من المناهي اللفظية - (17)
نشهد بدلا من أشهد- هلك الناس- هو هو- عليك السلام .
· "نشهد أن لا إله إلا الله"
وصوابه كما في خطبة الحاجة وعامة هديه صلى الله عليه وسلم بالإفراد في الشهادتين بلفظ: (أشهد)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يشهد عن غيره، إنما يشهد ويخبر عن نفسه.
· "هلك الناس"
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ». (رواه مسلم، ومالك، وأبو عوانة، وابن حبان، والبخاري في الأدب المفرد.)
وقال النووي في معنى هذا الحديث وضبطه: "قلت: وروي (أهلكهم) برفع الكاف وفتحها، والمشهور الرفع ويؤيده أنه جاء في رواية رويناها في حلية الأولياء، في ترجمة سفيان الثوري: فهو من أهلكهم.
قال الإمام الحافظ أبو عبد الله الحميدي في: الجمع بين الصحيحين: في الرواية الأولى، قال بعض الرواة: "لا أدري هو بالنصب أم بالرفع".
قال الحميدي: "والأشهر الرفع أي: أشدهم هلاكًا، قال: وذلك إذا قال ذلك على سبيل الإزراء عليهم والاحتقار لهم، وتفضيل نفسه عليهم، لأنه لا يدري سرَّ الله تعالى في خلقه. هكذا كان بعض علمائنا يقول"، (هذا كلام الحميدي).
وقال الخطابي: "معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول:
وربما أدَّاه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أن له فضلاً عليهم، وأنه خير منهم فيهلك". (هذا كلام الخطابي فيما رويناه عنه في كتابه معالم السنن) .
وروينا في سنن أبي داود رضي الله عنه قال: حدثنا القعنبي عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، فذكر هذا الحديث، ثم قال: قال مالك: "إذا قال ذلك تحزناً لما يرى في الناس قال: يعني من أمر دينهم؛ فلا أرى به بأسًا، وإذا قال ذلك عجبًا بنفسه وتصاغرًا للناس؛ فهو المكروه الذي نُهى عنه".
قلتُ: "هذا تفسير بإسناد في نهاية من الصحة، وهو أحسن ما قيل في معناه وأوجزه، ولاسيما إذا كان عن الإمام مالك رضي الله عنه".
وقال ابن القيم في الهدي: "وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول الرجل: هلك الناس، وقال: « » وفي معنى هذا: فسد الناس وفسد الزمان ونحوه".
ومن تأمل ما ذكره وما جرى على لسان السلف من التحزن على أحوال زمانهم وأهله؛ رأى أن ما قاله مالك رحمه الله تعالى ورجحه النووي في الأذكار، هو تفصيل حسن به تنزل السنة في منزلتها، وما جرى على لسان السلف في منزلته. والله أعلم.
· "هوهو"
هذا من أذكار الطرقية المبتدعة، وأسماء الله تعالى وصفاته توقيفية، ولا أصل لهذا الذكر في الكتاب ولا السنة ولا عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم وإنكار هذا منتشر في كتب أهل السنة. والله أعلم.
· "وعليك السلام"
ترجم البخاري في كتاب الاستئذان من صحيحه فقال: (باب من رد فقال: عليك السلام).
ثم ذكر الحافظ في الفتح وجوه احتمال المراد في ترجمة البخاري على خمسة أوجه: وذكر منها الثاني وهو أنه لا يأتي بصيغة الإفراد في الجواب على السلام فقال مستدلًا له:
"أخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق معاوية بن قرة قال: قال لي أي: قرة بن إياس المزني الصحابي: "إذا مر بك رجل فقال: السلام عليكم، فلا تقل: وعليك السلام، فتخصه وحده فإنه ليس وحده". (وسنده صحيح).
ومن فروع هذه المسألة: (لو وقع الابتداء بصيغة الجمع؛ فإنه لا يكفي الرد بصيغة الإفراد؛ لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم، فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلًا عن الأحسن. -نبه عليه ابن دقيق العيد-) اهـ.
والله تعالى يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [سورة النساء: من الآية 86] .
فالرد بصيغة الإفراد ليس من ردِّ التحية بأحسن منها. والله أعلم.
وفي حكم من قال في الابتداء: "وعليكم السلام" ولو بدون واو فهو لا يكون سلامًا ولا يستحق جوابًا، وتعقبه بعضهم.
والثابت في الابتداء تقديم لفظ "سلام" فيقال: "سلام عليكم" أو "السلام عليكم". وما ذُكِر نصَّ غيرُ واحدٍ على كراهته منهم: المتولي، وابن القيم وغيرهم، وحرر كلام الجميع الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح.
وفي حديث جابر بن سلمة مرفوعًا: « ». رواه الترمذي وغيره.
بكر بن عبد الله أبو زيد
عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية سابقاً ورئيس المجمع الفقهي الدولي ... رحمه الله رحمة واسعة وغفر له ولوالديه ولمشايخه ولتلامذته ولمحبيه.
- التصنيف:
- المصدر: