التقارب الديني: خطره - أسبابه - دعاته
منذ 2008-07-30
فإن من الأمور التي عمَّت بها البلوى في هذا العصر وأخطرها تلك الدعوة التي رفعها بعض المنهزمين بإيعاز من المستشرقين في أواخر القرن الميلادي الماضي، وقد جاراهم فيها بعض الصلحاء المستغفلين من الدعاة، ألا وهي [دعوى التقارب الديني]، أو [وحدة الأديان]، أو
الحمد لله القائل: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ..} [سورة البقرة: 120].
وصلى الله وسلم على محمد، الذي حذَّرنا من اتخاذ الرؤوس الجُهّال، فقال: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» [رواه البخاري ومسلم].
أما بعد:
فإن من الأمور التي عمَّت بها البلوى في هذا العصر وأخطرها تلك الدعوة التي رفعها بعض المنهزمين بإيعاز من المستشرقين في أواخر القرن الميلادي الماضي، وقد جاراهم فيها بعض الصلحاء المستغفلين من الدعاة، ألا وهي [دعوى التقارب الديني]، أو [وحدة الأديان]، أو الدعوة إلى [الحزب الإبراهيمي]، أو جمع أهل الأديان السماوية على [الملة الإبراهيمية]، ونحو ذلك من هذا الهُراء.
لقد لاقت هذه الدعوة في الآونة الأخيرة رواجاً، حيث عقدت مؤتمرات وندوات لمناقشة كيفية التوصل إلى دين عالمي جديد، يجعل الناس - كل الناس - يعيشون في وئام وسلام، خاصةً في البلد الواحد، دون أدنى اعتبارٍ لدينهم وتراثهم وثقافتهم، فـ"الدين لله، والوطن للجميع، وما لله لله وما لقيصر لقيصر!!".
هذا الدين العالمي الجديد يوالي فيه المسلم أخاه النصراني واليهودي والمجوسي والوثني!!!، إذ جميعهم من آدم وحواء - عليهما السلام -!!
وهذا بحث تكلَّم عن تاريخ هذه الدعوة: عن بَطَلَتها، وعن الأٍسباب الحقيقة للقيام بها، وعن مخالفتها الصريحة البينة الواضحة لما جاء به الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -:
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران: 64].
كتبته نصيحة لله ولرسوله، ولدينه، ولدعاة هذه الدعوة، ولعامة المسلمين، ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حيّ عن بينة.
1- الغرض الأساسي من الدعوة وحدة الأديان أو التقارب الديني هو:
إبعاد الإسلام، وإقصاؤه عن الحياة، وإذابة معتقداته؛ ليعيش أصحاب الملل المختلفة في البلد الواحد في محبة، وتزول عنهم الخلافات الدينية، ويختفي منهم الولاء الديني، ليصبح الولاء للوطن الذي هو للجميع، فالدين لله والوطن والجميع!!!
2- متى ظهرت هذه الدعوة في العالم الإسلامي؟ ومن هم بطلتها؟
أول ما بدأت هذه الدعوة في الربع الأخير من القرن الماضي، بإيعاز من بعض القُسُس، فهي ثمرة من ثمار الغزو الفكري، والاستعمار الأوربي الذي جثم على صدر الأمة الإسلامية في ذلك الحين، ثم توالت الصيحات فيما بعد.
يقول الشيخ محمد محمد حسين - رحمه الله -: "أما التوفيق بين الأديان -بين المسيحية والإسلام على وجه الخصوص - فقد بدأ في العصر الحديث باتفاق قسيس إنجليزي اسمه [إسحاق تيلور] مع الشيخ محمد عبده وبعض صحبه في أثناء نفيه بدمشق 1883م على التوحيد بين الدِّينيْن. ثم ظهرت الدعوة من جديد في السنوات الأخيرة حين قام جماعة من المعروفين بميولهم الصهيونية بعقد مؤتمر للتأليف بين الإسلام والنصرانية في بيروت 1953م، ثم في الإسكندرية 1954م، وقد كثرت الأقاويل في أهداف هذه الجماعة، وفي مصادر تمويلها، وأصدر الحاج أمين الحسيني بياناً أثبت فيه صلة القائمين على هذه الدعوة بالصهيونية العالمية'[الاتجاهات الوطنية: 2/319-320]".
3- أبرز بَطَلَة- قال - صلى الله عليه وسلم - في مدح سورة البقرة: «وَلَا يسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» [رواه مسلم]، أي: السحرة الباطلين - هذه الدعوة:
[1] الشيخ محمد عبده [1849-1905]م:
هو أول من سُخِّر للدعوة لتلك الفكرة، كما وضح لنا من قبل: "وقد يكون أخطر آثار محمد عبده التي تعد ركيزة من ركائز العلمانية في العالم الإسلامي: إضعاف مفهوم [الولاء والبراء]، و[دار الحرب ودار الإسلام]؛ إذ كان الشيخ أعظم من اجترأ عليه من المنتسبين للعلماء، لا بتعاونه مع الحكومة الإنجليزية الكافرة فحسب، ولكن بدعوته الصريحة إلى موالاة الإنجليز وغيرهم - بحجة الأول التعاون مع الكافر ليس محرماً من كل وجه- وبدعوته إلى التقريب بين الأديان..حقيقة إن الرأي العام الإسلامي قد ثار على بعض فتاوي الشيخ التي أباح بها موالاة الكفار، ولكن تأثيرها في الأمة لا شك فيه في تلك الفترة الحرجة التي تتميز بغبش الرؤية واختلاط المفهومات" [العلمانية لسفر الحوالي، ص578-579].
[2] الشيخ عبد الرحمن الكواكبي [ت 1902م]:
دعا للعلمانية ونَبْذِ الدين صراحةً، كما دعا للتعايش السلمي مع اليهود والنصارى، وترك الدين جانباً، وهو نفس ما يدعو إليه دعاة وحدة الأديان الحاضرين.
[3] الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي [ت1873م]:
هو من الذين دعوا إلى ذلك بكتاباتهم وفكرهم، بعد أن فعلت فيه الثقافة الغربية الفرنسية فعلها..
ولله در ابن خلدون حين قال: "والمغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، وبخلقه، وسائر أحواله وعوائده".
والسنوات الخمس التي قضاها هذا الشيخ الأزهري [1826-1831هـ] في باريس فعلت فيه الأفاعيل، وجعلته مسخاً مشوهاً لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء. وهذه حال جُل المبعوثين ألاّ من رحم ربك.
[4] الشيخ أحمد لطفي السيد وطه حسين:
وهما من تلاميذ محمد عبده الأوفياء، أكملا الشوط الذي كان قد بدأه في عملية التغريب والعلمنة، وإزالة الحاجز بين المسلمين والكفار.
[5] الشيخ علي عبد الرازق:
وهو من الشخصيات الخطرة التي مهدت لقيام هذه الدعوة، إنه شيخ مفتون، ألف كتاباً أسماه (الإسلام وأصول الحكم)، جمع بين أسلوب المستشرقين في تحوير الفكرة، واقتطاع النصوص، وتلفيق الواهيات، وبين طريقة الباطنية في التأويل البعيد، وسرد نبذاً من سير الطواغيت، ونتفاً من أقوال متملقيهم وعمد إلى مغالطات عجيبة كل ذلك ليدلل على أن الإسلام كالمسيحية المحرفة علاقة روحية بين العبد والرب لا صلة لها بواقع الحياة.
ولم يَفُتِ الشيخ أن يدلنا على أحد مراجعة الرئيسية لنستكمل ما قد يكون فضيلته عجز عن بيانه، فهو يقول في الكتاب نفسه: "واذا أردت مزيداً في البحث فارجع إلى كتاب الخلافة للعّلامة[!!] السير تومس آرنلد ففي الباب الثاني والثالث منه بيان ممتع ومقنع".
[6] الدكتور محمد عمارة:
هو كذلك من دعاة تجميع الخلق تحت دين جديد واحد، يقول عنه جمال سلطان: "في نظره أن اليهود والنصارى اليوم مؤمنون مسلمون موحدون ولا يضرهم في شيء من إيمانهم تكذيبهم بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبرسالته، فإذا ما وقف أهل الكتاب من أتباع شرائع الرسل الذي سبقوا محمد - صلى الله عليه وسلم - عند التصديق برسالة رسلهم- وهل هم مصدقون برسالة رسلهم؟ لو صدقوا بها لآمنوا ولكنهم كافرون بالجميع -، وأبوا التصديق برسالة محمد ونبوته مع توحيدهم - أي توحيد هذا الذي يقول: إن الله ثالث ثلاثة؟ و أي طاعات يأتي بها اليهود والنصارى. سبحانك هذا إفك عظيم -وعملهم الطاعات!! فإن هذا التوقف لا يخرجهم عن إطار الدين الواحد، ولا حظيرة التدين بالإسلام. فموقفهم هذا هو انحراف! والفرق بين من يؤمن بمحمد وبكل الرسل وبين الذي يجحدون بنبوة محمد ورسالته مع توحيدهم وعملهم الطاعات كمثل الفرق بين إيمان المؤمن الخلي من البدع، وبين إيمان من تشوب البدع إيمانه". (انظر:محمد عمارة - الإسلام والوحدة الوطنية ص50-ص82).
[7] الدكتور حسن حنفي:
يذهب الدكتور حنفي إلى أنه ليس هنالك دين في ذاته بل هناك تراث يمكن تطويره وتطويعه حسب الظروف والملابسات: "الأول التراث القديم لا قيمة له في ذاته كغاية أو وسيلة، ولا يحتوي على أي عنصر من عناصر التقدم، وأنه جزء من تاريخ التخلف أو أحد مظاهره، وأن الارتباط به نوع من التغريب ونقص في الشجاعة وتخل عن الموقف الجذري ونسيان للبناء الاجتماعي الذي هو إفراز منه، وفي حين أن الجديد علمي وعالمي يمكن زرعه في كل بيئة". (د. حسن حنفي -التراث والتجديد ص22 وانظر: غزو من الداخل ص66- جمال سلطان).
[8] الدكتور حسن الترابي:
من أبرز بَطَلَة هذه الدعوة الدكتور حسن عبد الله الترابي.
وواضح جداً أن المتولين لكبر هذه الدعوة هم على شاكلة واحدة ومن نوع خاص، إنهم العصرانيون، المتغربون، المبهورون بالحضارة الغربية المادية بعد أن أُشربوها على أمزجة فرنسية إنجليزية فالطيور على أشكالها تقع.
فالقاسم المشترك بين محمد عبده، ورفاعة الطهطاوي، ومحمد عمارة، وحسن حنفي، وحسن الترابي ومن شاكلهم من العصرانيون هو الانهزام النفسي والإفراط في حب الغرب وموالاته، ويعتبر د. الترابي أخطر هؤلاء جميعا لأسباب منها:
[1] أن أولئك السابقين له لم تتعد مجهوداتهم الجانب النظري بينما نجد أن د. الترابي خطا خطوات عملية في هذا المجال، لأنه أتيحت له إمكانات دولة لم تُتح لسابقيه، فقد استطاع الترابي أن يُسخر السلطة في السودان لخدمة هذا لغرض وقد أعان على ذلك أمران:
أحدهما:الضغوط السياسية والاختناقات الاقتصادية المضروبة على الحكومة السودانية الحالية من الدول الغربية ومن والاها.
والثاني:استمرار الحرب التنصيرية في جنوب السودان، والتي كبدت الحكومة الكثير من المال والرجال.
هذان الأمران جعلا كثيراً من المسئولين وغيرهم لا يفطنون لخطورة هذه الدعوة لظنهم أنها تخفف عنهم الضغط وترفع عنهم هذه الكوابيس!!.
[2] مقدرة د. الترابي الفائقة على المراوغة:
فمرة يظهر الأول هذه الدعوة مجرد مناورة سياسية لصرف أنظار النصارى، وكف أذاهم وليست دعوة دينية..
وأخرى: يظهر أنه يريد مجرد دعوتهم للإسلام ومحاورتهم، وإزالة الشبه العالقة بأذهانهم.
ومرّة: يثير بعض الشبه التي تخفي على كثير من الناس.. وهكذا عدم الوضوح والمراوغة يكمنان وراء دعوة الترابي العريضة لقيام جبهة المؤمنين، أو الحزب الإبراهيمي!!
[3] وجود أقلية ضئيلة من النصارى في السودان، وجدت ظروفاً مساعدة [حرب الخليج، النظام العالمي الجديد، موقف طلاب السلطة المعارضين للنظام في السودان]، تجعل كذلك كثيراً من الأخيار ينخدعون برفع هذا الشعار.
وتتمثل مجهودات الترابي في هذا المجال في:
عقد المؤتمرات، التنظير لهذه الدعوة [الحركة الإسلامية والحوار]، إثارة الشبه، إجراء المقابلات في وسائل الأعلام المختلفة لخدمة هذه القضية، الدعوة لقيام الحزب الإبراهيمي، تكوين جمعية تعرف بالجمعية السودانية لحوار الأديان، مشاركتهم النصارى في أعيادهم والطواف على كنائسهم، بناء الكنائس وتجديد وترميم القديم منها، فتح المجال أمام النصارى في الإعلام، خاصة يوم الأحد في الفترة الصباحية في التلفاز إذ أن لهم حوالي أربع ساعات، إدخال مادة مقارنة الأديان في المعاهد العليا.
يقول د. الترابي داعياً إلى وحدة الأديان: "إن الوحدة الوطنية تشكل واحدة من أكبر همومنا، وأننا في الجبهة الإسلامية نتوصل إليها بالإسلام على أصول الملة الإبراهيمية، التي تجمعنا مع المسيحيين بتراث التاريخ الديني المشترك[!!] وبرصيد تاريخي من المعتقدات والأخلاق إننا لا نريد الدين عصبية عداء ولكن وشيجة إخاء في الله الواحد" (مجلة المجتمع - العدد [736] بتاريخ 8/10/1985م).
وبناء على هذه الجبهة الدينية-يعني: بين اليهودية والنصرانية والإسلام - مطلب ديني يرتكز على مبدأ وحدة الأديان السماوية (كلمة الترابي في مؤتمر الإديان الذي عقد بالخرطوم بتاريخ 8/10/1994م بعنوان الحوار بين الإديان: التحديات والآفاق د. حسن الترابي).
وقال: "إن قيام جبهة المؤمنين هو مطلب الساعة وينبغي ألا تحول دونه المخاوف والتوجسات التاريخية..." (المصدر السابق).
والعجب كل العجب من جرأة الترابي وتهاونه بوصف اليهود والنصارى الحاليين بأنهم مؤمنين، تبريراً لدعواه التجمعية هذه، التي تريد أن تجمع بين الأضداد، فيصفهم بأنهم مؤمنون فهذا أمر في غاية النكارة والغرابة، فإذا كان اليهود والنصارى مؤمنين فمن الكافر إذاً؟! ولماذا قال الله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [سورة البينة: 6].
دعنا ننظر إلى كلام أهل العلم الأثبات، ودعك من هذه الترهات، لنعلم هل هي حقيقة أن اليهود والنصارى الحاليين مؤمنون كما زعم الطهطاوي، ومحمد عمارة، والترابي؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أن الذي يدين به المسلمون من أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - بُعث إلى الثقلين: الإنس والجن، أهل الكتاب وغيرهم، وأن من لم يؤمن به فهو كافر مستحق لعذاب الله مستحق للجهاد، وهو مما أجمع عليه أهل الإيمان بالله ورسوله، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بذلك وذكره الله في كتابه وبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضا في الحكمة المنزلة عليه من غير الكتاب، فإنه - تعالى - أنزل عليه الكتاب والحكمة ولم يبتدع المسلمون شيئاً من ذلك من تلقاء أنفسهم كما ابتدعت النصارى كثيراً من دينهم، بل أكثر دينهم، وبدلوا دين المسيح وغيّروه، ولهذا كان كفر النصارى لما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - مثل كفر اليهود لما بعث المسيح عليه السلام" (الجواب الصحيح لمن يدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية-مطابع المجد التجارية-ص/126).
وإذا تناولت النصارى كان حكمهم في ذلك حكم اليهود، والله - تعالى - إنما أثنى على من آمن من أهل الكتاب كما قال - تعالى -: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [سورة آل عمران: 199] (المصدر السابق ص/264-365).
وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله -في وصف أهل الكتاب من اليهود والنصارى: "وهم نوعان: مغضوب عليهم، وضالون".
فأما الأمة الغضبية:
فهم اليهود أهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل، قتلة الأنبياء، وأكلة السحت وهو الربا والرشا، أخبث الأمم طوية وأرداهم سجية وأبعدهم عن الرحمة وأقربهم من النقمة، عادتهم البغضاء ودينهم العداوة والشحناء، بيت السحر والكذب والحيل، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم الأنبياء حرمة، ولا يرقبون في مؤمنٍ إلاّ ولا ذمة، ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفعة، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة، بل أخبثهم أعقلهم، وأحذفهم أغشهم، وسليم الناصية - وحاشاه أن يوجد بينهم - ليس بيهودي على الحقيقة، أضيق الخلق صدوراً، وأظلمهم بيوتاً، وأنتنهم أفنية وأوحشهم سجية، تحيتهم لعنة، ولقاؤهم طيرة، شعارهم الغضب، ودثارهم المقت.
والصنف الثاني:
المثلثة أمة الضلال وعباد الأصنام، الذين سبوا الله الخالق سبّاً ما سبّه إياه أحد من البشر، ولم يقروا بأنه الواحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، ولم يجعلوه أكبر من كل شيء، بل قالوا فيه ما {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} [سورة مريم: 90-91].
فقل ما شئت في طائفة أصل عقيدتها أن الله ثالث ثلاثة، وأن مريم صاحبته، وأن المسيح ابنه، وأنه نزل عن كرسي عظمته، والتحم ببطن الصاحبة وجرى له ما جرى إلى أن قتل ومات ودفن، فدينها عبادة الصلبان ودعاء الصورة المنقوشة بالأحمر والأصفر في الحيطان، يقولون في دعائهم: يا والدة الإله ارزقينا، واغفري لنا وارحمينا! فدينهم شرب الخمور، وأكل الخنزير، وترك الختان، والتعبد بالنجاسات، واستباحة كل خبيث من الفيل إلى البعوضة. والحلال ما حلّله القس، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، وهو الذي يغفر لهم الذنوب وينجيهم من عذاب السعير" (هداية الحياري في أجوبة اليهود والنصارى ص8).
ويقول الترابي كذلك: "نعلم أن إشاعة السلام بين الأديان ليس أمراً قصيّ المنال، لكن التحدي الذي نواجهه هو أن نتجاوز التعصب الديني".
ونرجو أن يوضح لنا د. الترابي ما هو الفرق بين التعصب الديني والالتزام بالدين؟ هل هناك فرق أم هما سواء؟ الذي لا يرى الآخر إلاّ عدواً متربصاً.
ونحن نقول (كلام الدكتور الترابي): "إذا رأي المسلم في اليهودي والنصراني خلاف ذلك فهو مغفل ساذج جاهل، أو خطراً محدقاً، ولكي نفعل ذلك فلابدّ من تكثيف الحوار وتأسيس المنابر المشتركة، لا لمناقشة القضايا اللاهوتية، ولكن لمناقشة ما يمكن أن نفعله سوياً لإشاعة المثل والقيم الدينية في عالم ينزلق يوماً بعد الآخر في مستنقع الجاهلية الآسن، ونحن في هذا المقام نزجي الشكر لكل الجهات التي ظلت تنادي الحوار بين الأديان، كما نشكر لبعض الكنائس المسيحية الأخرى مبادرتها وسعيها لإقامة الحوار الديني، فلا بديل للحوار سوى التدابر والصراع، وقلّما أفلحت دعوة دينية في إبلاغ خطابها الذي هو خطاب السلام والعدل في أجواء الكراهية والحرب".
يتضح من كلام د. الترابي السابق أن الهدف من الحوار ليس مناقشة القضايا اللاهوتية ودعوة القوم للدخول في الإسلام، وإزالة الشبه العالقة بأذهانهم! وذلك لأن القوم مؤمنون!! محبون للخير والمثل والقيم الدينية!! ولكن الغرض الحقيقي من هذه الدعوة هو مناقشة كيفية تعايش اليهود والنصارى والمسلمين في وفاق ووئام ومحبة وسلام، ليكونوا إخوة متحابين يوالي بعضهم بعضاً خاصة في الوطن الواحد.
4- الأسباب للقيام بمثل هذه الدعوة: أهم الأسباب التي أدت إلى قيام هذه الدعوات هي:
[1] الجهل بالدين:
وهذا هو السبب الرئيس والأول لأن من له أدنى معرفة بالدين وأصوله ونواقصه لا يمكن أن يتصدى لمثل هذه الدعوة.
[2] الانهزام النفسي:
فالمغلوب والمهزوم إن لم يتولاه الله لا يمكنه التمييز بين الحق والباطل.
[3] الخوف من الكفار ومن سطوتهم.
[4] المنافع والمصالح الزائلة:
يروى أنه كان في بلاد الشام إمام يقول في الخطبة الثانية من يوم الجمعة: "اللهم صلِّ على محمد وعيسى وأخيهما موسى!"، فقال له رجل من الحاضرين: "وذي الكفل، أم ليست له سفارة عندها مصاري؟!".
5- التشابه بين دعوة التوحيد للأديان، وبين الحركات العالمية المنحرفة:
الحركات العالمية والإنسانية التي تدعي أنها تريد أن تجمع البشر على أساس الجنس والوطن، أو الإنسانية دون اعتبار للدين كثيرة جداً منها على سبيل المثال: الماسونية، العالمية أو الإنسانية، الصهيونية، الروحيون، الشيوعيون، الروتاري، الأسود [الليونز]، شهود يهوه، التنصير، التغريب، العلمانية، النظام العالمي الجديد، والدعوات القومية والوطنية عموماً.
6- مخالفات الدعوة إلى توحيد الأديان، أو التقريب بينها للإسلام:
الدعوة إلى توحيد الأديان أو الترتيب بينها، أو محاورة أصحابها للعيش معهم في أمن وسلام وطمأنينة واحترام تصطدم مع الإسلام وتتعارض معه تعارضاً بيناً واضحاً. ومن أبرز مخالفاتها للإسلام وأشدها خطراً على المنادين بها والداعين إليها، وعلى من وافقهم في ذلك، إنها تقوم على نقضين من نواقض الإسلام ومبطلاته، هذا بجانب مخالفات أخرى شديد خطرها على عقيدة المسلم.
والناقضان هما:
1- أن من لم يكفّر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ كفر.
2- أن من تولى الكفار، وتعاون معهم، وظاهرهم على المسلمين؛ كفر.
أما المخالفة الأولى: أن من لم يكفّر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ كفر:
فالإسلام هو الحق المحض فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ قال - تعالى -: {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [سورة يونس: 32].
قال القرطبي: "وقال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله - تعالى -" (الجامع لاحكام القرآن ج8/336).
ووصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله بأنه حق وصدق، فالإسلام هو الحق والله هو الحق، وما سواه باطل يجب الكفر به وإنكاره.
والذي لا يكفّر اليهود والنصارى، والمجوس، وعباد الأوثان والملاحدة وغيرهم، أو يشك في كفرهم، أو يصحح مذاهبهم، أو مذاهب بعضهم؛ فقد شك في القرآن، وشك في صدق الله ورسوله، وذلك أن لله - تعالى - حكم، وحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن ما سوى الإسلام باطل محض.
فكفر اليهود والنصارى والمشركين عامة شهد به القرآن، ونطقت به السنة، وأجمعت عليه الأمة، ومع كل ذلك نجد بعض الناس في هذا العصر يزعم أن اليهود والنصارى مؤمنون، ويدعو إلى قيام جبهة عريضة وحزب واسع يضم أتباع كل الأديان على أساس الملة الإبراهيمية يسمى الحزب الإبراهيمي!!
ومن شبهات دعاة توحيد الأديان في هذا العصر!!:
1- قوله - تعالى -: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [سورة الكافرون: 6] ربما يفهم البعض من هذه الآية إقرار أهل الأديان المخالفة للإسلام على دينهم فهل هذا هو المراد من الآية؟
العلامة ابن القيم - رحمه الله -يبّين لنا المراد من ذلك، فيقول في تفسير سورة الكافرون: "قوله {لَكُمْ دِينُكُمْ} مطابق لهذا المعنى: أي لا أشارككم في دينكم ولا أوافقكم عليه بل هو دين تختصون أنتم به لا أشرككم فيه أبداً فطابق آخر السورة أولها فتأمله -إلى أن قال-: {لَكُمْ دِينُكُمْ}.
والآية اقتضت البراءة المحضة كما تقدم، وأن ما هم عليه من الدين لا نوافقهم عليه أبداً؛ فإنه دين باطل فهو مختص بكم لا نشرككم فيه، ولا أنتم تشركوننا في ديننا الحق، فهذه غاية البراءة والتنصل من موافقتهم في دينهم، فأين الإقرار...؟
أترى إذا جوهدوا بالسيف كما جوهدوا بالحجة لا يصح أن يقال: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} بل هذه آية قائمة محكمة، ثابتة بين المؤمنين والكافرين إلى أن يُطهِر الله منهم عباده وبلاده، وكذلك حكم هذه البراءة بين أتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أهل سنته، وبين أهل البدع المخالفين لما جاء به، الداعين إلى غير سنته إذا قال لهم خلفاء الرسول وورثته لكم دينكم ولنا ديننا، لا يقتضى إقرارهم على بدعتهم بل يقولون لهم هذه براءة منهم، وهم مع هذا منتصبون للرد عليهم، ولجهادهم بحسب الإمكان" (بدائع الفوائد لابن القيم ج1/140-141).
2- نريد أن نوحدهم على أصول الملة الإبراهيمية!!:
هذا هو ما قاله د. الترابي إنه يريد أن يوحد جميع الأديان التي هي على أصول الملة الإبراهيمية.
مع أن إبراهيم - عليه السلام -لم يكن يهودياً ولا نصرانياً كما أخبرنا الله: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة آل عمران: 67].
ومن ثم فإنّ اليهود والنصارى الحاليين ليسوا على ملّة إبراهيم، بل هم ممن سفه نفسه؛ لأنهم رغبوا عن ملّة إبراهيم: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ..} [سورة البقرة: 130].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإذا كان كذلك فاليهود والنصارى ليسوا على ملّة إبراهيم، وإذا لم يكونوا على ملّة إبراهيم فإن من عبد إله إبراهيم كان على ملّته قال - تعالى -: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [سورة البقرة: 135].
فقوله: "{قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} يبين أن ما عليه اليهود والنصارى ينافي ملّة إبراهيم".
3- قوله - تعالى -: {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [سورة آل عمران: 113-115]:
من الآيات التي يستدلون بها على جواز التقارب مع اليهود والنصارى هذه الآية، حيث ينزلونها على أهل الكتاب الحاليين. والآية ليس لها علاقة بأهل الكتاب الحاليين، وإنما هي خاصة بأولئك الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، كعبد الله بن سلام وغيره من الصحابة الذين كانوا يهوداً فأسلموا وحسن إسلامهم.
و {لَيْسُوا سَوَاءً} معناها ليس أهل الكتاب وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - سواء، ثمّ تمّ الكلام واستُؤنف بعد ذلك: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وهم الذين اتبعوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - وآمنوا به وصدقوه (انظر:الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج4/175).
4- قوله - تعالى -: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ...} [سورة البقرة: 256]:
يقول د. الترابي في محاضرته التي ألقاها في مؤتمر التقارب الديني: "ولقد جاءت الرسالة المحمدية بالمبادئ الخالدة ألاّ إكراه في الدين: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ...} [سورة البقرة: 256]".
والعصرانيون يستدلون بهذه الآية لإبطال أمرين هامين هما:
[1] جهاد الطلب: وهو أن يجاهد المسلمون الكفار طالبين منهم الدخول في الإسلام.
[2] إقامة حدّ الردة: فهم لا يرون إقامته إلاّ إذا كان المرتد محارباً شاكاً للسلاح، أما الردة الفكرية البحتة- كما يقول الترابي- فلا حدّ فيها.
وغاية ما تفيده الآية أن أهل الكتاب إذا دفعوا الجزية عن يد وصغار تركوا على دينهم هذا إن لم يكونوا محاربين للإسلام والمسلمين، أما إن كانوا محاربين للإسلام، معاندين لأهله؛ فلا يقبل منهم إلاّ القتال.
5- قوله - تعالى -: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ} [سورة المائدة: 82-85]:
يستدل د. الترابي وغيره من المنادين بوحدة الأديان، وبقيام الحزب الإبراهيمي الذي يؤلف بين اليهود والنصارى والمسلمين بهذه الآية: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [سورة المائدة: 82]، ولا يصلون بينها وبين الآيات التي تليها زعماً منهم أن هذا الوصف ينطبق على نصارى اليوم بينما نجد أن هذه الآيات نزلت في النجاشي وأصحابه - رضي الله عنهم -حينما آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وصدقوه، وآووا أصحابه، وحافظوا عليهم عندما هاجروا إليهم.
6- قوله - تعالى -:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الممتحنة: 8]:
وهذه الآية الكريمة من الآيات التي يستدل دعاة وحدة الأديان بها وهي بريئة من دعوتهم تلك، إذ غاية ما تأمر به الآية الإحسان إلي الضعفة والنساء الذين يعيشون في الدولة الإسلامية ذات السيادة والقوة. والمسلم مأمور بالعدل مع المسلمين وغير المسلمين.
واليهود والنصارى اليوم- خاصة الحكومات والمؤسسات والمنظمات- كلهم محارب للإسلام، يتربصون به وبأهله الدوائر، ويكيدون لهم المصائب. أما الأفراد الضعفاء والمساكين، فيجوز برّهم والإحسان إليهم، وهذا من أقوى الأسباب لتقريبهم إلى الإسلام.
ونكتفي بهذا القدر فالشبه عند مرضى القلوب لا حدّ لها.
المخالفة الثانية:
ترك البراءة من الكفار وموالاتهم: من مخالفات الدعوة إلى تقارب الأديان البيّنة الواضحة للإسلام مناقضتها ومعارضتها لعقيدة الولاء والبراء لدى المسلم، وقد قال - تعالى -: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ...} [سورة آل عمران: 28].
وقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [سورة آل عمران: 118].
بعض صور الموالاة المنهي عنها:
الموالاة صورها متعددة- خاصة في هذا العصر- ولكن سنقصر حديثنا على بعض الصور التي لها علاقة مباشرة بدعوة التقارب الديني، فنقول:
[1] الرضى بكفر الكافرين، أو عدم تكفيرهم، أو الشك في كفرهم، أو تصحيح مذاهبهم:
فهذه الدعوة ما قامت إلاّ باعتبار أن الإسلام، والمسيحية واليهودية التي يدين بها اليهود والنصارى اليوم أديان سماوية، ومذاهب يجوز للمرء أن يعتنق أيّاً منها!
[2] اتخاذهم أعواناً وأنصاراً وأولياء:
فالدعوة إلى التقارب مع اليهود والنصارى، والتعايش معهم في حبٍّ وسلامٍ، وإنشاء حلف يجمع بين المسلم والكافر من أقوى أسباب التولي..
وسذاجة أي سذاجة وغفلة أيّة غفلة أن تظن أن لنا وإياهم طريقاً واحداً نسلكه للتمكين للدين أمام الكفار الملحدين!! فهم مع الكفار الملحدين إذا كانت المعركة ضد المسلمين، فَلْندع من يغفل عن هذا ولنكن واعين للتوجيه القرآني {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ...} [سورة المائدة: 51] (في ظلال القرآن ج2/909-910). نعم إنها والله السذاجة والغفلة ليس إلاّ هي التي تزين لدعاة توحيد الأديان دعوتهم هذه.
[3] مودتهم ومحبتهم: قال - تعالى -:
{لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة المجادلة: 22]، والعمل على إيجاد صيغة للتعايش والتسالم مع الكفار يولدان والمحبة والألفة.
[4] مداهنتهم ومداراتهم ومجاملتهم على حساب الدين:
أما عن المداهنة والمداراة والمجاملة على حساب الدين فحدِّثْ ولا حرج!، فدعاة وحدة الأديان قد وصلوا فيها إلى الغاية القصوى، فقد وصف د. الترابي اليهود والنصارى الحاليين بأنهم مؤمنون!! ووصف التبشير بأنه عمل إنساني!! ودعا إلى المحافظة على جميع الديانات!! ووصف جماهير اليهود والنصارى إبّان الحروب الصليبية بأنها مؤمنة!! (انظر:الحوار بين الأديان: التحديات والآفاق د. حسن عبد الله الترابي).
وهذه المداهنة والمداراة سببها الأول الانهزام النفسي وسببها الثاني الهروب من تهمة: متشدّد أو متعصب أو أصولي!!
[5] توليتهم أمراً من أمور المسلمين:
فالولاية إعزاز، والحق أن يعامل النصارى، وغيرهم في ظل الدولة الإسلامية معاملة أهل الذمة، وحقوق وواجبات هذه المعاملة معروفة ومعلومة.
[6] الرضا بأعمالهم والتشبه بهم.
[7] البشاشة لهم، وطلاقة الوجه، وانشراح الصدر، وإكرامهم، وتقريبهم:
لقد حدث من ذلك لأئمة الكفر ما لم يحدث مثله حتى في بلادهم، فقد اسْتُقبِل البابا في السودان أثناء زيارته المشهورة استقبالا حاشداً ونُصب له صليبٌ ضخمٌ رفع بالآلة الرافعة وهُشّ وبُشّ في وجهه، وقد رأيت صورة للدكتور الترابي أثناء استقباله البابا وهو هاشٌ باشٌ وهو كثيراً ما يعبس في وجوه مسلمين صالحين فقط من أجل سمتهم.
[8] الثناء عليهم:
لقد وصف دعاة وحدة الأديان التنصير بأنه عمل إنساني، ودعوا إلى المحافظة على جميع الأديان، فقد جاء في ميثاق الحوار الديني في السودان، البند[7]: "وأن يحترم كل منا عقائد الآخرين"، كيف يحق للمسلم أن يحترم من يبدأ كلامه بـ: 'بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد؟!
[9] تعظيمهم إطلاق الألقاب عليهم:
ورحم الله الخليفة العباسي هارون الرشيد عندما كتب إلى ملك الروم كتاباً بدأه بـ "من أمير المؤمنين إلى كلب الروم".
المخالفة الثالثة: التشبه بالكفار وكسر الحاجز النفسي بيننا وبينهم:
من مخالفات دعوة التقارب الديني للإسلام - بجانب اصطدامها بالناقضين السابقين للإسلام - أنها تكسر الحاجز النفسي بين المسلم والكفار، فالتعايش مع الكفار ومسالمتهم وموادعتهم ومداهنتهم من أقوى أسباب التشبه بهم والاقتباس منهم، خاصة والمسلمون في هذا العصر عندهم قابلية وولع بتقليد الكافر، وذلك لتفوق الكافر عسكرياً واقتصادياً وتقنياً وإعلامياً، ومعلوم أن قابلية المغلوب للتلقي والتشبه لا تدانيها قابلية.
لقد نهى الله ورسوله والسلف الصالح عن التشبه بالكفار بل إن مجرد مخالفة الكفار دين وقربى يتقرّب بها العبد إلى ربه والآيات والأحاديث الآمرة بمخالفة أهل الكتاب كثيرة.
المخالفة الرابعة:
تعطيل الجهاد وإبطاله: والمراد بالجهاد هنا جهاد الطلب الذي هو أساس الجهاد، قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [سورة التحريم: 9].
وغزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلها عدا أحد والأحزاب، وكذلك جيوش الفتح التي قادها المسلمون كلها من هذا النوع؛ إذ الهدف منها دعوة الناس إلى الدخول في الإسلام عن طواعية بعد أن تزال العقبات التي تقف في طريق ذلك من الحكّام الطغاة، ومن شابههم.
ودعوة التقارب الديني غرضها الأساسي هو إيجاد صيغةٍ للتعايش السلمي بين أهل الأديان المختلفة، حيث لا مجال بعد ذلك للجهاد، بعد الاعتراف بأديانهم واحترامها، وعمل مواثيق معهم على ضوء ذلك.
وقولهم: "أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف" فهو كما يقال: كلمة حق أريد بها باطل، فالهدف من هذه المقولة إبطال الجهاد، وليس الدفاع عن الإسلام؛ لأنه معلوم أن الإسلام يأمر أولاً بعرض الدين على الناس، فمن آمن به فبها ونعمت، ومن رفضه ورضي بدفع الجزية قبلت منه الجزية إن كان من أهل الكتابين، أما إن رفض الإسلام والجزية، أو منع الآخرين من الدخول في الإسلام فما يصنع معه؟ ولماذا خرجت الجيوش الإسلامية، ولأيّ شيء وقعت المعارك الكبرى؟ أليس من أجل ذلك؟
فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة لا يبطله جور جائر، ولا دعوة إلى توحيد الأديان.
المخالفة الخامسة:
مخالفتها فطرة الإنسان وسنة من السنن الكونية: الدعوة إلى تجميع كل الخلق تحت دين واحد أو جماعة واحدة دعوة مخالفة للفطرة التي فطر الله الناس عليها.
يقول الأستاذ محمد محمد حسين - رحمه الله - وهو يعدد آثار التغريب على العالم الإسلامي-: "والدعوة باطلة من أساسها؛ لأنها تخالف سنةً من سنن الله في الأرض، وهي دفع الناس بعضهم ببعض، وضرب الحق والباطل، والهدم والبناء لهذه السنة لا يفتئان يعملان دون انقطاع، وكل ميسرٌ لما خلق له، هذه السنة قائمة بأمر الله - تعالى -، ولن تجد لسنة الله تبديلاً" (الإسلام والحضارة الغربية لمحمد محمد حسين: 185-187).
ما الغرض الأساسي لدعاة تقارب الأديان وتحاورها؟
الغرض من هذه الدعوة هو إيجاد صيغة للتعايش السلمي بين أصحاب الديانات والملل المختلفة في البلد الواحد، وليس غرضها حوار الكفار، ودعوتهم إلى الإسلام، وإزالة الشبه العالقة بأذهانهم عنه، على الرغم من رفعهم لشعار حوار الأديان.
خاتمة:
بعض الأخوة الكرام يستعظمون النقد والمناصحة لبعض العاملين في مجال الدعوة الإسلامية، وغيرهم من العلماء والدعاة وطلاب العلم، سواء كان هذا النقد للأفكار والآراء، مهما كانت درجة شذوذها ومخالفتها، أو كان في الأصول، أو في الفروع؛ لظنهم أن ذلك سيؤدّي إلى فتنةٍ، وإلى تفرق الجهود، وإحداث حزازات وإحن في النفوس.
وهذا لعَمْرُ الله من الأخطاء الفاحشة الفادحة، ومن باب الحرص الذي لا مبرِّر له ولا داعي له، وما عَلِم هؤلاء أن الفتنة أعظمَ الفتنة وأشدَّها في ترك المناصحة في أمور الدين، ومجاملة الأشخاص ومداراتهم حيث لا تجوز المجاملة والمداراة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: "لِمَنْ"، قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» [رواه مسلم].
فقد أوجب الله النصيحة لله، ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين من علماء وحكام وعامتهم على قدر الطاقة، ورحم الله عمر - رضي الله عنه -حين دعا لمن نصحه، واعتبرَ من باب الإهداء الذي يُشكَر عليه، فقال: "رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي".
إن من أوجب حقوق الله على عباده - بعد توحيده وعدم الإشراك به - ردَّ الطاعنين على الإسلام، ومقارعتهم بالحجة والبيان.
قال العلامة ابن القيم: "ومن بعض حقوق الله على عبده ردُّ الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان" (هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى ص10)، وهذا هو المراد بالنصيحة لله وكتابه ورسوله.
وهناك أمور لا يجوز السكوت عنها، بل يجب الردُّ عليها في الحال على من كان أهلاً لذلك، وهناك مسائل يجوز أن يُغضَّ الطرْف عنها، وهناك أشياء يحرم التحدث عنها علناً.
فالمسائل التي يجب الردُّ عليها على الكفاية:
الطعن في أصول الدين، والتشكيك في الثوابت، والإتيان بالأقوال الشاذة التي تخرق الإجماع القولي والعملي. ومثال ذلك: مسألة بحثنا هذا وما شاكلها، خصوصاً لو صدرت ممن له أتْباعٌ وشيع يقلِّدونه فيما يقول، فالسكوت مع هذه الحال جريمة لا تغتفر، والخطيئة التي يجب أن يُشْهَر، ويعلن إنكارها مهما كانت الظروف والملابسات.
أما المسائل التي يمكن أن يغض الطرف عنها:
فهي الخلافات الفقهية، والأمور الاجتهادية التي تتسع لذلك.
أما المسائل التي يحرم التحدث عنها علناً:
فهي المسائل الشخصية والسلوكية.
فلا بد من التفريق والتمييز بين هذا وذاك، فإن لكل مقامٍ مقال، فالأقوال الشاذة والبدع المنكرة، والطعن في أصول الدين، والتلاعب بما أجمع عليه المسلمون؛ أمور يتعين على بعض طلاب العلم الرد عليها في الحال، لكي لا ينخدع بها الجهال، ثم يصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً.
وهذا ليس من باب الغيبة، ولا من باب الطعن والتشكيك في الدعاة، ولا هو سبب للتفريق والتشتيت الذي نهانا عنه الشرع، بل هو نصحية يجب إسداؤها، وإذا سكتُّ عنها، وسكت أنت، وسكت هذا، ولم يتكلم ذاك فمن لها؟
رحم الله إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل فقد قال - رادّاً على من تحرَّج من عملية الجرح وقال: "إنه يثقل علي أن أقول فلان كذا وفلان كذا، 'إذا سكتَّ أنت وسكتُّ أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟" (الجامع لآداب الراوي والسامع ج2: 260، ومجموع الفتاوي ج28: 231).
فالنصحية دين وحق يجب أن يؤدى مهما كان الشخص قريب أم بعيد عنك، عالماً كان أم غير عالم، صالحاً كان أم طالحاً، فالولاء أولاً وأخيراً لله وحده لا لولدٍ ولا لوالد، ولا لإمام مذهب، ولا لقائد جماعة، ولا لشيخ طريقة.. هذا بالنسبة لمن يطعن في الدين، أو يشكك في أصوله، أو يخشى من الانخداع به.
وأما بالنسبة لما يصدر عنه بعض العلماء الأثبات من هفوات وسقطات في مسائل الفروع، وفي الأمور الاجتهادية [وثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه وندر جارحوه] فلا يلتفت إلى جرحه؛ لأن المناقص خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث.
أما إذا كان الماء قليلاً جداً لا يسدُّ الرمق، ولا يزيل الغصة، وحلت به النجاسة؛ فإنه ينجس، وهكذا هؤلاء المشككون هم الذين ينبغي أن يجرحوا، ويكشفوا؛ ليعرفوا على حقيقتهم، والاشتغال بالردِّ على هذا الصنف عبادة وقربى إلى الله.
ورحم الله أحمد الإمام قيل له: "الرجل ليصوم ويصلي ويعتكف أحبُّ إليك، أو يتكلم في أهل البدع؟" فقال: "إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، وهذا أفضل".
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
من بحث:'التقارب الديني خطره، أسبابه، دعاته' للشيخ/ الأمين الحاج محمد أحمد.
المصدر: موقع الشيخ الأمين
- التصنيف:
خالد الشفيع عثمان
منذ