصيل اليومية الروتينية، ودون أن يكون لها سلطة فعلية في قرارات الزوجين، ويكون تدخلها في التفاصيل بطلب الزوجين إن لم يستطيعا حسم مسالة أو الاتفاق على قرار إن اختلفت وجهتا النظر، فيكون حضورها قويًا ومؤثرًا وخاصة أن صهرها يمكن أن يقتنع برأيها كسيدة كبيرة ناضجة تقع منه بمنزلة الأم، وبالطبع يكون لها أيضًا التأثير المقنع على ابنتها إن رأت أن الحق والصواب في جانب رأي زوجها.
- تدخل سلبي مرفوض، وهو أن تتدخل في كل شأن في حياة ابنتها منذ أن تبدأ أولى مراحل الزواج، فتتدخل في التفاصيل الدقيقة من تجهيز مسكن الزوجية وكيفية الإنفاق وتوجيه الدخل وترتيب المنزل لدرجة أنها تتدخل في الطعام والشراب، وبالطبع تحكي ابنتها لها كل تفاصيلها اليومية وتفاصيل علاقتها الأسرية، وساعتها لا يسكن للزوج سر عند زوجته إذ يجد أن سره بعد مرور عدة دقائق فقط عند أم زوجته -إن لم يكن عند أطراف أخرى كذلك- فيشعر الزوج بحصار خانق، وتزداد المشكلات بينه وبين زوجته، وربما تتصاعد لكي نصل بعد فترة قصيرة إلى أن يطلب أحد الزوجين الانفصال عن الآخر.
وأعرف زوجة كانت لا تأخذ قرارًا يوافق رأي زوجها إلا بعد استشارة أمها، فلا تخرج ولا ترجع إلا بمشورتها، ولا تلبس رداءً إلا وتستشيرها فيه، ولا تطهو طعامًا لزوجها إلا بعد أن يصل خبره منذ أن يكون خاطرًا إلى أم زوجته، لدرجة أن ضاق الزوج ذرعا بذلك، وشعر أنه وكأنه محكوم عليه بالحجر في زواجه، وأن عليه قبل أن يطلب من زوجته أي أمر أن يعرضه على والدتها أولا كطريق أيسر لبلوغه هدفه، وانتهى الأمر إلى المصير المؤلم
وللتدخل الايجابي والسلبي من الأم أسباب ينبغي أن نتفهمها لنتعامل معها:
- أسباب عاطفية:
فالمرأة بطبيعتها عاطفية، وأشد ما تكون عاطفة تجاه الضعيف من أبنائها ذكرًا أو أنثى، وحبها لابنتها فطري لكون البنت بطبيعتها أكثر عاطفة من الذكور، ولكثرة تواجدهما معا، فتشعر الأم بعد زواج ابنتها أن قطعة من جسدها قد اقتطعت منها، فتحب أن تُبقي حبل الوداد موصولًا وكأنه لم يتغير في شأن البنت شيء، ولهذا قد تحزن الأم كثيرًا -إذا كانت قليلة الخبرة- إن قررت البنت أن تحافظ على أسرار بيتها ولم تبح بها لأمها، وقد ترسل برسائل ضمنية أو صريحة بوجوب بر البنت بأمها أن تكون معها كما كانت قبل زواجها لتعود لتحكي لها كل ما قابلها، ولهذا إن لم تكبح الأم هذا الجانب العاطفي قد يتحول التدخل الايجابي منها في بداية زواج ابنتها إلى تدخل سلبي يضر بابنتها وببيتها الوليد.
- أسباب من الأخطاء المتراكمة:
قد تخطئ الأم بداية بعدم تأهيل ابنتها لتحمل مسئولية الزواج وتحمل مسئولية زوج وأسرة وبيت، فكثير من الفتيات يدخلن عالم الزواج دون إعداد كافٍ لذلك، فتجدها من الأيام الأولى لها لا تحسن أداء أي عمل منزلي، وقد يتحمل الزوج ذلك في البداية وخاصة مع الأيام الأولى التي تتميز بالسعادة ويسميها الناس ب(شهر العسل)، ولكن ما إن تنقضي تلك الفترة إلا وتجد البنت نفسها في مأزق حقيقي، فلا تحسن إدارة بيت ولا أداء حق زوج، وتشعر أن جبالًا ضخمة قد ألقيت على رأسها فجأة، فلا سبيل لها سوى طلب المساعدة من أمها، وخاصة إن صاحبت تلك الفترة بداية حمل، فتضطر أم الزوجة للتدخل في كثير من الأمور -حتى لو لم تكن راغبة- لكي تصلح خطأها الأول بخطأ ثان أكبر وأفدح، وربما ينقلب التدخل الايجابي في البداية لتدخل سلبي بعد ذلك، إذ أن الفتاة التي لا تعرف التعامل في بيتها لتلبي حاجاتها وحاجات زوجها فقط لن تحسن التعامل بعد ذلك لوجود ضيف صغير لا تعرف عن عالمه شيئا، ويصبح تدخل الأم -الغير مرغوب فيه والمقبول على مضض- تدخلًا حتميًا ولازمًا، ويشعر الزوج بعدم راحة في بيته.
- أسباب اقتصادية:
في كثير من الأحيان قد يتقدم شباب للزواج وهم في مقتبل حياتهم، وقد يكونون على حالة مادية أقل من أهل الزوجة، أو ربما يكونون في مستوى اقتصادي عائلي مرتفع ومتناسب مع أهل الزوجة ولكنهم يريدون تكوين أنفسهم بأنفسهم دون الاعتماد على أهليهم -وهذا سلوك محمود- وتعيش البنت معه على دخله الغير متناسب مع ما كانت تعيش عليه قبل ذلك، وتشكو البنت لأمها، فتتصرف بعض الأمهات تصرفًا خاطئًا، إذ تحاول أن تدعم البيت الجديد ماديًا دون أن يعرف الزوج في البداية، إلى أن يصبح الأمر بعد ذلك عاديا ويعتاده الزوج، فتؤثر بفعلتها هذه على البيت الجديد إذ تساهم في هدمه بسرعة، إذ أن لأصحاب الإنفاق كلمة ورأي، وسيتدخل في كل كبيرة وصغيرة في إنفاق المال الذي يدفعه، مما يسلب الرجل بعد فترة استقراره وهدوءه، ويشعر أن العلاقة الزوجية بينه وبين زوجته مرتبطة على الدوام برضا أم زوجته عنه، وحرصه على عدم مخالفتها، وهذا معول هدم للبيت الذي أرادت الأم بحسن نية أن تقيمه وتساعده على البقاء.
وهناك أسباب أخرى لا مجال لحصرها مثل الأم المتسلطة والأم الوحيدة والأم التي تقيم ابنتها وزوجها معها وغيرها.
كيفية التخلص من تلك الأزمة:
إن هذه الأزمة التي تحدث من الأم والتي تسهم بقوة في تقويض بيت ابنتها لن تكون أبدا برغبة من الأم في هدم ذلك البيت، فلا توجد أم إلا وترغب في أن تعيش ابنتها في سعادة وهناء وأن يستريح بالها من ناحيتها، ولهذا لا بد في التعامل مع الأم ألا يشعرها أحد بأنها تفعل هذا بسوء نية أو أنها تريد شرًا بالبيت الجديد، ولكن الأمر لا يعدو كونه عدم تقدير للموقف وعدم معرفة مآلات الأمور التي يجب على كل أم الانتباه لها.
ونقسم المقترحات لتلافي المشكلة أو معالجتها إلى مرحلتين أساسيتين:
أولًا: قبل زواج البنت:
- فك الالتصاق التدريجي:
يجب أن تعي كل أم أن تسير وفق الاتجاه وأن سيرها عكس الاتجاه سيضر بها وبابنتها عاجلًا وآجلًا، فمنذ اللحظة الأولى عندما تكون البنت في أحشاء أمها يكون الالتصاق بينهما تاما وكاملا، وتعتمد البنت عليها في كل شيء حتى في التنفس، وكلما مر الوقت وصار الجنين وليدًا يجب أن يقل اعتمادها على أمها تدريجيًا، فاعتمادها على أمها وهي طفلة لا بد وأن يقل كلما كبرت، ويجب أن تحرص الأم على ذلك، فتحررها من أسر الاحتياج لها في شئونها الخاصة، وتعطيها الثقة لتختار ملابسها وألوانها وشراء مستلزماتها -حتى وان أخطأت، فلابد أن تخطئ لكي تتعلم وتتحرر-، ولكن الخطأ الأكبر حينما تصر الأم أن تقف في مكانها أو تسير عكس عقارب الساعة، فتزيد من التصاق البنت بها واعتمادها عليها في كل شأن من شئونها، وهذه البنت التي تتربى هذه التربية لا بد وان تشعر أنها ريشة في مهب الريح عند أول ليلة من زواجها إذ تريد قطعا أن تعود لامها في كل شيء كما عودتها أمها.
- مناقشة لا أوامر:
تحتاج كل بنت من أمها في بداية حياتها لكمية من الأوامر والقليل من المناقشة لكي تستقيم حياتها، ولكن كلما كبرت البنت يجب أن تقل مساحة الأوامر ويستبدل بها المناقشات، حتى تصل إلى أن تكون الأيام الأخيرة قبل زواجها مرحلة المناقشة والإقناع فقط ولا أوامر فيها، لتستكمل فيها بناء شخصية ابنتها المتفردة، ولكي تتكون عندها الشخصية السوية التي لا تشعر بالخوف والاضطراب الشديدين والمبالغ فيهما والأرق الدائم في الأيام الأخيرة قبل الزواج، لخشيتها من المسئولية التي لم تتعود أن تتحملها عن نفسها فضلا على أن تتحمل مسئولية غيرها.
- حصص التدبير المنزلي:
يقولون أن "الأم النشيطة تعلم أولادها الكسل"، إذ أنها برغبة منها في تحمل كل الأعباء عن أبنائها لا تطلب منهم شيئًا في مساعدتها، فيربون على الكسل والاسترخاء والراحة، وينتظرون أن تلبى كل طلباتهم في كل مكان، وعندما تتزوج البنت تفاجأ بواقع مختلف، إذ أن عليها الآن أن تقوم بمهمة أمها التي لم تعتدها قبل ذلك، ولهذا فلا بد للأم أن تصحب ابنتها معها لتعليمها التدبير المنزلي في كل خطوة في الشراء -أن كانت هي من تخرج للشراء- وفي شئون البيت ودخول المطبخ وغير ذلك لتكون يدًا بيد مع أمها في كل شيء، وتحاول أن تزيد الاعتماد على ابنتها تدريجيًا، وتتحمل أخطاءها وتعلمها في بيتها كيفية إدارة بيت ستكون البنت فيه المسئولة الأولى وستحاسب على أخطائها فيه.
- حصص التدبير المالي:
يختلف التدبير المالي عن التدبير المنزلي، إذ أن مهمة التدبير المنزلي أيسر بكثير من التدبير المالي، فقد يحلو لبعض الأزواج -وهم نسبة ليست بالقليلة- أن يعطي زوجته في أول كل شهر مبلغًا معينًا من المال لكي تنفق زوجته على شئون البيت الداخلية، ويحتفظ هو بمبلغ لنفسه ليواجه مطالب البيت الخارجية، وربما يحدث ذلك قسرًا إذا كان الزوج من أهل السفر، فيجب على الأم أن تربي ابنتها تربية مالية لتشترك معها في صرف مبلغ شهري محسوب بدقة لتعليمها أن للشراء أسسًا تبدأ بالأهم قبل المهم ثم الاعتيادي ثم الكمالي، فلا تقدم ما يستوجب التأخير ولا تؤخر ما يستوجب التقديم، ولكي تتعلم حتى وان كانت من أهل اليسار فلا يعلم أحد الغيب إلا الله والنعم لا تدوم -نسأل الله أن تدوم النعم للمؤمنين- فلا بد عليها من تجربة ذلك مرات عديدة لتفشل أكثر من مرة ثم تعتاد النجاح بالوصول لنهاية الشهر وهي في بر الأمان.
- الزواج ليس بيتًا واركانًا فقط:
يجب أن تعلمها أمها أن نجاحها في الزواج لا يرتبط بالجانب المادي فقط، لأنها ستتعامل مع رجل لا تعرفه حتى الآن، وأن عليها واجبات تجاه هذا الرجل، فتعطيها الأم من خبرتها في حياتها من أبيها، وتعلمها أن حياتهما معا لا تسير وفق ما تراه البنت فقط، فكثيرًا ما تثور بينهما اختلافات في وجهات النظر، وتريها أنها كيف تغلبت عليها وساهمت بجهدها في الإبقاء على البيت، وأن هناك فنونا يجب أن تتحلى بها كل زوجة، وأن للرجال سمات وطلبات -في غالبها- مشتركة، وكيفية التعامل معهم أيضا في غالبها واحدة، وهذه التنبيهات يجب أن تتكرر كثيرا وتستدل على ذلك بالتحدث كثيرًا عن سلوكيات والدها وردود أفعاله وكيف تجنبت غضبه وكيف تعايشت مع عيوبه، وتعلمها أن زوجها سيبادلها حرصا بحرص لكي توقن البنت أنه بإمكان كل إنسان أن يستخرج من الذي أمامه أحسن ما في سلوكه وبإمكانه أيضا أن يستخرج منه أخبث ما فيه.
ثانيًا: بعد زواج البنت:
- الوقوف بحزم تجاه إذاعة أسرار بيتها منذ الليلة الأولى لزواج البنت، وبعدها بقليل ستحاول البنت أن تمارس مع أمها نفس الدور السابق، وستبدأ في حكاية كل موقف تعرضت له، بدافع من حب الأم ولإشعارها بأنها لم تصبح رقم اثنين في حياتها، فيجب على الأم أن تنبهها أنها ترحب بأن تستمع لكل كلمة من ابنتها ولكن هناك أسرارًا يجب أن تحافظ البنت عليها، فما يخص بيتها وزوجها وطبيعة تعاملهما وطبيعة عمله ومشكلاته وكل ما يبوح به إليها لا يُسمح لها أن تتحدث فيه معه أحد وأولهم أمها، لا لكونها لا تستحق منها ذلك، ولكن لكون الزوج صار أعظم حقًا على زوجته من أمها، فالشرع الذي أباح للزوج أن يرى من زوجته ما حظره ومنعه على أمها وأبيها يعطيه الحق عليها في أن يكون سره محفوظًا عندها فلا تطلع عليه أحدًا، وبهذا تغلق الأم أول أبواب الفتنة ويكون ذلك بطلب منها لا برغبة من البنت وحدها.
- وقد تبدأ الفتاة من الشكوى المادية -لقلة مال أو لبخل حقيقي أو متصور في الزوج-، فلا تتصرف الأم بعاطفتها لمحاولة علاج ما تتعرض له ابنتها، بل يجب عليها حث ابنتها دوما على أن تتوافق مع ظروفها المادية أو طبيعة زوجها، وأن تحاول أن تحل مشكلتها معه بهدوء وروية وتعقل، دون أن يشعر أنها تشتكي منه لأنه سيزيد من مشكلتها ولن يكون حلًا، ولا تحاول الأم سؤال ابنتها عن ذلك الأمر ثانية إلا إذا فاتحتها البنت بعد ذلك، فأحيانا يكون السؤال بابا لتذكر المآسي التي يتأقلم ويتعايش الإنسان معها، ولا مانع من إهداء الأم لابنتها شيئا من حين لآخر دون مساس بمشاعر الزوج.
- قد تشتكي البنت من بعض تصرفات زوجها وخاصة في المسائل العصبية أو الانشغال أو نحوه، فتضع الأم نصب عينيها شيئين مهمين لا يمكنها السكوت عليهما ولا بد من التوقف عندهما، وهما ألا يطلب منها لنفسه أو لغيره شيئًا محرمًا والثاني ألا يكون في تصرفه قولًا أو فعلًا ما يهدر كرامتها -حقيقة وليس ادعاء- فهذان يحتاجان لتدخل الرجال أيضًا، أما غير ذلك فلا بد من نصحها بالصبر واتخاذ الوسائل المعروفة التي تقرب بينها وبين زوجها وأن تستغل كل لحظة حسنة بينهما في أن تقرب المسافات بين حاله والحال الذي تريده عليها.
فعلى الأم أن تترك ابنتها مساحة للتجربة والخطأ في البدايات في الزواج، فلا تتدخل في ذلك، ليبدأ الزوجان حياتهما وليخوضا تجربتهما، مع عدم التخلي كلية عن ابنتها وتعهدها بالنصائح العامة دومًا، وبعد فترة سيتفقان معًا، فستعرف هي ما يحبه وما يكرهه، وستعرف ما يغضبه مما يرضيه، فتدعهما لحنكة التجربة لتنضجهما معا ولينتقلا من طور إلى طور ومن مرحلة إلى مرحلة، فكل البدايات كانت كذلك ولم تفسدها إلا تدخل الأطراف الأخرى بين الزوجين.
سلوى المغربي
- التصنيف:
- المصدر: