دروس من حادثة الهجرة
إن في دنيا الناس ذكريات لا يمل حديثها، ولا تُسأم سيرتها، بل قد تحلو أو تعلو إذا أعيدت وتكررت، كما يحلو مذاق الشهد وهو يكرر، ومن الذكريات التي لا يمل حديثها، ولا تسأم سيرتها حياة محمد صلى الله عليه وسلم إمام البشرية، وسيدِ ولد آدم فهي من الذكريات الغوالي، التي تتجدد آثارها وعظاتها، كلما سلك المرء سبيله إلى الاعتبار والادكار، ومن حسن حظ المؤمن، أنه ما قلّب سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يومًا فأخطأ دمع العين مجراه، وفي أيام محمد الجليلةِ النبيلة أيامٌ خوالد، ما تزال تضيء على مر الأيام، وتتألق في غرة الزمان..
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها المسلمون، إن في دنيا الناس ذكريات لا يمل حديثها، ولا تُسأم سيرتها، بل قد تحلو أو تعلو إذا أعيدت وتكررت، كما يحلو مذاق الشهد وهو يكرر، ومن الذكريات التي لا يمل حديثها، ولا تسأم سيرتها حياة محمد صلى الله عليه وسلم إمام البشرية، وسيدِ ولد آدم فهي من الذكريات الغوالي، التي تتجدد آثارها وعظاتها، كلما سلك المرء سبيله إلى الاعتبار والادكار، ومن حسن حظ المؤمن، أنه ما قلّب سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يومًا فأخطأ دمع العين مجراه، وفي أيام محمد الجليلةِ النبيلة أيامٌ خوالد، ما تزال تضيء على مر الأيام، وتتألق في غرة الزمان..
ولعل من أسطعها وأروعها يوم الهجرة، الذي تهب علينا نسمات ذكراه، في كل عام من أعوام الزمن، ومن شواهد عِظم حادث الهجرة أنه يزداد بهاء وسناء كلما تناوله العرض والبحث، كالذهب كلما عرضته على النار لتمحصه ازداد إشراقًا وصفاءً، وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت فاتحة الأمل، وبارقة النصر، وطريق العودة له ولأصحابه إلى مكة فاتحين ظافرين، كما قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ} [القصص من الآية:85]، يعني إلى مكة.
عبادالله:
في هذا الشهر -شهر ربيع الأول من العام الثالث عشر من البعثة- وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرًا من مكة البلد الأول للوحي وأحب البلاد إلى الله ورسوله، خرج من مكة مهاجرًا بإذن ربه بعد أن أقام فيها ثلاث عشرة سنة يبلغ رسالة ربه ويدعو إليه على بصيرة، ويتحمل العبء الثقيل في سبيل الدعوة إلى الله، وإعلاء كلمته، ولم يجد من أكثرِ قريش وأكابرِهم سوى الرفضِ لدعوته والإعراضِ عنها والإيذاءِ الشديد للرسول صلى الله عليه وسلم ومن آمن به، حتى يشتط المجرمون من أعدائه في مقاومته، بحيلة الوعد والإغراء، ثم بتسليط الغوغاء والسفهاء، ثم بالتآمر الدنيء، الذي ينتهي إلى الإجماع على اغتياله بلا ارعواء.
الله أكبر هكذا يخطط أعداء الله للقضاء على رسول الله، وبهذا القدر من المكر والخديعة ولكنهم يمكرون ويمكر الله كما قال الله عز وجل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].
أيها المسلمون:
إن حدث الهجرة حدث عظيم، به تتوجَ رأسُ الإسلام، وتلألأ مفرقه، وظهرت كلمته، وفُرِّق بين الحق والباطل، ومُيِّز الصادق من الكاذب، وبه عُرفَ المحبُّ من مدعي المحبة، وفي هذا الحدث ظهرت الآيات، واتضحت البينات، وتضافرت المعجزات؛ تأييداً وتصديقاً برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، مع ما واكب هذا الحدث من تضحيات عظمى جسدتها النماذج الصلبة، التي استعصت على الذوبان في مستنقعات الجاهلية، والأوحال الوثنية..
وأعظمها تضحية المهاجر الأول محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، حيث ترك أهله وبلده وماله وأحب البقاع إليه ليعلن للأمة جمعاً أن التضحية بداية النصر، وأن هذا الدين ليس بحاجة إلى تنسيق العبارات، أو رفع الشعارات، بل لا بد من بذل التضحيات، وتحمل المشقات، وتجاوز العقبات، ومخالفة الرغبات، يمثّل كلَ هذا قولُ نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب مكة: ((والله إنك لأحب البقاع إليَّ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت))، فكيف لا يكون هو صاحب التضحية الأولى والعظمى في الحدث الأول والعظيم؟
كلما أبصرك القلب هفا *** حولك البيد رغاء وزئيرْ
هل درت أم القرى ماذا جرى *** لبست بعدك ثوباً من سعيرْ
وبكى الغار علي فرقاك لو *** أسعفَتْه الرِجلُ أضحى في مسير
والبشارات همت في يثرب *** كهنيء الغيث في اليوم المطير
شخصت نحوك أبصار الورى *** طلع البدر فذا الليل منير
أشرقي يا طيبة الخير على *** جبهة الدنيا وتيهي بالنذير
ثم مدي كفك الأقوى على *** هامة التاريخ فالله النصير
واسحقي كسرى ودكي قيصراً *** واكتبي التوحيد في لوح الأثير
وتظهر كذلك تضحيته صلى الله عليه وسلم عند ما عُرض عليه الجاه والمنصب والمال، فرفض ذلك كله مهاجراً إلى الله، مؤثراً ما عند الله على ما في هذه الحياة الدنيا،
كما ظهرت تضحية رجل الهجرة الثاني أبو بكر الصديق رضي الله عنه في هذا الحدث، حيث فدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله وأهله، مع معرفته بمقدار الضرر والأذى الذي سيلحقه من المشركين في نفسه وأهله، وولده وماله، فآثر مرافقة الحبيب لأن المرء مع من أحب، فلما عظمت التضحية أنزل الله في شأن صاحبها قرآناً يتلى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:20]،
كما تجلت لنا تضحية الفاروق رضي الله عنه الذي فرَّق الله به بين الحق والباطل، حيث هاجر الناس سراً، أما هو فهاجر جهراً بعد أن خرج إلى الناس في وضح النهار ممتشقاً سيفه، قائلاً لصناديد قريش بصوت جهير: "يا معشر قريش من أراد منكم أن تفصل رأسه، أو تثكله أمه، أو تترمل امرأته، أو ييتم ولده، أو تذهب نفسه؛ فليتبعني وراء هذا الوادي، فإني مهاجر إلى يثرب"، فما تجرأ أحد منهم أن يحول دونه ودون الهجرة.
كما تظهر لنا تضحية عبد الله بن أريقط وهو يسهم في بناء هذا الحدث بمحو آثار أقدام سير الرسول صلى الله عليه وسلم، وصاحبه بمرور غنمه على سيرهما؛ ليبين لنا أن مسئولية الإسلام مسئوليةٌ عظمى تجب على الأفراد والجماعات، والفقراء والأغنياء، والأقوياء والضعفاء؛ كل بحسب قدرته واستطاعته، وفهمه وإدراكه..
كما يتجلى لنا موقف الشجاع أبي السبطين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو يغامر بنفسه لينام على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم موهماً المشركين بأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا زال نائماً في فراشه حتى لا يتنبهون لخروجه من بين أيديهم ومن خلفهم، مع علمه رضي الله عنه بما سيلحقه من أذىً في هذا السبيل.
وأما عن تضحيات النساء (فالعق العسل ولا تسل) كيف لا؟
وقد جسدت لنا ذلك المؤمنة الحقة، والمهاجرة الصادقة، التي أحبت الله ورسوله فآثرت الهجرة إليهما على فلذة كبدها، وثمرة فؤادها، حتى خلع المشركون يده عند ما أبت إلا الهجرة بوليدها، فانتزعوه من بين يدي زوجها، وأمام عينيها؛ حتى خُلعت يده من شدة المنازعة، ومع هذا أبت إلا المضي إلى هدفِها، وبلوغ مقصِدها، فتحقق لها ما تمنت، وبلغت ما قصدت بعد سنة من بكائها في مكة لتلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وزوجها، هل عرفتم من هي هذه المرأة؟ إنها أم سلمة التي حفظ الزمن اسمها وموقفها في ذاكرته، وسطره التاريخ في جبينه، ولن ينساه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها،
كما لا ننسى ونحن نتحدث عن تضحيات النساء في تشييد هذا الحدث العظيم؛ أن نذكر موقف أسماء بنت أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنها التي أسهمت في تزويد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها رضي الله عنه بالقوت والمدد، حتى شقت نطاقها إلى نصفين ليلبسها الله في الجنة حللاً من سندس خضر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. ولله در القائل:
ولو أن النساء كمن ذكرنا *** لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب *** ولا التذكير فخر للهلال
أما المدينة التي لبست أحلى حللها استبشارًا بمقدم الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان الأنصار فيها يخرجون كل يوم إلى الحرة، ينتظرونه أول النهار، فإذا اشتد حر الشمس، رجعوا على عادتهم إلى منازلهم، فلما كان يوم الاثنين، ثاني عشر ربيع الأول، على رأس ثلاث عشرة سنة من النبوة، خرجوا على عادتهم، فلما حَمِىَ حر الشمس رجعوا، وصعِد رجل من اليهود على حصن من حصون المدينة لبعض شأنه، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فصرخ بأعلى صوته، يا بني قيلة، هذا صاحبكم قد جاء، هذا جدّكم الذي تنتظرونه، فبادر الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُمعت الرجة والتكبير، وكبر المسلمون فرحًا بقدومه، وخرجوا للقائه فتلقوه، وحيوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيفين حوله، والسكينة تغشاه، وجاء المسلمون يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفوسهم مغتبطة بلقياه.
أيها الإخوة المسلمون:
بمثل هذه السيرة العطرة، تتجلى الخواطر، لننهل منها دروسًا عظيمة، عميقة الدلالة، دقيقة المغزى، بعيدة الأثر في نفوس الكرام من أبناء الملة، ومن واجب المسلمين أن يحسنوا الانتفاع بها، عن طريق التذكر المفضي إلى العمل بها: {إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]، ومهما تتبارى القرائح، وتتحبرُ الأقلام، مسطرة فوائد الهجرة، فستظل جميعا كأن لم تبرحْ مكانها، ولم تحرك لسانها، وقد يعجز عن حصرها كثير من الناس، قال شيخ الإسلام، الإمام محمد بنُ عبد الوهاب، المجدد لِما اندرس من معالم الإسلام رحمه الله تعالى، قال في حادث الهجرة: "وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها".
ولعل من أبرز الدروس المستقاة من حادث الهجرة أيها الأحبة، هو أن صاحب الدين القويم والعقيدة الصحيحة، ينبغي ألا يساوم فيها، أو يحيد عنها، بل إنه يجاهد من أجلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإنه ليستهين بالشدائد والمصاعب -تعترض طريقه عن يمين وشمال- ولكنه في الوقت نفسه، لا يصبر على الذل ينالُه، ولا يرضى بالخدش يلحق دعوته وعقيدته.
ويلوح لنا في حادث الهجرة خاطر آخر، يتعلق بالصداقة والصحبة، فالإنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يعيش وحيدًا منفردًا، بل لا بد من الصديق يلاقيه؛ ويناجيه ويواسيه، يشاركه مسرته، ويشاطره مساءته. وتجلى هذه الصداقة والصحبة في تلك الرابطة العميقة، التي ربطت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر رضى الله عنه.
لقد أصبحت علاقات الكثيرين من الناس في هذا العصر، تقوم لعرضٍ أو لغرض، وتنهض على رياء أو نفاق، إلا من رحم الله، والأمة المسلمة اليوم أحوج ما تكون إلى عصبة أهل الخير، التي تتصادق في الله، وتتناصر على تأييد الحق، وتتعاون على البر والتقوى {ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].
نسأل الله أن يجعلنا من المتقين أنصار دينه وحماة دعوته.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله معز من أطاعه، ومذل من عصاه، أحمده سبحانه على نعمه التي لا تحصى وآلائه التي لا تعد، وأصلي وأسلم على إمام المتقين، وسيد المهاجرين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
عباد الله:
ومما يتجلى من الخواطر حين تذكر حادثة الهجرة: أن الله ينصر من ينصره، ويعين من يلجأ إليه ويعتصم به ويلوذ بحماه، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص، الموقنِ بما عند الله، حين تنقطع به الأسباب، وحين يخذله الناس، وبعض الأغرار الجهلاء يرون مثل ذلك فرارًا وانكسارًا، ولكنه -في الحقيقة- كان عزًا من الله وانتصارًا: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ} [التوبة من الآية:40]، وبم نصره الله؟ نصره بأضعف جنده {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر من الآية:31]، نصره بنسيج العنكبوت!
قصة العنكبوت حسنها الحافظ ابن حجر رحمه الله، انظر زاد المعاد بتحقيق الأرناؤوط {وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:41]. نصره بحفظه وتأييده، نصره بجنود السماء وجند الأرض، حتى عاد إلى حرم الله فاتحًا منتصرًا {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:1-3].
وخاطر آخر يشير إلى أن الشباب إذا نبتوا في بيئة الصلاح والتقوى، نشؤوا على العمل الصالح والسعي الحميد، والتصرف المجيد، والشباب المسلمون إذا رضعوا رحيق التربية الدينية الكريمة، كان لهم في مواطن البطولة والمجد أخبارٌ وذكريات، فعلي بن أبي طالب رضى الله عنه لم يتردد في أن ينام على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن سيوف المشركين تستعد للانقضاض على النائم فوق هذا الفراش، يتغطى ببردته، في الليلة التي اجتمع فيها شياطين الكفر والغدر، ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويالها من نومة تحيطها المخاوف والأهوال، ولكن: {فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ} [يوسف:64].
وابن أريقط لم تمنعه مهنة الرعي وخوف العيون من أن يعفي أثر رسول الله وصاحبه، وأسماء لم يمنعها خوف المطاردين وثقل حملها من أن تصعد إلى الغار تمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بالطعام والشراب.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وقفوا وقفة المهاجر بنفسه، وإن لم يهاجر بحسه، فالمهاجر من هجر ما نهى الله عنه، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فلنهجر المعاصي وما يغضب الله عز وجل، ونهاجر إلى الله تعالى بقلوبنا وعقولنا وأعمالنا، ولنلجأ إلى الله ليكون ناصرَنا ومؤيدنا: {إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِى يَنصُرُكُم مّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:160].
- التصنيف: