قضايا الحاكمية تأصيل وتوثيق - (5) معنى قوله عليه السلام: «اسمعوا وأطيعوا وإن تأمَّر عليكم عبدٌ حبشي»
لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وأخبار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تضاد، وإنما أحاديث السمع والطاعة مجملة، تفسرها الأحاديث الأخر المُفسرة؛ ما لم يخالف أمر الله، وهذا قول عامة السلف..
"وقوله عليه السلام فى هذا الحديث: «صحيح مسلم:1298)، يلزم منه طاعة الأئمة إذا كانوا متمسكين بالإسلام، والدعوة لكتاب الله، كيف ما كانوا هم فى أنفسهم وأنسابهم وأخلاقهم..
وفيه وجوبها -الطاعة- فيما يشق ويكره فى باب الدنيا لا فيما يخالف أمر الله..
كما قال فى الحديث الآخر: « »، وبهذا يجمع بين الأحاديث، وهذا يفسر عموم الحديث المتقدم..
قال الطبرى: فيه أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وأخبار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تضاد، وإنما أحاديث السمع والطاعة مجملة، تفسرها الأحاديث الأخر المُفسرة؛ ما لم يخالف أمر الله، وهذا قول عامة السلف..
وقوله: أفلا نقاتلهم؟ -في الحديث الآخر- قال: « ».
على ما تقدم من منع الخروج على الأئمة والقيام عليهم ما داموا على كلمة الإسلام، ولم يُظهروا كفراً بينًا، وهو الإشارة ها هنا: « »، أى ما كان لهم حكم أهل القبلة والصلاة، ولم يرتدوا ويبدلوا الدين ويدعوا إلى غيره.
والإشارة أيضاً بقوله: « » -أى بالإسلام- وحكم كتاب الله وإن جار" (القاضي عياض رحمه الله، في إكمال المُعلِم).
قلتُ: فتأمَّل الضوابط والقيود التي قيَّد بها أهلُ العلم طاعةَ الحاكم!
وكيف أنها ليست طاعةً مُطلقةً عمياء؛ يستحقُّها كلُّ مَن مَلك أمرَ المسلمين وزمامَهم، عادلًا كان أو غير عادل، شرعيًّا كان أو مُتسلطًا غاصبًا!
وتأمَّل كيف جمع السلف بين النصوص، وساقوها سياقًا عدلًا، يتسق مع روح الشريعة الغراء، التي جاءت بترسيخ العدل، وإزالة الظلم، وتتدبر تفسير قول نبينا: « »، وكيف أن المراد ليس مجرد إقامة الصلاة!
وإنما المراد: ما داموا على الإسلام شرعةً وتطبيقًا، ولم يبدلوا الدين أو يُغيروه، ولم يتحاكموا إلى غيره، بدلالة الرواية الأخرى: « »، فعُلم أن ذكر الصلاة؛ مجرد مثال، لم يُرَد منه الحصرُ أبدًا..
وإلَّا فإن المنافقين المرتدين كانوا يقيمون الصلاة والحج والجهاد! ثمَّ كبَّهم الله على مناخرهم في النار! أنار الله بصائرنا بالحق والهُدى.
- التصنيف: