لتكوني راية على رأسها نور
دور الحجاب في الإسلام الحفاظ على الخاص ليتألق في الدوائر الخاصة، وإطلاق القدرات البشرية دون الالتفات إلى جنسها، لتتألق في الميدان العام للمنفعة العامة دون ملهيات ولا معطلات ولا محددات، الحجاب أراد لك أيتها المحجبة أن تكوني مُعرفة في كل شيء، على مستوى الأخلاق والإيمان..
محجبة أنا بحمد الله من الصف الأول، يوم كنت ألبس الحجاب يومًا وأخلعه اليوم الثاني، وعلى فساتين بأكمام قصيرة وبشعري ظاهر من الأمام والخلف، وقد أنساه مرات كثيرة، إلا أن الحجاب كان في حياتي قبل الوعي في شخص أمي وكل من حولي، فوقعت في حبه من أول مرة ارتديته حتى غدا جزءًا من كينونتي وشخصيتي، ارتديه طاعة وقناعة وفخرًا كأن الدنيا بكرامتها وجمالها حيزت لي به.
إلا أنني برغم ٣٢ سنة من الحجاب بالكاد نجحت في امتحان بالصور تحت عنوان (هل تستطيع أن تميز دينها من حجابها؟) ورابطهhttp://www.judaism-islam.com/quiz-can-you-tell-her-religion-from-her-head-covering/ والهدف منه بيان أن الحجاب أو غطاء الرأس للنساء موجود في كل الأديان السماوية والمذاهب الاخرى وأنه ليس رمزًا للقمع أو قيدًا!
فإذا كان الحجاب والحشمة موجودان في كل الأديان ومناسبان للفطرة، وبالمقابل التكشف مستنكر وخطيئة، فأين إضافة الإسلام لهذا الرمز، بل هذه الفريضة، وهو دين جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ويرتقي بما سبق من الفضائل؟! إذًا فلا بد أن معنى الحجاب ووظيفته مختلفة وتنطق بذلك الآية الكريمة: {..أَن يُعْرَفْنَ..} [الأحزاب:59]، فالله سبحانه وتعالى أراد للنساء أن يصبحن معرفة وأعلامًا، ورايات بهذا الحجاب بعد أن عشن في جاهلية الظلم والاستنقاص من بشريتهن وحقوقهن ودورهن، ظهر هذا الانقلاب في المفاهيم ملازمًا لنزول آية الحجاب، فخرجت النساء إلى المسجد في صلاة الفجر بكل حرية وأمان إلى مركز الدولة للفعالية، والتلقي والعطاء..
اكتست المدينة بالحجاب وصارت المرأة المسلمة معروفة ومُعرفة، وبدأت عهود من العمل والبناء كانت النساء فيها في قلب الحدث، حتى عندما كان مجرد حلم وبشرى ورؤيا، فها هي أم حرام بنت ملحان تسمع عن إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن القوم الذين يركبون البحر -أول غزوات البحر- فتسارع بالطلب أن تكون منهم، لا تمنعها أنوثتها ولا ضعف المرأة، ولا كل ما نعرفه من مثبطات، ويقرها الرسول على طلبها، بل ويزيد أنها من الأوائل.
هذا هو دور الحجاب في الإسلام، الحفاظ على الخاص ليتألق في الدوائر الخاصة وإطلاق القدرات البشرية، دون الالتفات إلى جنسها، لتتألق في الميدان العام للمنفعة العامة دون ملهيات ولا معطلات ولا محددات، الحجاب أراد لك أيتها المحجبة أن تكوني معرفة في كل شيء، على مستوى الأخلاق والإيمان أولاً، فتكوني مصحفًا يمشي على الأرض، ودعوة تمشي على قدمين، بل وجه الإسلام الظاهر للعيان، أو لا ترين أن العامة يظنونك شيخة الإسلام ومفتية الديار أحيانًا، فيسارعون إلى سؤالك عن أمور تخص الدين؟!
مُعرفة في طريقة حجابك والستر والجلال الذي يميزه عن غيره من الملابس، بصفاته وخصائصه التي نزل وشُرع من أجلها، مُعرفة بين أهلك ومعارفك بصلة الرحم وخفض الجناح والخدمة، معرفة في علمك فتكونين الأميز في دراستك وفي قسمك وبين أبناء جامعتك، فلو نسوا اسمك مع الأيام فلن ينسوا مثلاً أن الأولى على القسم كانت محجبة! أليس هذا ما نسمعه من الناس في حديثهم المتداول؟! معرفة في عملك بتميز الآداء والأمانة والحرص على الوطن، بالحجاب يجب أن تكوني الطبيبة الأكثر تميزًا، المهندسة الأكثر تفوقًا، المعلمة الاكثر انتاجًا، الأم الأنجح تربية، والجارة الأكرم خلقًا، وأكثر تواصلاً لتؤدي رسالة الحجاب.
هذا هو الحجاب الإسلامي وهذا هو دوره والقيام بحقه، وإلا فكثير من النساء في كثير من الأديان يلبسن غطاء وخرقة على الرأس، بل أن حجاب اليهوديات المتدينات غدا أستر من حجاب بعض بنات المسلمين التي تظن أنها إن أخفت شعرها فقد أدت ما عليها من فريضة وقامت بحق الحجاب!
يوم ساوانا الله بالأمر مع نساء الرسول كان درسًا منه سبحانه أن نلتفت إلى سيرة ومسيرة الحجاب في حياتهن أولاً، وإلى النقلة التي يجب ان يحدثها الحجاب في حياتنا وسلوكنا، لنستحق درجتهن والاجتماع بهن، لنحظى بدرجة أخرى وتكريم آخر اذا قمنا بمتطلبات الحجاب وهي: {..لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء..} [الأحزاب:32]، هذا التميز وهذه الرفعة الدنيوية والأخروية، هو ما يفعله الحجاب لمن ترتديه روحا وقلبًا وقالبًا وجسدًا وسلوكًا وعلمًا وعملاً، وبغير ذلك فأنت تنتقصين من الحجاب وصورته وأجره ودوره في المجتمع!
راية في رأسكِ نور تهدي الحيارى وتدلين على الخير وتنفعين الناس، هذا ما أراده الله لك بالحجاب، إذا لم تمشِ وأنت راضية النفس مطمئنة الجوارح مرفوعة الرأس مرفوعة الجناب، قوية الجنان قوية الإرادة واليد ثابتة الخطى واضحة الهدف، فأنت لم تتحجبي بعد، هذه كلها وهذا هو الحجاب، كل النساء قد يخترن أن يتغطين من رأسهن إلى أخمص قدميهن فما ميزة لباس التقوى إذًا إذا لم يكن له دور أعظم من كونه قطعة قماش؟!
ديمة طهبوب
- التصنيف:
- المصدر: