ثقافة التلبيس - (8) مصطلح: الإسلام السياسي
"أول من استخدم هذا المصطلح هو هتلر، حين التقى الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين آنذاك، إذ قال له: إنني لا أخشى من اليهود ولا من الشيوعية، بل إنني أخشى الإسلام السياسي!".
من المعلوم أن الدين الإسلامي خاتم الأديان الذي ارتضاه الله لعباده؛ كما قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة من الآية:3] قد جاء كاملاً شاملاً لكل نواحي الحياة: الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. إلخ.
ولكن هذا الأمر لم يرض أعداءه من الغربيين وأتباعهم اللادينيين الذين أرادوه كغيره من الأديان الأخرى المحصورة في علاقة الإنسان بربه، وأمر الآخرة فقط، دون أن يكون له سلطان وهيمنة على دنيا الناس. أو كما يقول أحد رموزهم كاذبًا: "أراد الله للإسلام أن يكون دينًا، وأراد به الناس أن يكون سياسة"! (الإسلام السياسي، محمد سعيد العشماوي، ص 7).
ولهذا فقد اجتهدوا في الترويج لفكرة (فصل الدين عن السياسة) وما يدعمها من شعارات ومصطلحات.
ومن تلك المصطلحات: مصطلح (الإسلام السياسي) الذي أطلقه أولئك على كل جماعة إسلامية تهتم بقضايا الأمة.
وقد بحثتُ عن مصدر هذا المصطلح، وماقيل عنه ؛ فتحصل لي التالي:
قال الأستاذ عطية الويشي في كتابه (حوار الحضارات [ص 210]): "أول من استخدم هذا المصطلح هو هتلر، حين التقى الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين آنذاك، إذ قال له: إنني لا أخشى من اليهود ولا من الشيوعية، بل إنني أخشى الإسلام السياسي!".
وقال الدكتور محمد عمارة في كتابه (الإسلام السياسي والتعددية السياسية من منظور إسلامي [ص 5 - 6]): "إنني لا أستريح كثيرًا لمصطلح (الإسلام السياسي) رغم شيوع هذا المصطلح، وصدور الكثير من الكتابات حول هذا الموضوع وتحت هذا العنوان. وفيما أذكر، وفي حدود قراءاتي، فإن أول من استخدم مصطلح (الإسلام السياسي) هو الشيخ محمد رشيد رضا. لكنه استخدمه في التعبير عن الحكومات الإسلامية التي سماها (الإسلام السياسي) ويعني الذين يسوسون الأمة في إطار الأمة الإسلامية. لكن مصطلح الإسلام السياسي يُستخدم الآن، ومنذ العقود الثلاثة الماضية وصعود المد الإسلامي والظاهرة الإسلامية، بمعنى: الحركات الإسلامية التي تشتغل بالسياسة، وفي هذا المصطلح (الإسلام السياسي) شبهة اختزال الإسلام في السياسة؛ لأنه ليس هناك إسلام بدون سياسة".
وقال الأستاذ علي صدر الدين البيانوني المراقب العام للإخوان في سوريا: "بالنسبة لمصطلح (الإسلام السياسي)، إنه مصطلح ناشئ أصلاً عن الجهل بالإسلام، الذي جاء بالعقيدة والشريعة، خلافاً للمسيحية التي جاءت بالعقيدة فقط، ونادت بإعطاء ما لله لله، وما لقيصر لقيصر.
إنك حين تجرّد الإسلام من بعده التشريعي، لا يبقى إسلاماً، وإنما يتحوّل إلى شيء آخر. إن الإسلام دينٌ شاملٌ لكل جوانب الحياة: السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. فليس هناك إسلام سياسيّ، وإسلام اقتصادي، وإسلام اجتماعي.. بل هو إسلامٌ واحد، شاملٌ لكلّ جوانب الحياة، ولذلك نرفض مقولة (الإسلام السياسي)". (موقع الجماعة على شبكة الأنترنت).
وفي حوار أجرته صحيفة الراية القطرية في 24 مايو 2002م مع الدكتور ساجد العبدلي، الأمين المساعد للشؤون الإعلامية في الحركة السلفية الكويتية؛ قال عن هذا المصطلح: "هذا المصطلح يحمل تشويهاً كبيرًا للمقاصد الشرعية من العمل السياسي، وقد يعطي إيحاء بأن هناك إسلام سياسي وآخر دعوي وآخر خيري وهكذا، بينما الإسلام واحد، وهو دين شامل لا يتجزأ لكل مناحي الحياة، ولم يكن المسلمون يفصلون بين العمل السياسي والدعوة في يوم من الأيام، بل كانت جميعها كلاً متكاملاً. هذا المصطلح (الإسلام السياسي) نتج في جملة ما نتج عنه عن الميول التجريدية التي تركز على فهم الإسلام كدين عبادة وتكاليف عبادية أكثر من كونه نظاماً سياسياً وتنظيميًا للدولة واجتماعياً، أي أن النظرة صارت تشدد على الدين والمعتقد أكثر من النظام والنهج والكيانية الإسلامية المنشودة".
ويقول الدكتور جعفر شيخ إدريس في مقال مهم له عن هذا المصطلح: "عبارة (الإسلام السياسي) كأختها (الأصولية) صناعة غربية استوردها مستهلكو قبائح الفكر الغربي إلى بلادنا وفرحوا بها، وجعلوها حيلة يحتالون بها على إنكارهم للدين والصد عنه. فما المقصود بالإسلام السياسي عند الغربيين؟ كان المقصود به أولاً الجماعات الإسلامية التي انتشرت في العالم العربي وفي باكستان والهند وأندونيسيا وماليزيا وغيرها تدعو إلى أن تكون دولهم إسلامية تحكم بما أنزل الله تعالى.
- ما الذي يأخذه خصوم الإسلام السياسي عليه؟
أما الغربيون فاعتبروه أولاً ظاهرة غريبة بعد سني الحكم الاستعماري الذي ظنوا أنه وطَّد الحكم العلماني على المنهاج الغربي، ووضع أسساً متينة للتبعية وضمان المحافظة على المصالح الغربية. فشق عليهم أن تنبت في بلاد المسلمين نابتة تعارض هذه العلمانية التي يرونها تعم العالم بأسره. كيف تنشأ جماعات تسير عكس هذا التيار العالمي، وتدعو إلى الرجوع إلى حكم ديني إسلامي؟
وثانياً: لأن الرأي السائد بينهم -لا أقول الذي يعتقده كل واحد منهم- هو أن الدين ينبغي أن يكون شأناً فردياً بين العبد وربه، لا مدخل له في الحياة العامة ولا سيما السياسية منها التي يرون أن تكون متروكة لما يراه الناس، وأن تكون مبنية على المساواة الكاملة بين المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم.
وثالثاً: لأن الرأي الشائع بينهم أن النصوص الدينية محدودة بزمانها ومكانها الذي ظهرت فيه، وأنها لذلك ينبغي أن لا تفهم على ظاهرها، بل يجب أن تؤوَّل تأويلاً يجعلها متناسبة مع ثقافة العصر.
ورابعاً: لأن منهم من ظن أن الدعوة إلى الحكم بما أنزل الله تعالى ظاهرة جديدة لم تكن في الإسلام من قبل؛ فلذلك ناسب أن توصف بالإسلام السياسي تمييزاً له عن الإسلام الديني.
وخامساً: لأنهم رأوا فيها صورة من صور استغلال الدين للمآرب السياسية.
لهذه الأسباب وأمثالها كانوا وما يزالون شديدي العداوة الفكرية والعملية للجماعات التي تتسم بما أسموه بالإسلام السياسي، يحرشون الحكومات عليها، ويدعونها لكبتها حتى لو كان ذلك على حساب الديمقراطية التي كانت سائدة آنذاك في العالم الإسلامي، التي استفادت منها تلك الجماعات. ويكتبون الكتب والمقالات، ويسخرون سائر وسائل الإعلام لحربها. ينصرهم في هذه الحرب أذنابهم المنافقون في بلاد المسلمين الذين يقتاتون على فضلات فكرهم ودعاياتهم. وقد امتدت حربهم في أيامنا هذه للدول التي تؤمن بمبدأ تطبيق الشريعة.
ولما كان الغربيون يرون أن ما هم عليه من دين أو فكر أو ثقافة أو حتى عادات في المأكل والملبس والجد واللعب، بل وما كان لهم من تاريخ وما مارسوه من تجارب، وسائر ما ألفوا من جوانب الحياة، هو الأمر الطبيعي، وأن ما خالفه هو الشذود الذي يحتاج إلى تفسير؛ فقد اجتهد بعضهم في أن يجد تفسيراً لهذه (الظاهرة). فكان مما سلُّوا به أنفسهم أنها نتيجة لظروف طارئة هي الحكم القهري والتخلف الاقتصادي والضعف العسكري الذي ابتليت به البلاد التي ظهرت فيها هذه الحركات ولا سيما العالم العربي، وأن علاجها لذلك هو الضغط على تلك الحكومات لتكون أكثر انفتاحاً وديمقراطية، ومساعدتهم على شيء من النمو الاقتصادي يحسن من أوضاع الشباب المتذمرين؛ فإذا ما حدثت هذه الإصلاحات، وزالت الأوضاع القديمة زالت بزوالها نتائجها التي من أهمها ظاهرة الإسلام السياسي.
ونقول إن ما ذكروه من أسباب ربما كان فعلاً من عوامل تشجيع ما يسمونه بظاهرة الإسلام السياسي، لكن مما لا شك فيه أنه ليس منشأها. فكل من له أدنى معرفة بدين المسلمين وتاريخهم يعلم أن قضية الالتزام بما أنزل الله في شؤون السياسة والحكم هي أمر عريق فيه: في نصوص كتابه، وسنة نبيه، وأقوال علمائه. وأن تصديق ذلك في واقعه التاريخي الذي لم يعرف شيئاً اسمه الحكم العلماني، وأن هذا الحكم إنما فرض عليه من خارجه يوم استولت جيوش الغرب على بلاده. وحتى هذه العلمانية الدخيلة لم تبلغ مبلغ علمانيتهم في مدى بُعدها عن الدين، حتى إن الكثيرين منهم لينفون أن تكون حكومة من حكومات العالم الإسلامي علمانية، ويرون أنه من الخطأ لذلك أن توضع الإسلامية (بمعنى النشاط السياسي للحركات الإسلامية) في مقابل العلمانية.
وإذن فالقول بأنها مجرد استغلال للدين لتحقيق أهداف سياسية ليس بصحيح أيضاً: أولاً: لأن من أعظم من دعا إلى الحكم بما أنزل الله وبيَّن أنه جزءٌ لا يتجزأ عن دين الإسلام علماء أعلام لم تكن لهم أطماع سياسية، ولا كانت لهم في يوم من الأيام علاقة بالأحزاب الإسلامية السياسية؛ علماء من أمثال: الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبد العزيز بن باز.
هل استغل بعض الأفراد وبعض الجماعات الدينَ لتحقيق أهداف دنيوية سياسية أو غير سياسية؟
نعم! وقد ظل كثير منهم يفعل ذلك على مر التاريخ، ومع كل رسالات السماء. ولا أعرف كتاباً تطرَّق لهذه المشكلة وبيَّن أسبابها وأنواع مرتكبيها ونتائجها وحذر منها مثل كتاب الله تعالى. فعلى الذين يتحدثون عن هذه المشكلة أن يعلموا أنهم لم يأتوا بجديد. إن هؤلاء يدعوننا لأن نترك ديننا؛ لأن بعض الناس استغله لأسباب سياسية. ولو تابعنا منطقهم هذا لتركنا بناء المساجد؛ لأن بعض المنافقين استغل بناءها لأسباب سياسية، فاتخذها: {ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْـمُؤْمِنِينَ وَإرْصَادًا لِّـمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ} [التوبة:107].
وكانوا مع ذلك يحلفون بأنهم ما أرادوا إلا الحسنى: {وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إلاَّ الْـحُسْنَى} [التوبة:107].
ولو أتبعناه لتركنا الإنفاق في سبيل الله؛ لأن بعض الناس يتخذ ما ينفق مغرماً (أي غرامة) ويتربص بنا الدوائر، ولقررنا أن لا يكون لنا علماء؛ لأن بعض علماء السوء يستغل علمه لأغراض دنيوية: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْـمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:98-100].
وكما أن بعض الناس يستغل الدين لتحقيق أهداف سياسية فيكون انحرافه بسبب سوء قصده، فإن آخرين ينحرفون بسبب سوء فهمهم وقلة علمهم، فيحاولون تحقيق بعض الأهداف السياسية بوسائل وطرق مخالفة لدين الله وتحريفاً له وفتنة للناس عنه؛ فهل نترك العمل السياسي على أساس ديني؛ لأن بعض الناس يسيء فهم الدين؟
يقول بعض الغربيين: "لكن المشكلة أن كل إنسان يمكن أن يدَّعي أن فهمه هو الفهم الصحيح للتوراة أو الإنجيل أو القرآن، بل يزعم بعضهم أنه -يعني القرآن- كالكتاب المقدس: العهد القديم والعهد الجديد ـ بإمكانك أن تجد فيه أياً ما تريد لتسوّغ به كل ما تريد تقريباً"، نقول فرق بين أن يدّعي مدّع أن ما استدل به من قول يدل على ما يريد وأن يكون دالاً فعلاً على ما يريد. أما القرآن فنحن نعلم أنه -وهو كتاب الله- لا يمكن أن يدل على الشيء ونقيضه {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء:82].
يقول بعضهم: "إذا سلَّمنا بهذا فتبقى مشكلة هي أن النص بحسب معناه الذي تدل عليه ألفاظه ويدل عليه سياقه لا يتناسب مع ثقافة العصر؛ فلا بد إذن من تأويله لجعله مناسباً معها. لكن أليست هذه دعوة إلى خداع النفس؟ أنت تقرأ نصاً تقول: إنه كلام الله، وتفهمه على وجهه الصحيح، ثم تقول: إن هذا الذي فهمته لا يتناسب مع ما أريد، لذلك يجب أن أغيِّره لكي أجعله مناسباً مع ما أهوى، ثم تقول: إن هذا الذي هويت هو ما عناه الله تعالى بكلامه. هل يقول هذا إنسان مؤمن؟ بل هل يقول هذا إنسان أمين يحترم نفسه؟ إنك إما أن تعتقد أن ما يقوله الله هو الحق كما قاله، وإما أن تعتقد أنه ليس بالحق أو ليس بالعدل، فتقول: إنه لا يمكن أن يكون كلام الله، فتكفر بالكتاب الذي كنت تظن أنه كلام الله. أما أن تجمع بين الفهم الصحيح والتحريف فلا. وهذا الأمر المنكر خُلُقاً وديناً هو الذي حذرنا الله تعالى من الاطمئنان إلى ممارسيه: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:75].
تأمل قوله تعالى: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي إنهم فهموا ما قال الله تعالى وتصوروه على وجهه الصحيح، ثم عمدوا إلى تحريفه وهم يعلمون أنهم محرفون له.
ثم نقول: إن الدين الحق إنما جاء لنفع الناس في دنياهم وآخرتهم، فلا يمكن أن يكون فيه ما يمنع من الأخذ بشيء هو من ضرورات العصر، أما أهواء العصر وما يشيع فيه من قيم وأفكار وعادات وتقاليد فإن الدين لم يأت لموافقتها، بل جاء لإقرار ما فيها من حق وإنكار ما فيها من باطل؛ فالمعيار هو كلام الله لا أهواء البشر.
ثم إن كثيراً مما يسمى بثقافة العصر مما يخالف الدين الحق ليس هو في حقيقته بالأمر الجديد الذي يقال إنه مما امتاز به عصرنا، وإنما هو الثقافة التي اتسمت بها الجاهلية على مر العصور. خذ مثلاً استبشاعهم للحدود -ولا سيما حد الزنا- ودعوتهم إلى تغييره. هذا الحد موجود في التوراة، لكن اليهود غيروه حتى قبل مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الذي دعاهم إلى ذلك هو فُشُوُّ الزنا بينهم ولا سيما في أشرافهم. وهذا هو عين السبب الذي يدعو الغربيين وأمثالهم إلى استبشاع هذا الحد. إن الناس إذا فشت فيهم الفاحشة واعتادوها مات فيهم الشعور بأنها فاحشة، ودعك أن تكون جريمة تستحق هذه العقاب الأليم!". (مجلة البيان، العدد 202).
تنبيه: مما يؤخذ على كثير من الإسلاميين الذين اهتموا بالجانب السياسي في الإسلام -رغم جهودهم المشكورة- أنهم في المقابل هونوا أو قل اهتمامهم بالجانب العقدي والتربوي فيه ؛ فغلبت السياسة عليهم حتى أنستهم مهمة الدعاة الأولى ؛ وهي الدعوة إلى دين الله كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ؛ دون تحريف أو زيادة. وإنكار ما يخالفه من الشركيات والبدع.
بل -للأسف- وصل الحال ببعض المنخرطين في الهم السياسي من أبناء الإسلام أن رق دينهم، وكثرت تنازلاتهم ومداهناتهم للآخرين؛ حتى كادوا يستوون في أمرهم مع العلمانيين وغيرهم من المخالفين.
فلابد لعقلاء الأمة وذوي الرأي فيها أن يتنبهوا لهذا الأمر الخطير. ويعطوا كل مقام حقه؛ دون إفراط أو تفريط. والله الموفق.
- التصنيف:
- المصدر: