قبل أن نلحق بالتلال الساكنة

منذ 2014-07-05

شريط الحياة يمر في ذاكرة أحدنا فيعرض له أيام طفولته كأنها مرت بالأمس القريب، ويذكره بسنين مرت كأنها لا تزال قائمة، إنها الحياة العاجلة، والدنيا الزائلة، سعادتها سريعة الانقضاء، وتبعاتها ثقيلة القضاء، فيا ويل من غفل عن الصالحات فيها فغره الغرور، ويا فلاح من تفهم وصفها فجعلها للآخرة معملاً ومعدًا..

أغالب نفسي كثيرًا كي لا أنظر للوحة التاريخ المعلقة على الحائط، إذ تصيبني الحسرة على كل لحظة فاتت بغير ثواب منتظر، أو عمل صالح مرتجى، أو إصلاح فاعل، لكن لوحة التاريخ المعلق رغمًا عني تدير صفحاتها يوميًا مهما حدث، حتى لو خدعت نفسي فلم أقطع منها ورقة اليوم الفائت، وتراكمت عليها أوراق الأيام السابقات، ستبقى الحقيقة وحدها صادحة: أن الأمس قد مر ولن يرجع، وأن الغد لسنا نضمن حالنا فيه، وأننا لا نمتلك سوى تلك الساعات التي تمر بنا، فلنحسن فيها إلى أنفسنا وغيرنا، وإلا أضيفت لسجل الحسرة!

شريط الحياة يمر في ذاكرة أحدنا فيعرض له أيام طفولته كأنها مرت بالأمس القريب، ويذكره بسنين مرت كأنها لا تزال قائمة، إنها الحياة العاجلة، والدنيا الزائلة، سعادتها سريعة الانقضاء، وتبعاتها ثقيلة القضاء، فيا ويل من غفل عن الصالحات فيها فغره الغرور، ويا فلاح من تفهم وصفها فجعلها للآخرة معملاً ومعدًا، وبحسب شريط الذكريات، قد كنت أكتب ها هنا مقالاً قبل عام كامل عن سارق الأيام (التأجيل) وكنت أقول أن الفعالية في الحياة مرتبطة بإدراك واجب اللحظة، وكنت أحذر نفسي وقرائي أن تنقضي منهم أيامهم بغير ما يرجوه الصالحون، ثم دارت دورة الحياة دورة صغيرة، خالطنا فيها الأعمال والأشغال والمواقف والخلق، انشغلنا في أيامنا المتسارعة كأن هناك من يدفعنا نحو الغفلة دفعًا، فانقضي عام كامل، وافقنا من جديد!

حقيق على الأخيار أن يسعدوا بالإنجازات، لكن أيضًا حقيقٌ عليهم أن يهتموا كثيرًا لما دارت به الأيام من أعمال، انغمسوا أثناءها في كل ما ينسي عن لقاء الله، فعاد أحدهم خالي الوفاض، فارغ الجراب، إلا من مال اكتسبه، أو شغل أنجزه، نسي فيه حظ الآخرة! إن الحياة في نظر كثير من الناس حلوة خضرة، يتشبثون بها ويتعلقون بمكاسبها ونعمها، فلا يتصورون الرحيل عنها، ولا يريدون مجرد التفكير في الرحيل! لكن الحكماء ينظرون بنظرة مختلفة، والصالحون الذين رزقهم الله نعمة البصيرة يرون الأيام برؤية أخرى، إنها لحياة قصيرة مهما طالت، ونعمة قليلة مهما كثرت، وسعادة راحلة مهما تصورنا بقاءها، فالأعمار زائلة والموت ينادي على الناس كبيرهم وصغيرهم ولا يستثني أحدًا.

إذًا فمن الممكن على أية حال لكل أحد منا أن يكون عامه هذا هو الأخير، ومن الممكن أن يكون وداعه لأيامه هو وداع الراحلين أبدًا فكيف ينبغي أن نتصرف؟! أمامنا الآن مراجعات، أولها: مع الله سبحانه، نظرة للوراء، ندقق فيها لما نظنه قد كتبه الكرام الكاتبين من ذنوب وآثام علينا في مشوار حياتنا الفائتة، نجمعها ونبذل جهدنا ما استطعنا لإحصاء ما استطعنا منها، ونضعها بين أيدينا بينما نحن نتمثل أنفسنا في موقف الحساب أمام رب الأرض والسماء، نستحضر الندم المحرق عليها ونستشعر الحزن المؤلم على أفعالنا ومعاصينا، نستثقل المسئولية إذا نحن لقينا ربنا بهذا الحمل الثقيل، نستدعي الدمعات ونسكب الحسرات، نسجد لله طلبًا للغفران، يا ربنا نحن الضعفاء العصاة المذنبون، جئناك بما يثقل كاهلنا ويعيق فلاحنا، نرجوك الغفران لها جميعها فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة.

وثانيها: نظرة للحقوق والأمانات والمديونيات التي علينا فنردها، وثالثها: نظرة للحقوق المعنوية، فنرد غيبة من اغتبناه، ونستسمح من كنا قد أخطانا في حقه بسباب أو غضب أو حتى صراخ وتأنيب بغير حق. تلكم هي البداية الصحيحة ليوم غد. 

 

خالد روشه

 

  • 0
  • 0
  • 873

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً