لا تحزن - اطردِ المَلَلَ مِنْ حياتِكَ

منذ 2014-05-04

ومن يتأمَّلِ العباداتِ، يَجِدْ التنوُّعَ والجدَّةَ، فأعمالٌ قلبيَّةٌ وقوليةٌ وعمليةٌ وماليةٌ، صلاةٌ وزكاةٌ وصومٌ وحجٌّ وجهادٌ، والصلاةُ قيامٌ وركوعٌ وسجودٌ وجلوسٌ، فمنْ أراد الارتياح والنشاط ومواصلةَ العطاءِ فعليهِ بالتنويعِ في عملِهِ، واطلاعِهِ وحياتِهِ اليوميَّةِ.

إن مَنْ يعِشْ عمرَهُ على وتيرةٍ واحدة جديرٌ أن يصيَبهُ المللُ؛ لأن النفس ملولةٌ، فإنَّ الإنسانَ بطبعهِ يَمَلُّ الحالةَ الواحدةَ؛ ولذلكَ غايَرَ سبحانَهُ وتعالى بين الأزمنةِ والأمكنةِ، والمطعوماتِ والمشروباتِ، والمخلوقاتِ، ليلٌ ونهارٌ، وسهلٌ وجَبَلٌ، وأبيضُ وأسودُ، وحارٌّ وباردٌ، وظلٌّ وحَرُور، وحُلْوٌ وحامضٌ، وقدْ ذكر اللهُ هذا التنُّوعَ والاختلافَ في كتابِهِ: {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} {مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}.

وقد ملَّ بنو إسرائيل أجود الطعامِ؛ لأنهمْ أداموا أكْله: {لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ}. وكان المأمونُ يقرأُ مرةً جالساً، ومرةً قائماً، ومرةً وهو يمشي، ثم قال: النفسُ ملولةٌ، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}.

ومن يتأمَّلِ العباداتِ، يَجِدْ التنوُّعَ والجدَّةَ، فأعمالٌ قلبيَّةٌ وقوليةٌ وعمليةٌ وماليةٌ، صلاةٌ وزكاةٌ وصومٌ وحجٌّ وجهادٌ، والصلاةُ قيامٌ وركوعٌ وسجودٌ وجلوسٌ، فمنْ أراد الارتياح والنشاط ومواصلةَ العطاءِ فعليهِ بالتنويعِ في عملِهِ، واطلاعِهِ وحياتِهِ اليوميَّةِ، فعندَ القراءةِ مثلاً ينوِّعُ الفنونَ، ما بين قرآنٍ وتفسيرٍ وسيرةٍ وحديثٍ وفقهٍ وتاريخٍ وأدبٍ وثقافةٍ عامَّةٍ، وهكذا، يوزِّع وقته ما بين عبادةٍ وتناولِ مباحٍ، وزيادةٍ واستقبالِ ضيوفٍ، ورياضةٍ ونزهةٍ، فسوفَ يجدُ نفسَهُ متوثِّبةً مشرقةً؛ لأنها تحبُّ التنويعَ وتستملحُ الجديدَ.

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 4
  • 0
  • 2,308
المقال السابق
سعادةُ الصحابةِ بمحمدِ (3)
المقال التالي
دعِ القَلَقَ (1)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً