خيِّرون ولكن..

منذ 2014-05-20

إن من الملاحظ أن لدينا نسبة جيدة بحمد الله من الشباب والكهول الخيّرين المتمسكين بأهداب الدين القويم، وهذا شيء يبعث الرضا في النفس، ويدعو إلى التفاؤل، لكن كثيرًا من هؤلاء يتلخص التزامه في عدد محدود من الأمور.

إن من الملاحظ أن لدينا نسبة جيدة بحمد الله من الشباب والكهول الخيّرين المتمسكين بأهداب الدين القويم، وهذا شيء يبعث الرضا في النفس، ويدعو إلى التفاؤل، لكن كثيرًا من هؤلاء يتلخص التزامه في عدد محدود من الأمور، فهم في الغالب لا يقعون في الكبائر، وإذا حدث ذلك فإنه يكون عبارة عن هفوة عابرة، كما أنهم يؤدون الفرائض، فهم يصلون ويصومون ويزكون، أي: إنهم على تخوم الالتزام.

ويمكن لك أن تلاحظ عليهم بوضوح أمرين أساسيين:

الأول: هو الغفلة والذهول عن التفكير فيما بعد الموت، وضعف الإحساس بمعية الله تعالى، وأنه مطَّلع عليهم، وهذا الإحساس هو الذي يولِّد الحب والخشية والحياء والتوكل والإنابة.. ويجعل للحياة طعمًا مختلفًا. إنك ترى الواحد منهم قد أدى الصلاة -غالبًا في بيته- دون أن يُسبِّح عقبها، أو يكون له ورد من ذكر أو قراءة قرآن أو قيام ليل..

 

الثاني: الانكفاء على الذات، حيث تجد أن دوائر اهتمامات الواحد منهم تضيق يومًا بعد يوم، حيث لا تشعر أنهم يهتمون بأخبار أرحامهم أو بلادهم أو أمتهم، إنهم مشغولون بأنفسهم -شغلتهم أنفسهم-، وبالمنتجات التقنية الحديثة، وحين تُحدِّثهم عن هموم المسلمين؛ فإنهم يُظهرون الضيق، ويبحثون عن وسيلة لتغيير مجرى الحديث!

 

إن مشكلة هذا الصنف من الناس تكمن في أمرين:
الأمر الأول هو: أنهم حرموا أنفسهم وأرواحهم من الصقل العظيم الذي يظفر به المكثرون للتنقل، والحريصون على أن تظل ألسنتهم وقلوبهم رطبة بذكر الله تعالى، وأولئك الذين لهم مشاركات تطوعية وخيرية جيدة.

 

الأمر الثاني هو: أن بنية التدين لديهم تكون هشة، فمن السهل أن يجد أحدهم نفسه بعد مدة، وقد صار يفرِّط في بعض الواجبات، ويقع في بعض الكبائر والمنكرات العظيمة.

 

والأخطر من هذا: أن درجة التزام كثير من أولادهم كثيرًا ما تكون أقل من درجة التزامهم، وفي هذا خسارة كبيرة جدًّا! قد آنَ الأوان لهذه الفئة الطيبة من الناس أن تستيقظ وتصحو من غفلتها، ففي التعبد والتقرب إلى الله تعالى، ومساعدة الناس؛ خير عظيم عاجل وآجل، بل إن ما ذكرناه هو الذي يجعلنا نشعر أن لحياتنا معنى، وأنها تختلف عن حياة الجماهير التائهة!

 

25/ 4/ 1431هـ.

المصدر: ملتقى الخطباء.
  • 0
  • 0
  • 1,306

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً