لماذا لم يسبّوا المسيح؟

منذ 2014-07-23

سؤال إلى كل نصراني يُحَكِّم العقل والأخلاق. إلى كل نصراني به فطرة من حب الحق والخير والجمال.

سؤال إلى كل نصراني يُحَكِّم العقل والأخلاق.
إلى كل نصراني به فطرة من حب الحق والخير والجمال.
فقد آلم كل مسلم أن يصور نبيه بهذا الهذيان و يُرمى بالجنون والسفاهه والكذب والاحتيال، ثم سبوا قرآننا بأنه مجرد نقول كتبها ورقة بن نوفل الراهب، ثم أرسلها لنبينا صلى الله عليه وسلم ثم رموه بالشهوانية الجامحة وغيرها من الأباطيل.
وكل هذه الحيل ليست بجديدة وأتحدى من يأتِ لنا بحيلة جديدة.
وقرآننا قد كتب عن كل هذه الأباطيل وفندها تفصيلياً ورد الشبهات رداً منضبطاً محكماً ثم أتت السنة مبينة لذلك موضحة له.
وهذا وحده دليلا على صدق القرآن وأنه من عند الله ولو كان من عند غير الله لأخفى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشبهات والأكاذيب وحجبها عن أن ترد في القرآن وآثر المدارة عن المواجهة بل هذا دليلاً قويا على تهافت تلك الشبهات وقوة حجة القرآن المبين.

ولو كان القرآن من عند غير الله لما عاتب المولى عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم على دقائق الأخلاق ولما عاتبه في القرآن على أفعال تعد محامد لغيره صلى الله عليه وسلم.
فهل يعي عاقل أن يُلام رسولاً في رسالة يحملها في يده لينقلها للعالمين ثم تكون من عنده هو؟ 

فوالله لو كان رسولاً إلى ملك من ملوك الأرض لحذف هذه المعاتبات من الرسالة؟

وهل يقول عاقل أن تأنيب الله تبارك وتعالى في القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم على عبسه في وجه الأعمى وتعجله في جمع القرآن وتحذيره من مداهنة الكفار ثم هو يتركه بلا عتاب على أخلاق كما وصفها هؤلاء الحمقى الحاقدين بلا تأنيب ولا تأليب؟
ورغم معاتبة الله تبارك وتعالى لنبيه في القرآن الكريم إلا أنني أتحداكم أن تجدون القرآن يذكر باقي أنبياء الله بأي سوء بل يوضح محاسن كل نبي ومكانته عند الرب تبارك وتعالى ومآثره جهاده وتضحياته في سبيل الدعوة إلى طريق الحق وهذا يدلل على أنه كتاب من عند الله تبارك وتعالى.

وسؤالي لكم... فقد نهى نبينا صلى الله عليه وسلم أن يسب الرجل أباه فسألوه الصحابة رضي الله عنهم: "وكيف يسب الرجل أباه يا رسول الله؟" فقال: «يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه.»
في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن من أكبر الذنب أن يسب الرجل والديه.» قالوا: "وكيف يسب الرجل والديه؟" قال: «يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه.»[1].

فلا تحسبوا أنَّ الرد بالمثل لا يوجد في بديهتنا أو أنه غائب عن عقولنا.
و برغم ان أشد الآلام التي يعانيها المرء هي الطعن في ثوابته ومقدساته وهي أشد من سب والديه، ولئن كان المسلمين قدوتهم فعلا هذا الذي فعلوه في فيلم المسيء وهذه هي حياتهم وتلك أخلاقهم كذب واحتيال وحماقة وشذوذ...

فلماذا لم يسب المسلمون المسيح عليه السلام؟
لماذا لم يردوا إساءة مقدساتهم بإساءه مقدساتكم لماذا، لم يحرقوا كتابكم أو يهينوه بأي وسيلة؟

وذلك كله رغم اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم وتباعد أسفارهم رغم اختلاف افكارهم وأخلاقهم وردود أفعالهم؟!!
رغم الغليان في أحشاء قلوبهم والآلام في جوانح أضلاعهم؟!
لكن هل تعلمون السبب؟
لأننا نحترم الأنبياء.
فلماذا نحترم الانبياء والرسل وهم اغلى عندنا من المال والنفس؟
لأن نبينا صلى الله عليه وسلم علمنا أن توقير الأنبياء دين بل توقيرهم وعدم التفريق بين أحد منهم عقيدة راسخة في ديننا.
لأن نبينا صلى الله عليه وسلم علّمنا من أول يوم دخلنا فيه للإسلام أن نؤمن بكتب الله ورسل الله وأنهم رموزاً للطهر البشرى وأنهم مقياس للأخلاق الحميدة فلا يجوز الطعن والسب فيهم.

كما علمنا صلى الله عليه وسلم أنه لا يكتمل إيمان المرء إلا بإلايمان بعيسى وموسى عليهما السلام ولا يكتمل إيمان المرء إلا بالإيمان بالإنجيل والتوراة التي أنزلت عليهما.
بل إن تفضيلنا أهل الكتاب على سائر الأديان هو من صميم ديننا.

ولكن هل تعلمون لماذا سب هؤلاء نبينا صلى الله عليه وسلم؟

لأن هذه عاداتهم منذ قديم الزمن فإن لم تصدقوني فابحثوا في كتبكم المقدسة عمن سب أنبياء الله يعقوب وسليمان وداود ولوط ويوسف وموسى فلم ينج منهم احد حتى رموهم بالخيانة أوالزنى واستحلال المحارم او التطاول على الذات الإلهية أوالغش والخداع والتحايل لأجل الشهوات...

 فكان من الطبيعي لأحفاد هؤلاء السبابين أن يكملوا رسالتهم الحقيرة ليسبوا آخر رسول كما سبوا من قبله من الرسل، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال أنه لبنة في بنيان الأنبياء فهو ليس لبنة في دعوته وتبليغه الحق فحسب بل أيضاً في تشابه الابتلاء والأعداء.
قال صلى الله عليه وسلم: «مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها وأجملها وترك منها موضع لبنة فجعل الناس يطوفون بالبناء ويعجبون منه ويقولون لو تم موضع تلك اللبنة وأنا في النبيين موضع تلك اللبنة.»[2].


دعوة مني إلى كل من يُحَكِّم العقل والفطرة أن يفتح كتابه المقدس ويفتح قرآننا ويقارن بين قصص الأنبياء هنا وهناك ليعلم أنني ما كذبت عليكم والله الهادي إلى سواء السبيل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: [11/72]، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.

[2]الراوي: أبي بن كعب المحدث: الترمذي، المصدر: سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: [3613]، خلاصة حكم المحدث: حسن.

  • 1
  • 0
  • 3,535

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً