عودوا إلى مقاعدكم!

منذ 2014-12-06

لفتني بشدةٍ وأنا أُشاهِد الأحكام التي أصدرتها محكمة مصرية على الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وعدد من مساعديه بالبراءة - أن القاضي كان ينادي على أسماء المتهمين وبعد أن يسمعهم حكم البراءة يقول لهم: "عودوا إلى مقاعدكم!". ولم أفهم لماذا يُصِر القاضي على ذلك بعد كل حكم بالبراءة على المتهمين؟!

لفتني بشدةٍ وأنا أُشاهِد الأحكام التي أصدرتها محكمة مصرية على الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وعدد من مساعديه بالبراءة - أن القاضي كان ينادي على أسماء المتهمين وبعد أن يسمعهم حكم البراءة يقول لهم: "عودوا إلى مقاعدكم!".

ولم أفهم لماذا يُصِر القاضي على ذلك بعد كل حكم بالبراءة على المتهمين؟!

وهل المقصود هو مجرد العودة إلى مقاعدهم في قفص الاتهام أم أنها إشارةٌ إلى ضرورة عودتهم إلى مقاعدهم في السلطة أيضًا ما داموا قد خرجوا براءةً من جميع الاتهامات التي وجهت إليهم عقب ثورة يناير؟!

لقد حرص القاضي أيضًا على التذكير بالفترة التي قضاها حسني مبارك في سدة الحكم نائبًا للرئيس ثم رئيسًا للبلاد والتي قُدِّرت بـ 36 عامًا وبدا كأنه يريد الإشادة به رغم أن هذه الفترة الطويلة دليل إدانة أكثر من أن يكون دليل براءة! خصوصًا مع حجم الفساد والانتهاكات التي شهدته والتي جعلت الشعب المصري المعروف بصبره البالغ أن ينتفض..

الموضوع ليس مجرد حكم في قضية أسموها "قضية القرن" ولكنها أخطر من ذلك بكثيرٍ حيث يتعلّق الأمر بثورات الربيع العربي ككل وما تتعرّض له حاليًا من تشويه مُتعمَّد وتوجيه أبشع الاتهامات لها ولأنصارها!

فمثلًا: ورعم أن الدستور المصري الجديد يعترف بثورة يناير إلا أن إعلاميين وسياسيين بارزين موالين للنظام الحالي يصفونها بالمؤامرة جهارًا نهارًا دون أن توجه لهم تهمة واحدة باحتقار الدستور أو إهانة إرادة الشعب!

هناك صراعٌ قويٌ في دول الربيع العربي بين الثورة ورغبة التغيير والإصلاح وجموع شبابية كبيرة تشعر بالقهر والإحباط وبين المنتفعين من أنصار الدولة العميقة الذين رسّخوا أقدامهم في مواقع المسؤولية وكسبوا مليارات الدولارات وارتبطوا بشباكات مصالح واسعة داخلية وخارجية, إقليمية وعالمية واللذين يسعون لِجرِّ البلاد للخلف بكل قوة...

هناك قنوات وصحف يُنفَق عليها الملايين من أجل تنظيف صورة أنظمة مُستبِّدة عفا عليها الزمن ليس حُبًا فيها ولكن لارتباطها بمصالح واسعة مع أصحاب هذه القنوات والصحف! وهذه المصالح ضيقة بشدةٍ حيث لا تشمل سوى العشرات أو على أقصى تقدير المئات أما الملايين من الشعوب المقهورة فتعاني بشدةٍ من الظلم والحاجة...

إن ما يجري في بلدان الربيع العربي جميعها نسخة مُكرّرة.. ثورة ثم محاولات للانقضاض عليها أو تفجيرها وإيقاع الخلافات بين أصحابها ثم محاولة الانقضاض عليها مرة أخرى وهلمَّ جرًا حتى تضيع جميع الثورات هباءً منثورًا...

أُنظر لما يجري في تونس الآن من عودةٍ لرجالات بن علي وفوز بعضهم في الانتخابات البرلمانية، ودخول أحد رجالات النظام البائد للجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية... والحال أكثر بشاعةً في ليبيا التي تشهد صراعًا عسكريًا مريرًا بين قوى الثورة وأنصار نظام القذافي الذي يحصل على دعم كبير من دولٍ مجاورة.. كما يشهد اليمن رجوعًا لعصر علي صالح بعد تحالفه مع الحوثيين الشيعة بدعمٍ من طهران لكسر ثورة الشعب اليمني وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء...

هناك تياران في العالم العربي الآن؛ تيار عودوا إلى مقاعدكم! وتيارٌ ما زال يكافح هذه العودة!

فيا تُرى أيهما ينتصر؟!

 

  • 0
  • 0
  • 1,528

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً