إلى زوجي الحبيب
منذ 2008-06-25
قبل سنوات مضت فرحت وأنا أزف إليك، معتزة بقوامتك علي سعيدة باقترانك بي.. واليوم لا تساورني ندامة ولا دمعة حزن على زواجي منك.. بل لك من المودة أعلاها، ومن المحبة أكملها وأسماها..
قبل سنوات مضت فرحت وأنا أزف إليك، معتزة بقوامتك علي سعيدة باقترانك بي.. واليوم لا تساورني ندامة ولا دمعة حزن على زواجي منك.. بل لك من المودة أعلاها، ومن المحبة أكملها وأسماها..
فالحمد لله الذي جعل لك في قلبي سكنا، وفي نفسي طمأنينة، وفي حديثي فخرا واعتزازا، وأحمد الله عز وجل فلا يظهر بيني وبينك تنافر في الخلق، ولا تباين في المزاج، ولا اختلاف في الطبائع.. بل وجدتك نعم الرجل متمسكا بقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34]، ووجدت أثر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم على قولك وفعلك: «استوصوا بالنساء خيرا» [رواه مسلم].
فأنعم بك من رجل قام بحقوق الله تعالى وحقوق بيته، وأبشر بنصيب وافر من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم» [رواه الترمذي].
ونحن نسير سويا في هذه الدنيا، نرى ونسمع من قد زلت به القدم.. فخالف أمر الله عز وجل وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم في القوامة وحسن المعاملة والصفح عن زلات أهل بيته.. والبعض أهملهم وبخسهم حقوقهم..
وإن كنت يا زوجي أربأ بك أن تحمل صفة من تلك الصفات وزلة من تلك الزلات، فإني كتبتها للذكرى، والمؤمن مرآة أخيه، والمؤمنون نصحه، والمنافقون غششه.. وعهدتك تحب الحوار وتستمع له، ولك قدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم، ومن سار على خطاهم، والعاقل الفطن الكيس من يستمع إلى قول الحق، فما بالك بمن يطلب الحق..
ولطول الطريق فقد يقع ما يكدر مسيرة الحياة الزوجية، وقد تكون هذه العثرات باب شؤم، وطريق معصية، ومفترق طرق، فأحببت أن أذكرك بها علك تنصح بها من وراءك من الأحباب والأصحاب.. إنها أنات زوجات، وآهات..
إنها جلسة وحديث من زوجة إلى زوجها ولا يبخس الرجل العاقل حديث النصيحة.. بل هو مستمع منصت، محتسباً الإصلاح أجرا ومثوبة!
يا زوجي الحبيب
خلقنا الله عز وجل لأمر عظيم هو عبادته.. فأين موقع هذا الأمر من دقائق حياتك؟! وأذكرك بقول الله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
هل انقطعت حاجتك عن الله عز وجل فأهملت الدعاء؟! من يدفع عنك المرض، ومن يصلح زوجك وأبناءك، ومن يعنيك على نوائب الدهر؟
أرى تقصيرا وتكاسلا منك في أداء الصلاة مع الجماعة وأحياناً أراك تصلي بجواري! مع علمك بوجوب أداء الصلاة مع الجماعة فما بالك! وماذا دهاك! وأخشى أن يكون فيك خصلة من خصال المنافقين، كما قال عبد الله بن مسعود: «وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق» [رواه مسلم].
أرى في بعض تصرفاتك حدة ويتملكك الغضب والرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك فقال: «لا تغضب» [رواه البخاري] رددها مراراً.
سمعت يا زوجي: أن جارتنا تسعى جادة لحفظ أجزاء من القرآن وقد شجعهما زوجها على ذلك، بل وجعل لها هدية ثمينة كلما أتمت حفظ سورة معينة، وأكثر من ذلك بدأ هو بنفسه يراجع ما حفظت.. فليتك تسعى معي بهذا الأمر.
سأنقل لك يا زوجي صورة طالما تمنيتها في عشنا الزوجي..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء» [رواه أبو داود]. فهلا رأيت منك تلك اللمسات الإيمانية..
يا زوجي الحبيب
أرى رفقاء السوء بدأوا يخطون نحو دارنا! وقد ذكرت لك ذلك من قبل، وقلت لي: إنك رجل عاقل وكبير ومطلع وتقدر الأمور بقدرها! ولكني أراك بدأت تنجرف معهم! وبدأت تتهاون في أمر دينك وتؤخر صلاتك.. والدش قاب قوسين أو أدنى!
المشورة حث عليها الله عز وجل {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وهناك أمور أرى أن من حقي عليك أن تشاورني فيها، وهناك أمور أنت وشأنك أحياناً وآخر من يعلم بقراراتك أنا!
يا زوجي الحبيب
ارعني سمعك، وأنصت بقلبك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري].
القلوب يا زوجي: تصدأ كما يصدأ الحديد.. وأرى أن قلبي بدأ يصدأ؟! وجلاؤه ذكر الله عز وجل وقراءة القرآن وسماع المواعظ والدروس والمحاضرات.. وأنا الآن أطلب منك أن تحضر لي دروس بعض العلماء ومحاضراتهم عبر شريط أو كتاب؟! فلماذا تبخل علي بذلك.
ألا تريدني أن أتفقه في ديني، وأعرف حقوق ربي، وأتزود من دنياي لآخرتي.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
يا أبا عبد الله: اتفقنا منذ- البداية أن هذه رسائل مصارحة دافعها المصالحة والإصلاح..
ولذا سأعلن لك للمرة الأولى يا زوجي أنك إنسان جانبت طريق النظافة في ملبسك وفي مظهرك، ولا أراك تستعمل فرشاة أسنان أما السواك فإنه مفقود من جيبك منذ شهور وهو من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم! فأين النظافة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وأين التزين للزوجة؟!
لا تغضب وراجع نفسك! ولو أصبح حالي مثل حالك، ماذا تفعل؟ كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: «إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة».
يا زوجي الحبيب
مع طول الأيام نشأ بيني وبينك حاجز وهمي. فلم تعد الصراحة هي طريقنا ولم نعد نتحدث ببساطة مثل ما سبق.. بل أصبحت أحسب ألف حساب لكل كلمة أقولها؟ وماذا أقول؟ فإلى هذا الحد نما وترعرع هذا الحاجز.
يا زوجي الكريم...
المعادلة ناقصة والميزان أرى أنه لصالح الرجل وإني أرى أنك خير من ينصف زوجته قيل لعائشة رضي الله عنها: ماذا كان يعمل رسول الله في بيته؟ قالت: «كان بشرا من البشر: يفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه».
كثير من الرجال يتصيد الهفوات ويجمع الزلات وتراه يعيد ذكر زلة مضت منذ سنوات؟! ويجمع على الزوجة أخطاءها؟! فكيف يصح هذا؟! وأين كظم الغيظ؟! وأين العفو والمسامحة؟! بل أين الإحسان؟! {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
يا زوجي الحبيب
ألا تريد أن تدنو منزلتك في الجنة حتى تكون بقرب الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسانكم أخلاقا» [صححه الألباني].
يا زوجي الحبيب
نحن في نعم عظيمة، أولها ورأسها نعمة في الإسلام التي أكرمنا الله بها. والله عز وجل يقول: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، وواجبنا نحو هذه النعم شكرها والقيام بحقها.
يا زوجي الحبيب
بيتنا يخلو من الجلسة الإيمانية، أريدك أن تقرأ علينا حديثا من رياض الصالحين كل يوم، أو نسمع صوتك الجهوري يروي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من كتب السيرة.. فمتى تبدأ؟! لا تقل غدا.. بل اليوم.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي نساءه بأحب أسمائهن.. بل ويرخم الاسم إمعاناً في إظهار المودة والمحبة فكان ينادي عائشة رضي الله عنها بـ «يا عائش» [رواه البخاري]، ولي شهور لم أسمع اسمي بصوتك الحبيب حتى نسيت اسمي.
في الطريق ونحن سائرون أو في فترات الراحة أراك يا زوجي تطلق لسانك تزدري زميلك وتغتاب مديرك وتغمز هذا وتلمز ذاك! ألم تعلم أنه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، أنسيت أن صحائفك تطوى لك اليوم وتنشر أمامك يوم القيامة!
يا زوجي الحبيب
من الظواهر المخالفة لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حلق اللحى وقد استمرأت النفوس هذا المنكر فلا ترى أحدا ينبه إلى هذه المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين: وفروا اللحى واحفوا الشوارب» [رواه البخاري].
لمن يا زوجي العزيز تجمع الدينار والدرهم وأنت تبخل به علينا؟! هل تريد أن نتطلع إلى ما في أيدي الناس وأنت حي ترزق؟! أولا تعلم يا زوجي العزيز أنك تؤجر على النفقة؟! كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة» [رواه البخاري].
يا زوجي الحبيب
تمر بي حالات ضعف نفسي واضطراب جسمي وقد تصيبني الآلام والأمراض! ولكنك لا تلقي لذلك بالاً. مع أنني امرأة ضعيفة مسكينة كسيرة الجناح! تأمل في حال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فلما مرضت رقية رضي الله عنها تخلف زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه عن معركة بدر. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب له بسهمه من الغنيمة وقال له: «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه» [رواه البخاري]، وما ذاك إلا من عظم أمر العناية بالزوجة.
ما رأيتك مبتسماً ولا ملقياً طرفة إلي! لأنني لم أر إلا عبوساً وهجرا وأعود بك قروناً ليحدثك عبد الله بن الحارث فيقول: «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم» [رواه الترمذي].
والتبسم يا زوجي صدقة من الصدقات التي تؤجر عليها قال صلى الله عليه وسلم: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة» [رواه المنذري].
يا زوجي الحبيب
اعترف بجميلك وفضلك علي، فأنت تنفق الأموال وتتلمس حاجاتنا اليومية، فجزاك الله خيرا، وجعل ذلك في ميزان حسناتك. وأذكرك وأنت من كرام الرجال بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا» [رواه العراقي]. والهدية مفتاح للقلوب تنبئ عن محبة وقرب. ولي سنوات لم أر منك ولو هدية بسيطة ولا يهمني قيمة الهدية.. فقيمتها أنها منك وحدك!!
دخلت يا زوجي في مزالق خطيرة ودروب متعرجة فبدأت تستهين بالمال من أين يأتي! أمن حلال أم من حرام.. ونحن كما قالت إحدى بنات السلف لأبيها: "نصبر على الجوع ولا نصبر على النار".
طاعة الوالدين بالمعروف واجبة، وهي من أعظم القربات إلى الله عز وجل، وأرى منك تململا حينما أطلب زيارة والدي.. وتستثقل طلبي فى الذهاب لهم.
يا أبا عبد الله: ها أنت تزكي نفسك وكأنك تجاوزت القنطرة! وتأمل في حالك.. لا تذهب إلى الصلاة إلا عند سماع الإقامة.. ومن رمضان الماضي إلى رمضان الحالي لم تختم القرآن، بل طويت المصحف وهجرته شهورا طويلة.. أما قيام الليل وصيام أيام البيض ويومي الاثنين والخميس فلعلك لم تسمع بها!
سنوات طويلة نعيش فيها سويا تحت سقف واحد.. ولم أسمع طوال تلك السنوات كلمة حانية وهمسة محبة، فأنا أعيش في صحراء مقفرة ليس فيها همسة حانية ولا كلمة طيبة! ونادرا ما أسمع منك كلمة شكر لطعام أعددته أو للباس جميل ارتديته.. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه» [رواه البخاري].
يا زوجي الحبيب
إن زللت في هذه الكلمات فأنت من الكرام الذين يعفون عن الخطأ ويتجاوزون عن الزلل.
يا زوجي الحبيب
رزقك الله العافية وألبسك لباس الإيمان والتقوى، وأقر عينك بصلاح أبنائنا، وجمعني وإياك ووالدينا في الفردوس الأعلى من الجنة وجعلنا ممن ينادون يوم القيامة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70].
نقلته لنا الأخت أم حبيبة من منتديات أخوات طريق الإسلام
تم الاستفادة من كتيب رسائل متبادلة بين زوجين إعداد / عبدالملك القاسم
المصدر: أخوات طريق الإسلام
- التصنيف:
ملاك محمدعلي
منذام عبد الله
منذسامح
منذحاتم الشافعى
منذنجاة
منذأبوعائشة المحلاو
منذأحمد
منذام خالد
منذسامح محمد
منذام احمد
منذ