الاحتياجات اللوجستية للمقاومة الفلسطينية

منذ 2014-12-08

إن غزة لمن يكابر تعد بمثابة العمق الاستراتيجي الرئيسي للدول العربية جميعاً؛ واختلال موازين القوة فيها لصالح الصهاينة، يطيل من أمد الاحتلال ويوسع من دائرته الاستعمارية في كافة الاتجاهات؛ وما يرتبط بذلك من تبعية وعمالة وتطبيع وفساد وطغيان.

أثبتت المقاومة الفلسطينية بتفوقها العسكري الذي وهبها الله إياها في الحرب الدائرة الآن على الأراضي الفلسطينية أن المعادلة العسكرية الإسلامية قبالة الاحتلال الصهيوني قد تغيرت بصورة كبيرة؛ وأن هناك قفزات لوجستية متفردة قد تعجل بإذن الله من حلم الاقتراب من تحرير المسجد الأقصى الأسير.

إن غزة لمن يكابر تعد بمثابة العمق الاستراتيجي الرئيسي للدول العربية جميعاً؛ واختلال موازين القوة فيها لصالح الصهاينة، يطيل من أمد الاحتلال ويوسع من دائرته الاستعمارية في كافة الاتجاهات؛ وما يرتبط بذلك من تبعية وعمالة وتطبيع وفساد وطغيان.

هذا على مستوى العمق الاستراتيجي العربي؛ لكن حديثنا اليوم عكسي حيث يدور حول دور غزة في السيطرة على العمق الاستراتيجي الصهيوني وإضعاف أركانه. فلا شك أن التفوق العسكري للمقاومة الفلسطينية أحدث خلخلة في هذا العمق الصهيوني، وأربك كافة الحسابات العسكرية والاستخباراتية لقادة الكيان الصهيوني، فجميع سكان تل أبيب يهرعون الآن إلى الملاجئ فور سماع صافرات الإنذار هلعاً  من صواريخ المقاومة الفلسطينية، وهذا مطار بن غوريون مصاب بالشلل شبه التام لأول مرة منذ إنشائه، وها هي العمليات العسكرية النوعية لأبطال المقاومة الفلسطينية تقتل وتأسر أفضل جنود النخبة لدي الكيان الصهيوني، وغير ذلك من الفتوحات الربانية في المعارك والبطولات الغزاوية.
 
السؤال الاستراتيجي الذي يفرض نفسه على الساحة الآن هو...
( ما هي الاحتياجات اللوجستية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية كي تدير "حرب الاستنزاف" مع الكيان الصهيوني بطريقة تزيد من الخلخلة للعمق الاستراتيجي الصهيوني؟).
أعلم أن هذا السؤال يطرح في ظل تضييق منقطع النظير على المقاومة الفلسطينية، لكن بحكم التخصص فإنني  أطرح الاحتياجات مجردة من الصعوبات المعلومة للجميع، عسى أن يكتب لها الله سبحانه وتعالى التيسير من حيث لا نحتسب.
الاحتياج الأول.... إنشاء الملاجئ الأرضية الاحترازية
 
هناك أزمة تعيشها كافة الدول العربية ولا أدري هل هي متعمدة أم عشوائية، ألا وهي أزمة ملاجئ الاحتراز من الغارات الجوية تحت الأرض، ولكن دعونا الآن نركز حديثنا على قطاع غزة، فغزة الآن في أشد الاحتياج إلى الملاجئ الأرضية وما يرتبط بها من صافرات إنزار وأدوات المراقبة الجوية، وحسبي أن وضع مخطط عام لإنشاء الملاجئ الأرضية في قطاع غزة بما لا يتعارض مع الأنفاق اللوجستية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية، بات أمراً ضرورياً ووجوبياً للحفاظ على كثير من الأرواح الفلسطينية في ظل الغارات الجوية الصهيونية المتكررة.
 
 وحسبي أيضاً أن هذا المطلب إنساني أكثر منه عسكري، وفيه حق المعاملة بالمثل مع معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة والواقعة تحت السيطرة الصهيونية والتي يهرع لها اليهود فور سماعهم لصافرات الإنذار.
 وظني أن السواعد البشرية الفلسطينية اللازمة لتنفيذ هذا المطلب جاهزة لإنجازه في أسرع وقت ممكن مقارنة بما تلاقيه من مآس أثناء الغارات الصهيونية. 
كما أن تمويله عربياً لا أظن أنه يمثل إشكالاً وحرجاً دولياً للدول العربية، فهو احتياج إنساني لا يقل بأية حال عن الأموال العربية الباهظة المدفوعة للأمم المتحدة كي تنفقها إنسانياً بطريقتها الخاصة.
 
الاحتياج الثاني.... الصواريخ المضادة للطائرات
توافر الصواريخ المضادة للطائرات بيد المقاومة الفلسطينية مع تطوير منظومة الدفاع الجوي الفلسطينية، سيحدث تحولاً كبيراً في إدارة المعركة مع الكيان الصهيوني، والكيان الصهيوني يدرك جيداً خطورة وقوع هذا النوع من الصواريخ في يد المقاومة الفلسطينية؛ ويكافح بكل السبل كي لا يصل للمقاومة الفلسطينية الباسلة.
 ووصول هذا السلاح النوعي للمقاومة الفلسطينية له مسارين إما الدعم المباشر بالصواريخ، أو تصنيعه وتطويره في معامل الإدارة الهندسية العسكرية للمقاومة الفلسطينية، وأسأل الله تعالى أن يكون قريباً جداً في يد المقاومة الفلسطينية لنبتهج جميعاً بسقوط الطائرات الصهيونية مثل العصافير.
 
الاحتياج الثالث.... التطوير التدميري لرؤوس الصواريخ بعيدة المدى
 واضح جلياً أن هناك مرحلتين للمقاومة الفلسطينية فيما يتعلق بالصواريخ بعيدة المدى، الأولى متعلقة بمدى وصول الصواريخ الفلسطينية داخل العمق الصهيوني، وكسره لحاجز "الرهبة التحصينية" للمدن المحتلة خاصة تل أبيب، وتحدي منظومة القبة الحديدية "المدعومة أمريكاً"، بغض النظر عن حجم الخسائر، والتي لا يمكن أيضاً إنكارها عسكرياً وإن كان الكيان الصهيوني يخفيها إعلامياً.
 
وحسبنا أن هذه المرحلة قد اكتملت وحققت أهدافها العسكرية والسياسية جيداً، وصارت كافة أركان الكيان الصهيوني في مرمى الصواريخ الفلسطينية بعيدة المدى. والآن أصبحت الحالة وجوبية في الانتقال للمرحلة الثانية وهي مرحلة تطوير الرؤوس التدميرية للصواريخ بعيدة المدى كي تحدث أكبر قدر ممكن من التدمير العسكري في العمق الصهيوني، وحسبنا أيضاً أن الإدارة الهندسية العسكرية للمقاومة الفلسطينية عاكفة على هذا التطوير إن لم تكن توصلت إليه بالفعل، وصار جنود المقاومة الفلسطينية البواسل بانتظار الإشارة من قيادات المقاومة الفلسطينية من أجل التصعيد الصاروخي التدميري الذي حتماً سيكون مزلزلاً داخل العمق الاستراتيجي الصهيوني بحول الله وقوته.
 
الاحتياج الرابع....اشتعال الانتفاضة الفلسطينية في باقي الأراضي الفلسطينية
لا أدري ما سر هذا التأخر في اشتعال الانتفاضة الفلسطينية في باقي الأراضي الفلسطينية، رغم هذه الدماء التي تراق كل يوم في سبيل الله، ثم من أجل القضية الفلسطينية، وعلى الرغم من هذا التأخر فقد رأينا تلك المسيرات المبهرة والاحتكاكات اليومية مع الصهاينة، ورأينا أيضاً بعض العمليات الفردية لشباب شرفاء، هذا بلودر، وآخر بموتوسيكل ومسدس، وثالث بسكين.
 
إن الميزة المباشرة لسكان هذه المناطق أن الجنود الصهاينة أمامهم في مرمى الهدف مباشرة، أعلم أن هناك من شرطة السلطة الفلسطينية من يحولون دون تحقيق الهدف، لكن مع الانتفاضة سيتصاغر هؤلاء، وستربك كافة الحسابات الصهيونية في تلك المناطق، ولنا أن نتخيل أثر العمليات النوعية المكثفة في صفوف الجنود الصهاينة من قبل شباب فلسطين في الضفة أو الخليل أو القدس أو حتى في تل أبيب أو غيرهم من البلدان المحتلة، وانعكاس ذلك على "حرب الاستنزاف" مع العدو الصهيوني، إنها أنفاس قليلة تفصل الفضلاء عن شرف المساهمة في معركة تحرير الأقصى فإما النصر وإما الشهادة.
 
الاحتياج الخامس.... تطوير سلاح الحرب الإلكترونية الفلسطينية
لقد أبلى الفلسطينيون بلاءً حسناً في إدارة الحرب الإلكترونية مع العدو الصهيوني، من اختراق للقنوات الصهيونية وبث البيانات التحذيرية، وكذا اختراق المواقع الإلكترونية الصهيونية وإرباك حسابات العدو الصهيوني، انتهاءً باختراق المكالمات الهاتفية والأجهزة التجسسية المشفرة، الأمر الذي ساهم في كشف عدد غير قليل من عملاء العدو الصهيوني. لكن يبقى أن الأمر فيه سعة وبحاجة إلى مزيد من التطوير والتفعيل.
 
 والميزة في هذا النوع من المعارك أمرين؛ الأمر الأول أن الكيان الصهيوني صار يعتمد بصورة شبه تامة على الأنظمة الإلكترونية في كافة أسلحته وتعاملاته الحيوية، مما يجعل أي اختراق وتخريب في هذا المجال الإلكتروني يؤتي بثمرته اللوجستية ويربك حسابات الكيان الصهيوني بشدة.
 
 الأمر الثاني أن مجال هذه المعركة مفتوح لكل مسلم وكل متعاطف مع القضية الفلسطينية على وجه الأرض، يستطيع بخبرته أن يدلي بدلوه الفني في هذا الميدان التقني، ويعطل الكثير من الأنظمة الحيوية للكيان الصهيوني.
الاحتياج السادس.... التفعيل الإعلامي العبري للمقاومة الفلسطينية
 
المقاومة الفلسطينية في إدارتها لحرب الاستنزاف مع العدو الصهيوني بحاجة إلى ظهير إعلامي عبري يبث "الرعب الدائم" في نفوس الصهاينة المحتلين للأراضي الفلسطينية، وهذا الظهير الإعلامي يمكن تفعيله بالصورة التالية:
1-    وجود شركة أو إدارة للإنتاج الإعلامي تكون خاضعة لإشراف المقاومة الفلسطينية، داخل فلسطين أو خارجها، ويكون منوط بها فقط إنتاج المواد الإعلامية العسكرية المرعبة لسكان الكيان الصهيوني باللغة العبرية، وذلك بصورة شديدة الكثافة.
2-    تخصيص مساحات زمنية ثابتة في فضائية الأقصى وغيرها من الإذاعات والفضائيات المتبنية للقضية الفلسطينية، بحيث تبث فيها منتجات الشركة أو الإدارة السابق ذكرها.
3-    إمداد أعضاء إدارة الحرب الإلكترونية بالمواد الإعلامية المتجددة باللغة العبرية، وذلك لبثها في الإذاعات والتليفزيونات والمواقع الإلكترونية الصهيونية المخترقة، مع إرسالها للقوائم البريدية الصهيونية سواء من خلال الإيميلات أو حسابات الفيس بوك وتويتر والواتس آب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي.
 
4-    إحداث حالة من الإمطار الإلكتروني والزخم الإعلامي على شبكة الإنترنت وذلك برفع الفيديوهات والبيانات العسكرية
5-     للمقاومة الفلسطينية باللغة العبرية، حتى يمكن إيصالها لأكبر قدر ممكن من سكان الكيان الصهيوني وداعميهم.
 
إن الاحتياجات السابقة هي احتياجات نسبية وسببية؛ فمنها ما هو موجود ويحتاج لمزيد من التفعيل، ومنها غير الموجود ويمثل وجوده مطلب حتمي للمقاومة الفلسطينية؛ ويبقى الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بالنصر على هذا العدو الصهيوني هو الأساس في إدارة المعركة، فما النصر إلا من عند الله سبحانه وتعالى.

الهيثم زعفان

  • 1
  • 0
  • 3,032

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً