تدبر - (360) سورة فصلت (1)
ظن العبد أن ربه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومعرفته ويقينه باسمه العليم والسميع والبصير من المفترض أن يدفعه ذلك لمراقبة مولاه في السر والعلن.
ولعل أخطر ما في معصية السر: أنها تجعل من وقع فيها عرضة لأن ينطبق عليه وصف من الأوصاف التي لا يقبل مسلم أن يتصف بها، فما بين سوء ظن بالله أو نقص في الحياء.
تأمل قوله تعالى: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت:22]، بمقتضى ظاهر لفظ هذه الآية فإننا حين نقع في معصية سر ونغلق الأبواب، ونحرص على الانفراد بتلك المعصية، ونستتر من كل عين، ونحتجب عن كل بصر إلا بصر الله وسمعه، فإن ذلك فيه دلالة ضمنية على سوء ظن بالله، ونقص في المعرفة بأسمائه وصفاته وقصور في تعبده بمقتضاها..
فظن العبد أن ربه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومعرفته ويقينه باسمه العليم والسميع والبصير من المفترض أن يدفعه ذلك لمراقبة مولاه في السر والعلن.
فلما لم يفعل! دل ذلك على قصور في هذا الظن، وخلل في تلك المعرفة..
أو أنه يعرف ولكنه لا يهتم ولا يستحيي! من ذلك السمع والبصر والعلم..
ورغم أن الآية على قول جمهور المفسرين نزلت في وصف حال الكفار الذين سيرديهم ظنهم الذي ظنوه بربهم، إلا أن ذلك لا يمنع وجود صفة مشتركة بينهم وبين هاتكي محارم الله إذا خلوا بها..
وأن من يفعل ذلك يحتاج إلى مراجعة ظنه بالله خوفًا أن يقال له يوم القيامة: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ} [فصلت:23].
أسأل الله أن يتوب علينا من معاصي السر والعلم، وأن يحسن ظننا فيه ومعرفتنا به.
- التصنيف: