وقفات منهجية تربوية - (28) الوقفة الخامسة والعشرون: التواضع
يقول صلى الله عليه وسلم: «
» (مسلم)، ويقول عليه الصلاة والسلام: « » (مسلم). ويقول الشاعر:تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ *** على طبقات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يرفع نفسه *** إلى طبقات الجو وهو وضيع
فالتواضع أن يعرف الإنسان قدره عند من هو أعلم منه وأكبر منه سنًا، وأن يعرف الإنسان قدره عند صاحب المعروف عليه، وأن يعرف الإنسان أنه مهما بلغ من العلم والديانة فإنه فقيرٌ إلى الله تعالى. وانظر كيف فهم الصحابة هذا المبدأ:
فهذا الصدّيق في أوج خلافته يأخذ بزمام ناقة أسامة بن زيد رضي الله عنه، ومن أسامة عند الصدّيق في فضله وعلمه وسنه ومنصبه! فالصدّيق أفضل الصحابة وأعلمهم مطلقًا- فلما طلب منه الصحابة أن يرد جيش أسامة ويثنيه عن التوجه للروم وقد ارتدت العرب حول المدينة فقال: والله ما رددت جيشًا جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حللت لواءً عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقام أبو بكر رضي الله عنه يقود ناقة أسامة أمام الناس، فاستحيا أسامة أراد النزول فقال أبو بكر: "والله ما أنت بنازل ولا أنا براكب". وأمر أسامة أن يمضي حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرعبوا وأرهبوا كل من مروا بهم ممكن كان في نفسهم ريبة أو رغبة في الارتداد، وقاتلوا الروم فهزموهم ورجعوا سالمين غانمين.
وهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة كان يجلس يستقرئ القرآن من عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وهذا عمر الفاروق يُقرّب ابن عباس ويستشيره ويسأله. فأين هذه النماذج التي بلغت الرقي شموخًا وعزة من أناس يتضايقون أن يصحح خطأهم من ليس أصغر منهم بل من أقرانهم؟! وأين من يترفعون بأنسابهم ويحتقرون غيرهم في نسبه إما من طرف جليّ أو من طرف خفي؟! فالعاقل من عرف قدر نفسه.
ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.
- التصنيف:
- المصدر: