مخالفات النساء
معنى كاسيات عاريات: هو أن تكتسي المرأة ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية؛ مثل أن تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بَشَرَتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها، أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:35].
أما بعدُ عبادَ الله :
فقد جاء في صحيح مسلم عن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ قلتُ: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قالتْ: إني أُصرع، وإني أتكشف، فادعُ الله لي، قال: «إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيك»، قالتْ: أصبرُ، قالت: فإني أتكشف، فادعُ الله ألاَّ أتكشف، فدعا لها.
أيها المصلُّون لقد أحزن هذه المرأةَ ما يبدو منها حال الصرع وفقدان الوعي، علمًا أنه قد قال بعض العلماء: إنما الذي يظهر منها جزءٌ من الساق ونحوه؛ لأن النساء في ذلك الزمن يرخين الثياب شبرًا؛ بل أكثر، ولك أن تقارن بين حال هذه المرأة وبين حال جملة من النساء اليوم.
عباد الله:
كان أهل الجاهلية يئِدون البنات وهنَّ على قيد الحياة، ومن سلِمتْ من القتل والدفن فإنها تورث بعد وفاة زوجها كباقي المتاع، وجاء الحكم من الله بتوريثها وتحريم نكاحها مطلقًا على أبناء الزوج: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ..} [النساء:22]، وجاء الإسلام بإكرامها ورفع شأنها، فشرع لها حقوقًا وأحكامًا.
وسنقف هذا اليومَ مع بعض الأحكام المتعلقة بالنساء، والتي قد مسَّتْ إليها الحاجة، فمن ذلك ما يلي:
أولاً: أن يكون لباس المرأة عند النساء وعند محارمها ساترًا، واسعًا، لا يشف عن شيء من العورة، ولا يحجمها، ولا يشبه لبْسَ الرجال.
جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صنفانِ من أهل النار لم أرَهما: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسُهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلْن الجنة ولا يجدْن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا».
قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في جواب لها: "ومعنى كاسيات عاريات: هو أن تكتسي المرأة ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية؛ مثل أن تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بَشَرَتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها، أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها" (اهـ كلام اللجنة)، وللأسف الشديد، إن الناس اليومَ يجدون مشقة من البحث عن اللباس الساتر الأنيق، فللأسف الشديد إن أكثر المعروض في الأسواق من الألبسة المخالفة، ومع ذلك فعلينا الحرص على سلامة ديننا.
إخوة الإيمان:
إن من وظائف إبليس كشْفَ العوْرات؛ {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف:27]؛ لأن كشف العورات من أعظم أسباب الفحشاء والفساد؛ قال الله: {وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور:21].
وثانيًا: من الأحكام التي يكثر سؤال النساء عنها: تشقير الحواجب، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال بإباحته، ومن العلماء من قال بتحريمه؛ لمشابهته للنمص، ولما فيه من تغيير خلْق الله، فمن اتبعتْ عالمًا تثق بعلمه، فلها ذلك، ومن تركتْه فقد احتاطتْ واستبرأت لدينها.
أما أخذ شيء من شعر الحواجب، فهو من الكبائر، التي لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعِلَتها، كما جاء من حديث ابن مسعود في صحيح مسلم، وقد قالت اللجنة الدائمة في جواب لها: "لا يجوز أخذ شيء من الحواجب، لا بقصٍّ ولا نتفٍ ولا حف؛ لأن هذا من النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم مَن فعلتْه؛ فهو من الكبائر" (اهـ كلام اللجنة).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وبما صرَّف فيه من الآيات والذِّكر الحكيم.
وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا..} [التحريم:6]، وصلى الله وسلم على محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من المسائل التي تغفل عنها أكثرُ النساء ويتساهلْن فيها، سترَ القدمين عن غير المحارم، مع العلم أنه باتفاق أهل العلم أنه يجب تغطيتها عن الرجال من غير محارمها.
أما ستر الكفين، فمن العلماء من قال باستحباب سترهما عن غير المحارم، والفريق الآخر قال بوجوب سترهما؛ لعموم حديث: «المرأة عورة، فإذا خرجَتِ استشرفها الشيطان» (أخرجه الترمذي وصححه الألباني)، وفي صحيح البخاري يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تنتقب المرأة المُحرِمة، ولا تلبس القفازين»، فمنعُ المُحرِمة من لُبسِه يفيد أنه كان قبل الإحرام يُلبَس، وهذا القول هو الراجح الذي دلتْ عليه الأدلة، وعليه الفتوى.
وأختم بأمر بدأ يظهر عند بعض النساء ويجهل بعض الناس حُكمه، ألا وهو تركيب رموش صناعية، فقد سُئلت اللجنة الدائمة، فأفادت: "أنه داخلٌ في وصل الشعر الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فَعَلتْه، كما في صحيح البخاري"، والمسلم إخوتي لا يرضى أن تكون إحدى محارمه انطبق عليها وعيد أو لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم في أي عمل من الأعمال التي جاء فيها المنع والوعيد واللعن.
إخوة الإيمان، قال الله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128].
ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم قال: «والرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيته» (صحيح البخاري:2751)، وربنا يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71].
ونساؤنا فيهنَّ خيرٌ كثير، فقد تقع المخالفة عن جهل أو تقليد، فالواجب البيان والتذكير، وتتأكَّد المسؤولية على الزوج تجاه زوجته وبناته.
هذا، وصلوا وسلموا على خير البرية، وأزكى البشرية؛ فقد قال المولى جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
حسام بن عبد العزيز الجبرين
- التصنيف:
- المصدر: