{فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}

منذ 2014-06-12

في هذا الزمان كثرت الفتن والمعاصي والذنوب، وقلَّ معه الود والسكينة والطمأنينة، وكثرت معه المشاحنات والضغوط والمشاكل، لأننا شتَّتنا طاقتنا وهمومنا لغير الله، لم يعد همُّنا هو الله والآخرة ولا طاقتنا نبذلها لله وللآخرة..

في هذا الزمان كثرت الفتن والمعاصي والذنوب، وقلَّ معه الود والسكينة والطمأنينة، وكثرت معه المشاحنات والضغوط والمشاكل، ولا يسلم من ذلك بيتٍ من بيوت المسلمين إلا وبه الكثير من المشاكل.. ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكم يتألَّم القلب عند قراءة أو سماع هذه المشاكل ويأسى القلب أن يجد بيوت المسلمين غير مستكينة مع النسب المفزعة للطلاق، فكَّرتُ مليًا في السبب ما وجدت إلا أننا شتَّتنا طاقتنا وهمومنا لغير الله، لم يعد همُّنا هو الله والآخرة ولا طاقتنا نبذلها لله وللآخرة فما وجدتُ حلًا إلا أن أُذكِّركم ببعض نسمات الخير التي تُرقِّق القلوب والتي ننساها في زحمة الحياة.

* يقول ابن القيم رحمه الله: "إذا أصبح العبد وأمسى وليس همَّه إلا الله وحده تحمَّل الله سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمَّه، وفرّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همَّه حمله الله همومها، وغمومها، وأنكادها، ووكَّله إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، وشغل لسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره كالكِير ينفخ بطنه، ويعصر أضلاعه في نفع غيره، فكل من أعرض عن عبودية الله، وطاعته، ومحبته بُلِيَ بعبودية المخلوق، ومحبته، وخدمته".

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» (رواه البخاري).

يا الله.. ما أجملها من كلماتٍ رقراقة تهتزُ لها القلوب المؤمنة السليمة المطمئنة.

هلَّا عشنا لله ولو شهر نكون فيه ربانين؟ وها نحن نقترب من شهر الخيرات شهر رمضان، نعيش فيه ليس همّنا الا الله لا نغتم على شيء ولا نفرح لشيء إلا لله.. تعالوا نطبق {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، والله سترون العجب وتبدُّل الحال من حالٍ إلى حال.. كيف لا! وأنتم مع من خَلقكُم!

* فيا من تريدى قلب زوجكِ فعليكِ بالتقرُّب والدعاء إلى الله: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ» (رواه مسلم).

* يا من تريدي راحة البال من كثرة ما ألمَّ بكِ من همٍ، فعليكِ بذكر الله، يقول تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124].

* يا من تريدي الذرية "فعليكِ بالاستغفار" {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:10-12].

* يا مَن تبحثين على الراحة من أذى الناس يقول السلف: "من أصلح ما بينه وبين الله أصلح ما بينه وبين الناس".

حافظوا على أذكار الصباح والمساء فهي الحصن الذي يحفظكم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك» (جزءٌ من حديثٍ أخرجه الإمام أحمد)، فإن كثير منها لإزالة الهمّ وحفظ النفس والحفظ من الحسد والعين فكيف تغفلين عنها؟!

واتقوا الله.. اتقوا الله.. اتقوا الله.. {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق من الآيتين:2-3].

اتقوا الله في أزواجكم وأولادكم وأمهاتكم وأبائكم وأهل أزواجكم وجيرانكم، وسمعكم وأبصاركم واحتسبوا الأجر لله.
واستخيروا الله دائمًا في جميع أموركم فنحن لا نعلم الخير ولعل الخير في شيء كرهتموه، ولا تتمسكوا بشيءٍ لعل الشرّ فيه كائن يقول الله عز وجل: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة من الآية:216].

ولعل ما تخشاه ليس بكائنٍ *** ولعل ما ترجوه سوف يكون
ولعل ما هوَّنت ليس بهينٍ *** ولعل ما شدَّدت سوف يهون

ولا تنسوا الثلث الأخير من الليل ففيه تتنزَّلُ الرحماتِ ويتنزَّلُ ربِ الرحمات يقول: «هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟» (رواه الدارقطني).

أُخيتي.. إن أهل القبور لا يتحسَّرون على شيءٍ كساعةٍ مرَّت بدون ذكر الله، فوالله ستتحسَّرين على صراعاتٍ أضاعت عليكِ جنة الخُلد الجنة التي خُلِقنا لكي نعمل لها - ضيعناها ونسيناها في زحمة الحياة وفي الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة. كوني مع الله يكن معكِ كل شيء.

يقول تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16].

وأخيرًا:

أُذكِّركم بقول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97].

وأدعو الله أن يمُنَّ عليكنَّ براحة البال والسعادة في الدارين.. ويُسعِد قلوبكنَّ ويمُنَّ عليكنَّ بالذرية الصالحة.. وأن يملأ بيوتكنَّ بالسكينة.. وأن يجعلكنَّ خير زوجاتٍ ذاكراتٍ قائماتٍ قانتاتٍ لله.

 

  • 4
  • 0
  • 8,222

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً