نفحات قرآنية في سورتي الكافرون والإخلاص
والتكرار في سورة الكافرون للتأكيد، والتأكيد في القرآن بالتكرار كثير، وقال بعض المفسرين: عن الحاضر والمستقبل؛ لأن الجمل بعضها فِعلي وبعضها مصدر.
سورة الكافرون:
قال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:6]
قال الشيخ ابن عثيمين: "أحيانًا الدين يكون للجزاء، مثل قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار:17]، يعني: يوم الجزاء، أما معنى الدين في هذه الآية: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }، يعني: لكم عملكم ولي عملي الذي أدين الله به.
والصواب: {لَكُمْ دِينُكُمْ}، أي: الذي أنتم عليه وتدينون به وهو الكفر، {وَلِيَ دِينِ}، أي: لي ديني الذي أدين به وهو الإسلام، وأنتم بريؤون من ديني وأنا بريء من دينكم، وهذه المقاطعة تكون بعد رفض الإيمان؛ كما قال الله تعالى في سورة يونس: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}[يونس:41]، والتكرار في سورة الكافرون للتأكيد، والتأكيد في القرآن بالتكرار كثير، وقال بعض المفسرين: "عن الحاضر والمستقبل؛ لأن الجمل بعضها فِعلي وبعضها مصدر".
سورة الإخلاص:
قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:1- 4].
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في درسه في الحرم المكي بتاريخ: 4/4/1418هـ: "قوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: هذا ضمير الشأن، وهو عادة يعود على ما قبله، وقيل: يعود على المسئول عنه صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال الكفار له: أخبر عن الله، ما هو؟ ومرادهم: أهو من ذهب أو فضة، أو غير ذلك؟
وقوله: {لَمْ يَلِدْ}: هذا إبطال لقول النصارى: {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة:30]، وإبطال لقول اليهود:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ } [التوبة:30]، وإبطال لقول الكفار: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} [الإسراء:40]، وقوله: {وَلَمْ يُولَدْ }، لا أعلم أن أحدًا قال: إن الله مولود، وإنما قال ذلك لانتفاء الولادة من الطرفين.
وقد ورد في الحديث الصحيح أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن؛ لأنها اشتملت على القسم الأعظم من أقسام القرآن الثلاثة التي يتكون منها القرآن، وهي: 1- الإخبار عن الله. 2- الإخبار عن مخلوقاته. 3- الأمر والنهي.
وإنها تعدل ثلث القرآن في أمرين: 1- المعنى. 2- الثواب.
أما الأجزاء: فإن تلاوتها ثلاث مرات لا تجزئ عن تلاوة القرآن، فلو قرأ في ركعة من ركعات الصلاة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثلاث مرات، ولم يقرأ الفاتحة، لم تصح هذه الصلاة؛ لأن: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لا تجزئ عن الفاتحة، وكذلك لو أقسم أن يقرأ القرآن وجب عليه تلاوته كاملًا، فإن قراءتها ثلاث مرات لا يجزئ".
محمد بن صالح الشاوي
- التصنيف:
- المصدر: