سر القفزة العجيبة

منذ 2003-06-19
سر القفزة العجيبة

كان الظلام الدامس يلف المكان، كنت أسير وحدي في ذلك الطريق الذي خلا تماماً من المارة ، كان كل شيء حولي يثير الرعب في نفسي...،و مع ذلك ، و على الرغم من هذا الجو الدراماتيكي المخيف واصلت السير في حذرٍ و ترقب...

و فجأة ... ظهر أمامي شبح جسمٍ غريب ملأ قلبي هلعاً و فزعاً... ، لم أكد أستوعب ما أرى حتى بدأ ذلك الشبح بمطاردتي... ، انطلقت مسرعاً من دونما تفكير، و بدأت أركض في اتجاهٍ عشوائي، اندفعت بكل قوة في محاولةٍ للتخلص من هذا الشبح المخيف ، و لكني ...فوجئت بأني أركض في اتجاه سورٍ مرتفعٍ يسد الطريق...،

للحظة... شعرت باليأس و أني سأكون لقمةً سائغةً لهذا الشبح، و لكن.... سرعان ما وجدت أن جسدي كان له رأيٌ آخر فقد اتخذ قراراً سريعاً و حاسماً، و قفز من فوق ذلك السور على الرغم من ارتفاعه....!!! و....و انتهت المطاردة عند هذا الحد ، و لم يعد ذلك الشبح يطاردني، لقد كانت هذه القفزة العجيبة هي التي أنقذتني.

على الجانب الآخر من السور التقطت أنفاسي بسرعة...، ألقيت نظرة على السور المرتفع ، جلست مسنداً ظهري إلى السور، أطرقت أفكر و أقول في نفسي : " ما هذا الشبح الذي كان يطاردني؟ ثم كيف تمكنتُ من القفز من فوق هذا السور المرتفع؟ لابد أن هذه القفزة لم تأت من فراغ ، لا بد أن هناك طاقةً مخزونةً في أعماق نفسي هي التي مكنتني من القيام بهذا العمل -الغير طبيعي في نظر الكثيرين- .

لقد تعلمت درساً عظيماً من هذا الموقف... فاليوم تعلمت أن في داخلي- و في داخل كل إنسان- طاقاتٍ كامنة و مواهبَ مدفونة كنت أنا - و الكثيرون مثلي - غافلين عنها جاهلين بحقيقتها، ثم إني قد عرفت ذلك الشبح الذي كان يطاردني... ،إنه "عقدة المستحيل"، تلك العقدة التي طالما طمست مواهبي و إبداعاتي، و قتلت طموحاتي و آمالي، فجعلتني أتقاعس عن كثيرٍ من الأعمال بدعوى العجز و استحالة التنفيذ...، من اليوم فصاعداًُ لن أعرف شيئاً اسمه المستحيل فكل ما بإمكان البشر فعله ليس بمستحيل ، سأبذل قصارى جهدي حتى أكون إنساناً منتجاً، سأسخر كل طاقاتي لخدمة أمتي و رفعة ديني، لن أكون عالةً على أحد ، لن أرضى بذل الكسل و هوان الخمول، سأكون من اليوم إنساناً جديداً، يعرف أهدافه و يحددها بدقة، و يبذل كل غالٍ و نفيس في سبيل تحقيقها و الوصول إليها. و ما هذا إلا إرضاءً لربي وطمعاً في جنته، و نفعاً لنفسي، و إفادةً لغيري، و عزةً لأمتي، و انتصاراً لديني، و الله هو الموفق و الهادي إلى سواء السبيل."

و قبل الختام أقول لك أنت يا أخي و بكل اختصار :- فتش عن الدُرّ في أعماق نفسك ففيك درر كثير ، و خيرٌ وفير ، فيك مواهبُ مدفونة، و طاقاتٌ كامنة ، فتش عنها ، استخرجها من أعماق نفسك، استعملها لخدمة أمتك، تخلص من عقدة المستحيل، لا تقتل طموحاتك ، لا ترضى أبداً بالدون فالرضى بالدون صفة الدنيء، كن دائماً عاليَ الهمة بحق ، كن رجلاً قدمه في الثرى و هامة همته فوق الثريا، ابتغي في كل أفعالك و أقوالك مرضاة الله ، اطلب منه العون و المدد و اسأله التوفيق و السداد.

فإذا فعلت هذا... فحينها أبشر بالذي يسرك ، أبشر بحياةٍ هانئةٍ سعيدة - هذا في الدنيا - ، ثم أبشر بجنةٍ عرضها كعرض السماوات و الأرض- هذا في الآخرة- ، { و في ذلك فليتنافس المتنافسون }

كتبها أخوكم المحب في الله /أمجد يوسف أبو جبارة
لا تنسونا من صالح دعائكم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
  • 7
  • 0
  • 27,602
  • خالد

      منذ
    [[أعجبني:]] هذه الأمة فيها طاقات كثيرة يجب أن نكتشفها و أن نستغلها و لانبقى تبعاً للغرب الكافر ...
  • عائشة أحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] جعلتني أشعر بقيمة نفسي و قيمة طاقاتي و أن لي دور يجب أن أقوم به.
  • خليل أحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني : التشويق في العرض ... و الحبكة الدرامبة في بداية القصة ... و ربطها بالفكرة المراد إيصالها من وراء الموضوع .... و جزالة الألفاظ و التراكيب و قوتها ...
  • محمد شاهين

      منذ
    [[أعجبني:]] يدعونا اخى الى البدء بأكتشاف النفس من جديد ولكن فى اطار اسلأمى منظم وبعث فينا الأمل فى زمان لم يوجد فيه امل بارك الله فيك يا اخى [[لم يعجبني:]] 0000000000000000000
  • سها

      منذ
    [[أعجبني:]] قوته وجرآته
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] ذكرتني قصتك هذه بقصة الآسد الذي رُعي مع قطيع من المعز الجبلي حتي استأسدوا عليه ووصاروا ينطحونه بقرونهم الملتوية حتي رأه أسد كبير من فوق التل فرثآ له قائلا إنك أسد يجب أن تخافك الحيوانات جميعا فأجابه متعللا بضعفه فقال عليك أن تزأر زئرة واحدة بهذا القطيع ثم انظر ماذا تري فماأن اجاب النصيخة حتي تفرق القطيع مخافةمن ذاك الشبل الصغير وزئرته الضعيفة فعلي الأمة الإسلامية أفراد وجماعات أن يزئروا زئرة واحدة مثل هذا الأسد الصغير حتي تعرف الخراف قوتها الحقيقيه وعليهم ألا ينهزموا نفسيا فإن الهزيمة النفسية هي أشد شراسة في المعاك من الطائرات العسكرية [[لم يعجبني:]] شيء جميل توظيف الأدب في الدعوة إلي الله وإن من البيان لسحرا لكن ينقصهاالإهتمام بالشكل والأسلوب حيث توجد عبارات ضعيفة أسلوبا لكثرة حروف الجر بدون داعي والتطويل في عرض المضمون
  • أبو عبد الرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] الحث على علو الهمة فيكل شيء
  • حسن دبور

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبتنى فى هذه المقالة المهمة العالية التى تؤهل صاحبها لإنفاذ أهدافه ونحقيق رغباته فى ظل تقوى الله وخشيته سبحانه وتعالى...
  • نسر الإسلام

      منذ
    [[أعجبني:]] ما أحوجنا إلى مثل هذه القفزات الأدبية التربوية التي تحدونا إلى قفزات واقعية حياتية نحو الأرقى و الأفضل دينا و علما و عملا
  • hesham antar

      منذ
    [[أعجبني:]] إني قبل قراءة المقالة كنت فاقد الثقة في نفسي أما الآن فالحمد لله

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً