ذكريات في المشفى - (20) ومن الجراحة المحدَّدة إلى الرعاية المشدَّدة!

منذ 2014-06-03

تقول صاحبتنا:

أفقتُ من لجة الذكريات، على صوت إحدى الممرضات:

- هلمِّي إلى حجرة الجراحات...

فما إن دخلتُ، إلا وسقطت أمي على الأرض..

فقدتْ الوعي، وما ادَّخر قريباي الطبيبان في إفاقتها من سعي..

أما أبي وخاطبي: فكانا إلى الحائط يستندان، يدعوان ويبكيان..

أذكُر أني قبل أن أُخدَّر: أخذتُ في خفية أستغفر، وللشهادتين أُكرِّر..

وتقريبًا استمرَّت الجراحة ثلاث ساعات، لكني لم أفِق إلا بعد ساعاتٍ.. وساعات..

أول ما انتبهتُ له ما يصدر عنِّي من أنّات، وسمعتُ أحدهم: لا تراعوا فما زالت غائبة في سُبات..

فأردتُ أن أتحسَّس بدني لأتأكد أنني مستورة؟

فراعني كثرة ما أوصلوه ببدني فكنتُ على الثبات مجبورة..

فلما أردتُ مع القوم الحديث، راعني أن فمي تحت كمَّامة التنفس حبيس..

فبكيتُ لما غلبني السعال، ووجدتُ ألمًا شديدًا له في الحال..

وانتبهت أمي على صوت السعال والبكاء، فاقتربت وقد لمعت عيناها بالرجاء..

- حبيبتي: هل أنتِ بعافية؟

- فأجبتها من أسفل القناع: استريني يا أمي الغالية..

- فقالت تحاول معي الاقناع: والله أستركِ قدر المستطاع!

وها أنا أرافقكِ في الرعاية المشدَّدة، رغم قوانين المشفى الرافضة..

بفضل الله قبل الأطباء شفاعة طبيبينا الأقرباء..

فلما زاد بي السعال ومن ثمَّة زاد ألمي عن الاحتمال..

- قلتُ في رجاء: أمي استدعي أحد الأطباء، علَّه يعطيني ما يجعل الألم يُطاق..

فجاءني طبيب الدوام الليلي: وأعطاني ما به غِبتُ عن وعيي..

وفي الصباح أفقتُ على ألم مُبرِّح، وكنتُ بذا للطبيب أُصرِّح..

فلكل حركة يُسبِّبها السعال، آلام في كتفي تفوق الاحتمال..!

وسأعافيكم من وصف كيف اخترقت بعض الأنابيب أضلاعي وصدري..

لتُخرِج ما ينتج من دمٍ وقيحٍ عن جرحي..

فلما شكوتُ لأمي شديد همَّي لاضطراري كشف وجهي وبعض من جسدي..

- دهِشَت وقالت معاتبة: إذن أنتِ عن فضل الإله غائبة!

- ألا ترين تعرّي من حولكِ! ألا تحمدين الله على وضعكِ!

فلما نظرتُ حولي وتفكَّرتُ في أمري، أقررتُ في نفسي بأنه مهما كان ثوبي، فهو سِترٌ عليّ من ربي..

يتبع...
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أم هانئ

  • 0
  • 0
  • 1,957
المقال السابق
(19) انتظارٌ قاتل!
المقال التالي
(21) وافترقنا في نفس المكان

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً