صناعة العلماء - (14) الصراع بين العلماء

منذ 2014-05-24

من أخطر الأزمات التي تعاني منها أمة الإسلام في وقتنا الحاضر، والتي أصبحت ظاهرة وليست حالة عابرة، وهي أزمة صراع العلماء وتحاسدهم فيما بينهم، والتي أدت إلى ضعف الأمة وتفرق أبنائها، وتدور هذه الحلقة حول أسباب الصراع بين العلماء، وصور واقعية له وبيان خطورتها وسبل علاجها، مع بيان لأدب الخلاف بين العلماء... وهنا ملخص ما جاء بها

بسم الله الرحمن الرحيم

د. صلاح:

العلماء الذين يريدهم الله يُجَمِّعُون ولا يُفَرِّقُون، ويَقُودُون نقلة نوعية في الانتقال من العصبية الذميمة إلى الأخوة الحميمة، ومن الفرقة والاختلاف إلى الوحدة والائتلاف.

ونجد قول اﻹمام الشافعي رحمه الله: "والله ما جادلت إلا دعوت الله أن يجري الحكمة على قلبه ولسانه" وهذا ﻷنه يمكن أن يعود إلى الحق أن بدا لدى الآخر.

 

د. راغب:

اﻹمام الشافعي من شدة ورعه وتقواه وحسن اتصاله بالله عزَّ وجلَّ، يريد أن يظهر الحق على لسان الآخرين حتى ﻻ يُنَظَرَ إليه على أنه ينتصر دائمًا في كل معاركه النقاشية مع بقية العلماء.

لكن أذكر في الصراع بين العلماء، أن من أهم أسبابه هو أن كل عالِم يخاطب شريحة معينة فينظر إلى قضية ما من وجهة نظر معينة، مع صحة كلامهما.

وهذا كان السبب الذي ألفت من أجله كتاب (فلسطين واجبات الأمة)، وفيه قَسَّمتُ الأمة اﻹسلامية إلى 18 شريحة لكل شريحة لها أدوار معينة، فظهر هناك أكثر من 1130 دور لن يقوم بهم شخص واحد بل كل شريحة لها دورها.

فتجد أن لكل عالِم دور فيها ويسد ثغرة من ثغراتها، فلا يشترط أن يكون الجميع على كلام واحد أو مذهب واحد، ﻻ مانع وﻻ ضير في التعارض بين كلام العلماء واختلافهم طالما أن الهدف في النهاية واحد.

وهذه الرؤية تعطي حماية من الصراع وتعطي ثراء في الفقه وثراء في المعلومة، وثراء في الوصول إلى الناس، فكل عالِم لديه القدرة في الوصول إلى شريحة ما، وبهذا فشرائح الأمة كلها سُدَّتْ بهذا التنوع العظيم من العلماء وبهذا ننسى الصراع بين العلماء وننتقل إلى ما بعدها من خطوات إيجابية.

 

د. صلاح:

وتاريخنا به الكثير من المآسي في هذا الأمر وإن كان الأمل إن شاء الله كبير. 

كنت قد قمت بكثير من البحوث عن ابن حزم الأندلسي وأوذيت منه أذى لا حد له لأني وجدت منه تقريعًا لكل إمام من اﻷئمة اﻷربعة أو غيرهم من المخالفين له في الرأي.

وأقول أن الاختلاف يكون بضابطين: الأدب والسبب، أدب الاختلاف مع الآخر أما السبب فهو أن يكون لديك دليل. فيكون لدينا سبب الاختلاف وأدب في طريقة الاختلاف.


د. راغب:

هذا الصراع الذي يكون بين العلماء، هل تعتقد أن سببه هو الحسد بين العلماء؟

 

د. صلاح:

سببه هو الحسد بين العلماء، فالعالِم قد يرى نفسه أنه هو الحارس للحق في قضية من قضايا الفروع التي من أجلها يُضَيِع اﻷصول ، فيتسبب في شَقَّ الأمة بوهم أنه يدافع عن أصل من اﻷصول، وهو ليس أصلًا.

 

د. راغب:

وعلى العالِم أن يدعو لأخيه العالِم.

 

د. صلاح:

لا نريد أن نكون شركاء متشاكسين بل نكون شركاء متكاملين، نحتاج أن نصطف جميعًا فنجعل القضية أمامنا فلا يهمنا اليد أو اللسان التي تنصر القضية بل نصرة القضية ذاتها.

 

 

لسماع هذه الحلقة: الصراع بين العلماء

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 2
  • 0
  • 3,222
المقال السابق
(13) العلماء ونُصح الحُكَّام
المقال التالي
(15) العلماء والانغماس في الدنيا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً