فوائد التمر للمرأة الحامل والمرضع

منذ 2014-11-07

تُعرف هذه الثِّمار بقيمتها الغذائية العالية، إذ تعدُّ غذاء طبيعيًا مركَّزًا لأجسامنا، حتى شُبِّه التمر بالمنجم لكثرة ما يحتويه من العناصر المعدنية، ناهيك عن احتوائه على مختلف الفيتامينات والسكَّريات.

وصفها ابن الرومي فأجاد:

بَعَثْتُ بِبَرْنيٍّ جَنيٍّ كَأنَّه *** مخازِن تِبْرٍ قَدْ مُلِئْنَ من الشَّهْدِ
مختَّمَةَ الْأَطْرَاف تَنْقَدُّ قُمْصُهَا *** عَن العَسَلِ الماذِي والعَنْبَرِ الهِنْدِي

يُنَقَّلُ مِنْ خُضْرِ الثِّيَابِ وصُفرهَا *** إلى حُمرها ما بين وَشْي إلى بردِ
فَكَمْ لبِثَتْ في شَاهِقٍ مِنْهُ لا تُرَى *** ولا تُجْتَنَى باللَّحْظِ إلا من البعدِ
ألذُّ من الشَّكوى وأحْلى من المنى *** وأعْذَبُ مِنْ وصْل الحَبِيب على الصدِّ[1]

تلك هي التُّمور... ثمار النخيل...

تُعرف هذه الثِّمار بقيمتها الغذائية العالية، إذ تعدُّ غذاء طبيعيًا مركَّزًا لأجسامنا، حتى شُبِّه التمر بالمنجم لكثرة ما يحتويه من العناصر المعدنية، ناهيك عن احتوائه على مختلف الفيتامينات والسكَّريات.

وما سنركِّز عليه في هذه المقال هو فوائد التمر للمرأة الحامل والمرأة المرضع.

لقد أثبت العلم الحديث في كشف علمي أن في التمر مادتين تحتاجهما المرأة الحامل أثناء الوضْع والمرأة المرضع أثناء الإرضاع.

وفي ما يلي تفصيل عن ذلك:

الأمر الأوَّل: يتعلَّق باحتواء التمر على مادة مليِّنة ومنظِّفة للأمعاء، ولا سيَّما الغليظة، وهذه المادة تُعين على انزلاق بقايا الطعام في الأمعاء، وفي حالة المرأة الحامل فإن هذا يُساعدها على أن تكون أمعاؤُها خاليةً من كلِّ شيءٍ، لئلاَّ يُعيق امتلاء الأمعاء خروج الجنين من الرَّحم.

أما الأمر الثاني: فيتعلَّق بوجود مادة في التمر تشبه هرمون الأُوكْسِيتُوسين (L'ocytocine) من حيث تأثيرها، ويتمُّ إنتاج هذا الهرمون من قِبل المنطقة تحت السريرية، ويخزَّن في الغدة النخامية الخلفية، وفي نفس الوقت تقوم الإسْتروجِينَات (Les œstrogènes) التي تفرزها المشيمة بزيادة قدرة ما تحت المهاد على صنع هرمون الأُوكْسِيتُوسين، كما تعمل على مضاعفة حجم الغدة النخامية وزيادة قدرتها على تخزينه، بل إنها تزيد من مستقبلاته.

وما إن يبدأ المخاض حتى يُفرز هذا الهرمون من مخازنه ويتَّحد مع مستقبلاته، فتبدأ التقلُّصات العضلية بشكل تدريجي، فيتوسَّع الرَّحم وتحدث الولادة.

ويتابع هرمون الأُوكْسِيتُوسين تأثيره بعد الولادة بحيث يُعين على انقباض الألياف العضلية للرَّحمِ بعد نزفه، فمعلوم أن رحم المرأة الحامل يزيد حجمه عمَّ كان عليه قبل الحمل، إذ ينتقل من اثنين ونصف سنتيمترٍ مكعَّبٍ، إلى سبعمائة وخمسين سنتيمترًا مكعَّبًا، وحين ينزل الجنين من رحم الأم أثناء الولادة تتْبعه المشيمة الموصولةُ بأوعية الأم الدموية، فتتقطَّع هذه الأوعيةُ وتُفتح، ولو بقيتْ هذه الأوعية مفتوحةً لنزفت الأمُّ وماتتْ، ويعمل هذا الهرمون على التقليل من الشعور بالألم عند الولادة، كما أن قلة هذا الهرمون تؤدي إلى ارتخاء الرَّحم والنزيف أيضًا.

ولكل هذه الأسباب يُعطى هذا الهرمون للنِّساء الحوامل قبل الولادة بقليل لتسهيل خروج الجنين وتقليل الآلام.

أضف: إنَّ هذا الهرمون يقوم بالدور الأكبر في عملية رضع الحليب من صدر الأم لأن هذا الهرمون يؤدي إلى تقلُّص العضلات المحيطة بالقنوات الحليبية للغدد، ومن خلال هذا التقلُّص يسير الحليب من الغدد حتى يجد طريقه إلى حلمة الثدي منتظرًا أن يمتصَّه الرَّضيع.

إذن.. وبعد هذه الجولة الطبية، حريٌّ بكِ يا أختاه أن تتناولي التمر حال وضعكِ ونفاسكِ، لما يحتويه من فوائد جمة، ولنا في قصة مريم البتول عبرة، يقول عز وجل: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا . فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا} [مريم: 23-26].

لقد أمر الله تعالى في هذه الآيات السيِّدة مريم أن تأكل من الرُّطب، وقد أورد ابن كثير أثناء تفسيره للآية الكريمة قول عمرو بن ميمون: "ما من شيء خيرٌ للنُّفَساء من التمر والرُّطب"[2]، فسبحان الله!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والمراجع:

• (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة للدكتور محمد راتب النابلسي).

• (معجزة الهرمون لهارون يحيى).

• (تأمُّلات في النخلة والرُّطب للدكتور جمال القدسي الدويك).

[1]- (البَرْنيُّ: ضرب من التمر أصفرٌ مُدوَّر، وهو أجود التَّمر، واحدتُه بَرْنِيّةٌ، ينظر: لسان العرب لابن منظور، ط3، دار صادر، بيروت، لبنان، 1414هـ، فصل الباء الموحَّدة: [13/49]، والأبيات لابن الرومي، ينظر: الديوان: [1/524]، شرح: أحمد حسن بسنج، ط3، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1423هـ / 2002م).

[2] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: [5/225]، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ / 1999م).

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

شميسة خلوي

الدكتورة شميسة خلوي كاتبة وباحثة إسلامية جزائرية

  • 6
  • 1
  • 5,598

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً