المرآة الجديدة
لو نظرنا إلى كثير من الناجحين المؤثرين أصحاب الإنجازات، لوجدنا أنه ليس مهمًا في حياتهم أبدًا متى بدؤوا ولا ما هي ظروف بداياتهم، بل المهم والأكثر تأثيرًا أنهم بالفعل استقرت قلوبهم ونفوسهم وعقولهم في حالة تآلفية مع ما يريدون إنجازه.
لو نظرنا إلى كثير من الناجحين المؤثرين أصحاب الإنجازات، لوجدنا أنه ليس مهمًا في حياتهم أبدًا متى بدؤوا ولا ما هي ظروف بداياتهم، بل المهم والأكثر تأثيرًا أنهم بالفعل استقرت قلوبهم ونفوسهم وعقولهم في حالة تآلفية مع ما يريدون إنجازه.
بالأمس القريب نظرت ورائي فتألمت كثيرًا وتحسرت على أشياء فاتتني من الخير، لكن هذا الألم لم يعنِ لي شيئًا إلا التحسر والنكد حتى الآن، وسيظل كذلك إلى أن أحوله إلى طاقة مؤثرة أستجمع فيها ما تيسر لي لأنجز شيئًا أحبه وأشعر فيه بأنني قدمت شيئًا يرضي ربي وينفع الناس ويصلح عالمي الذي أحيا فيه.
كثيرٌ منا خطط لأشياء كثيرة وطافت به أحلامُه نحو أماني كثيرة، لكنه أخفق ولم يستطع تحقيقها، وبعض هؤلاء قد أصابته النكسة والخذلان فقعد وعجز، وبعضهم أكمل طريقه وصبر وثبت واستعان بالله سبحانه وبدأ من جديد بعزم جديد، وأستطيع أن أزعم أن كثيرًا من هؤلاء قد حقق الآن شيئًا إيجابيًا.
لذلك فمن أهم الدروس التي يحكيها الحكماء هو قولهم: "ضع لحظتك الراهنة نصب عينيك.. تستطيع أن تفعل فيها إنجازك" هذا أيضًا مفهوم مدعوم من الرؤية الإسلامية، فأنت مطالب دينيًا بواجب اللحظة، ومن واجب اللحظة إتقان العمل: «الألباني). كما أن من واجب اللحظة التوبة على ما فات من تراجع في طريق الإيمان وتقصير في جنب الله سبحانه. كما أن من مهام اللحظة إصلاح ما أفسدت وإقامة ما تسببت في اعوجاجه.
» (أخرجه الطبراني وصححهإن المؤثرين الكبار لم ينكسروا أمام عقبات الحياة، سواء أكانت تلك العقبات مشقة أو فقرًا أو غيرها، إنهم لم يجعلوا أنفسهم مثل غيرهم، ولم يجعلوا آثارهم مثل آثار غيرهم تندثر بعد سني حياتهم، لكنهم قهروا أجسادهم وأتعبوها في سبيل آمالهم العظيمة، سأل ابن الإمام أحمد والده يومًا -وقد رآه مريضًا متعبًا مرهقًا- فقال: يا أبت متى الراحة؟ فقال له الإمام: "عند أول قدم أضعها في الجنة".. وفي صحيح مسلم لما سئلت عائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا؟ قالت: "نعم، بعدما حطمه الناس".. نستطيع إذن أن نضحي براحتنا في مقابل الآمال العليا، نستطيع أن نتكبد المشاق من أجل الأهداف الكريمة، من أجل تحقيق إنجازات نحقق بها ذواتنا ونصلح بها مجتمعاتنا ونرضي بها ربنا.
لا شك أن أجسادنا لم تتعود ذلك، ونفوسنا لم تألفه ولكن علينا أن نعودها ونربيها على عظائم الأمور حتى لو لم تكن تألفها، فخير الأعمال من الصالحات ما أكرهت عليه النفس. نستطيع تقليل ساعات الراحة وتكثير ساعات التعلم، نستطيع أن ندرب أنفسنا على التفكير الإيجابي وتقييم قدراتنا وإمكاناتنا، وعندما نصل إلى تلك الخطوة علينا أن ندرب أنفسنا تدريجيًا لنصل بها إلى ما نريد.
علينا كذلك أن نتابع حركتنا الإنجازية متابعة تشجيع، وندون بطريقة علمية نقاط وعلامات طريقنا الذي نسير فيه أيًا كان الاختيار. من ثم ينبغي علينا الاهتمام بالجانب العلمي فيما نريد تحقيقه وبخبرة العلماء والخبراء فسؤالهم ومناقشاتهم ستوفر عليك وقتًا وجهدًا وزمنًا. وبالتدريج والتدريب سنجد أن نفوسنا وأجسادنا وأوقاتنا تعطينا شكلا آخر، ووجهًا آخر لدرجة أننا قد لا نعرف أنفسنا -من التغيير الإيجابي- بعد فترة قليلة!
خالد رُوشه | 29/10/1435 هـ
- التصنيف:
- المصدر: