للعبد ربّ هو ملاقيه
كثير مِنَّا من يدخل تيه الدنيا فيأخذه التيه.. وكثير مِنَّا من ينسى وهو على هذا الجسر الهين القصير الذي يعبره بين مرحلة طويلة.. هي قبل ميلاده ومرحلة أطول هي ما بعد وفاته... ينسى المسكين أن له ربّ هو ملاقيه..
كثير مِنَّا من يدخل تيه الدنيا فيأخذه التيه..
وكثير مِنَّا من ينسى وهو على هذا الجسر الهين القصير.. الذي يعبره بين مرحلة طويلة.. هي قبل ميلاده ومرحلة أطول هي ما بعد وفاته... ينسى المسكين أن له ربّ هو ملاقيه..
كثير مِنَّا من يعمِّر بيته ويبالغ في العمران، وينافس أهل العمران، ويحاول سبقهم بما يستطيع في كماليات ليس لها أيُّ نصيبٍ من عمل الآخرة! ونسي المسكين أن له بيتٌ آخر هو لا محالة ساكنه... لم يهتم بعمرانه ولم يتذكر بنيانه..!
كثير مِنَّا من لم يهتم باسترضاء من بيده الملك والملكوت والعطاء والمنع.. وبذل في رضا الخلق كل ما يملك لينال منهم رضا أو عطاء هو فقط فتات ما بأيديهم..
ونسي المسكين أن الملك سبحانه عطاءه لا ينفذ غير مجذوذ، ويده سحاء الليل والنهار لا تغيضها نفقة فسأل الفقير واسترضاه، ونسي الغني ولم يطلب رضاه فهو وحاله سائر إلى الله.
هل راجعنا أنفسنا وتذكرنا أن لنا ربّ سنلقاه في أي لحظة وقد يكون الآن؟!
هل راجعنا أنفسنا وتذكرنا أن لنا بيتًا سنسكنه لا محالة وعلينا المبادرة في عمرانه؟!
هل راجعنا أنفسنا وطلبنا الرضا والعطاء ممن بيده الرضا والجود والعفو والصفح والدنيا والآخرة معًا؟!
قال ابن القيم رحمه الله -تحت عنوان تلك حكمة بالغة-: "للعبد ربّ هو ملاقيه وبيت هو ساكنه، فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه ويعمِّر بيته قبل انتقاله إليه" (الفوائد).
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: