الفريضة المقامة في غزة
الفريضة قائمة في غزة، وسورة الأنفال تتحدث عن الحال، ولا شك بأن الأيام القادمة ستكشف الكثير من الشهادات عن ألسنة المجاهدين المقاتلين الذين انتصروا لله ولدينه ولأرضه المقدّسة، فنصرهم الله وأذل عدوّهم، وشفا بجهادهم صدور قوم مؤمنين، {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} {آل عمران: 126}.
تحدث كثيرون عن الفريضة الغائبة ، منذ ألف عبد السلام فرج ، كتابه المشهور الذي يحمل هذا العنوان. وانبرى آخرون يتحدثون عن الفريضة الغائبة بأنها الحرية ، وقال طرف ثالث أنها التكنولوجيا ، ورابع ، أنها التفكير، لكن في غزة يوجد هذا كله .. جهاد براية واضحة ، وتفكير عميق ، وصناعة تكنولوجية لم نشهدها في دول عربية تمتلك مقومات امتلاك المعرفة وهي تعيش عالة على غيرها في كل شئ تقريبا من الملبس إلى المأكل إلى المسكن وما يحتاجه كل ذلك من أدوات .
على الباغي تدور الدوائر: إذا نظرنا إلى إمكانيات حماس العسكرية مقارنة بما لدى العدو الصهيوني نجد البون شاسعا بين الطرفين، لكن همة مقاتلي حماس وإيمانهم بقضيتهم وتآكل الرصيد الذهني للعدو أثرت في موازين القوى بين الطرفين، وانتهت بذلك المعادلة السابقة التي حكمت العلاقة بين الكيان الصهيوني والعرب منذ 1948 م مرورا بهزيمة 1967 م المذلة، وخيبة 1973 م غير المستحقة وهو ما جعل الكيان الصهيوني يتوهم أنه بعد حربه الوهمية مع دونيكشوت دي مصر وسورية والأردن والتي لم تستمر سوى ستة أيام. واحتل فيها بعدها سيناء(60 ألف كيلومتر مربع أي 6% من مساحة مصر) وغزة والضفة الغربية، والقدس، ومرتفعات الجولان (التي على ثلث مياهها منها). توهم ولوقت طويل أنه "الجيش الذي لا يقهر".
وهاهو يقهر ويهزم ويذل ويفشل ويقف عاجزاً أمام قطاع صغير من أمتنا لم تتوفر له أدنى الإمكانات المادية، ولكن توفر له الإيمان بربه وبقضيته العادلة وتوفرت له الإرادة. غزة أقل من 1.4 في المائة من فلسطين, حاصروه وجوعوه وحجزوا عنه باقي الأمة بجيوش من العملاء والخونة الذين باعوا أنفسهم وأمتهم للشيطان، ولكنهم فشلوا في عزله عن العزة والكرامة والإرادة الحرة.لا يستطيع العدو المدجج بأحدث الأسلحة أن يتجاوز كيلومترات قليلة، فعرض القطاع يتراوح بين خمسة وعشرة كيلومترات، وطوله لا يزيد عن أربعين كيلومتراً ومساحته 360 كم مربع فقط.
لقد تغلبت حماس، الجماعة المقاومة على كل العقبات والعلل، والهجمات الشرسة على أمتنا، التي تضاعفت بعد بدء مرحلة الربيع، فأنتجت وأبدعت وتحدت.
خطأ حسابات العدو: الحق ما شهدت به الأعداء، وهذا ما ينطبق على غزة، حيث لم يخف الكثير من الصهاينة استغرابهم من صمود المقاومة ، ومنهم الكاتب الصهيوني إيال حنانيا، الذي لم يكتف بما قام به جيش الإحتلال من جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة ليدعوه لارتكاب هولوكوست حقيقي في غزة قائلا" على الكيان أن يأخذ الدروس والعبر وأن حربه ضد حماس عليها أن تكون حرب اجتثاث، لأنها إن تهاونت في ذلك فسنرى حماس خلال العقد القادم على أبواب تل أبيب".
وتابع"عندما تأملت الحرب في الأيام الأولى، قدرت أن حماس ستركع وستستجدي وقف إطلاق النار فلقد حشدنا سبعة ألويه على رأسها حربة الجيش ( جفعاتي وجولاني) وجندنا سلاح الطيران بأكمله، ووضعنا ثلاثة أسراب خفيفة ومتوسطة من البحرية قبالة غزة، وحشدنا أفضل كتائب سلاح المدرعات على رأسها كتيبة 401 المكونة بأكملها من دبابات، مركافاه 4، فخر الصناعة الإسرائيلية".
وفوق كل ذلك كما يقول ذلك الصهيوني"جبهة عربية موحدة .. ووزير الداخلية الصهيوني السابق رئيس حزب "شاس" "إيلي يشاي" فقد أكد على إن "محمد مرسي، كان بغيضاً وحاقداً على ،إسرائيل، وحليفاً إستراتيجياً لـ "حماس"، بينما ،السيسي، يكره حماس أكثر مما نكرهها نحن، ومستعد للتعاون مع دولة ،إسرائيل، إلى أبعد حد".
أضف إلى ذلك والكلام للصهيوني المذكور" حماس تعيش في حصار خانق فرضه عليها السيسي وقطيعة عميقة مع إيران وسوريا وحزب الله بسبب موقف حماس من الأزمة السورية". و"حماس عاشت في أزمة رواتب ومال وسلطة دفعتها إلى الهروب إلى المصالحة التي أراد أبو مازن تسخيرها لإذلال حماس وتركيعها ". وقد حاول الصهاينة استغلال هذا الوضع بالعدوان باختلاق قصة ربما تورطت فيها الاستخبارات الصهيونية، وهي مقتل ثلاثة صهاينة في الضفة" "تأملنا هذا المستوى السياسي وهذا الوضع الذي وصلت إليه حماس، وخرجنا بتقديرات تفيد باستسلام حماس في حالة عملية عسكرية واسعة بل وإمكانية نزع سلاحها أيضا بغطاء عربي وأممي". وكانت المفاجأة "بدأت المواجهة، وخرج علينا ناطقو حماس على التلفاز بأسلوب من يقود قوة عظمى وجيشاً جراراً وليس من يعاني من الأزمات السابقة، تصورنا أنه نوع من المكابرة السياسية واللعبة النفسية ليس أكثر، لكن صمودهم في القصف الجوي واستمرار إطلاق الصواريخ غير ميزان المعركة وموازين الردع تماما".
وعند العملية البرية "واجهنا مقاتلو حماس بصلابة أربكت كل المستويات ودمرت صورة الجيش وقوة الردع التي أردنا ترميمها، مقاتلو حماس بعتاد متواضع صمدوا بشكل غريب يستحق الدراسة والمتابعة لأخذ العبر". ويضيف الكاتب الصهيوني" قمت بالبحث عن الجانب الأيديولوجي لهذه الحركة فوجدت أنهم يربون مقاتليهم منذ نعومة أظافرهم تربية دينية عسكريه صارمة ويلقنونهم أيديولوجية جهادية ... وتعبئة فكرية تقوم على دراسة تاريخ المعارك الإسلامية". وأن "مقاتلي حماس مستعدون لتفجير أنفسهم دون تردد، والقيام بأعمال خيالية حطمت كلّ النظريات العسكرية المعروفة بظروف قتال تكاد تكون مستحيلة، إنهم يواجهون أرتال الدبابات والوحدات الخاصة والقوات الجوية بلا شيء،لا شيء بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فتسليحهم بالنسبة لتسليح حتى أتفه المليشيات الأفريقية الجائعة هو لاشيء، ومع ذلك فقد استطاعوا الوقوف بصورة صلبة مدهشة".
ويختم كلامه بالقول" عندما أرى مقاتلاً يندفع صوب ،المركافاه 4، التي تشبه وحشاً فولاذياً أسطورياً حاملاً عبوته مفجراً نفسه فيها دون أدنى ذرة تردد، أعترف أنّ هذه الأيديولوجية هزمت المركافاه".
وقد اعترفت صحيفة "هاآرتس" العبرية، أن جميع الخطوات التي اتخذها الكيان الصهيوني ضد غزة، جميعها كانت إجراءات فاشلة. وأشارت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن كل ما جرى بداية من الخطوات التي اتخذها الجيش الصهيوني في الضفة الغربية، بعد عملية اختطاف المستوطنين وحتى حملة الاعتقالات الواسعة، ثم الحرب على غزة، "لم تحقق أي استقرار لتل أبيب". وأوضحت أن "حماس" ستبقى مسيطرة على قطاع غزة، وهي الشريك المركزي في كل تسوية مستقبلية حتى لوأجريت بشكل غير مباشر.
دعم أمريكي واسع: عندما نتحدث عن دعم استخباراتي أمريكي للكيان الصهيوني، فإننا لا نتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية بل كل الدول العائدة إليها بالنظر ، وفي مقدمتها دول الموز العربية ، فقد كشفت وثائق انفرد بها موقع (انترسبت) الأمريكي النقاب عن آفاق جديدة في التعاون الوثيق بين وكالة الأمن القومي الأمريكي وأجهزة الاستخبارات الصهيونية، مما يؤكد ضلوع الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين في كل هجوم شنه الكيان على غزة ولبنان، وذلك بدعم الأخيرة ماليا وعسكريا واستخباراتيا .
وقال الموقع الأمريكي الذي تعاون معه إدوارد سنودين، في نشر قضية التنصت الإلكتروني، في صفحات صحيفة الجارديان، إن حكومة الولايات المتحدة طالما أغدقت بكافة أنواع المساعدات على إسرائيل، ومنها إرسال الأموال والأسلحة وتكنولوجيا المراقبة التي تلعب دورا حاسما في هجمات إسرائيل على قطاع غزة، ولكن وثائق سرية سربها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي سلطت الضوء على كيفية تمكين واشنطن وحلفائها بشكل مباشر لإسرائيل لشن الهجمات العسكرية ضد دول الجوار وخاصة قطاع غزة.
وأماط الموقع اللثام عن أن وكالة الأمن القومي الأمريكي كثفت خلال العقد الماضي، بشكل كبير دعمها الاستخباراتي بما فيه المراقبة والتجسس إلى نظيرتها الإسرائيلية المعروفة باسم "سيجينت" أو الوحدة "8200".
وتعد أكثر الوثائق التي سربها الموقع إثارة للاهتمام وثيقة تشير إلى أن واشنطن اقترحت ما بين عامي 2003 و2004 م إنشاء جهاز لتقاسم المعلومات الإستخباراتية مع إسرائيل بشكل واسع النطاق وأطلقت عليه "المصارع"، ولكن الإسرائيليين طلبوا مئات الملاييين من الدولارات في مقابل إكمال هذا المشروع.
وأظهرت وثائق أخرى شيكات نقدية مدفوعة من الجانب الأمريكي إلى إسرائيل تجاوزت ال 500 مليون دولار أمريكي، ولكن لم توضح الوثائق إذا كانت هذه تمثل دفعة واحدة أو دفعات متعددة، أو ما الغرض منها تحديدا.
ونشر الموقع وثيقة بتاريخ 13 أبريل 2013 م تؤكد تعهد وكالة الأمن القومي الأمريكي بمواصلة التعاون الفني والتحليلي الوثيق مع وحدة "سيجينت" الإسرائيلية بخصوص تبادل المعلومات بين الجانبين بشأن الحصول على المعلومات السرية واعتراض واستهداف وتحليل وإعداد التقارير الاستخباراتية.
وقال الموقع " إن العلاقة بين أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية شملت إرسال دفعات كبيرة من النقود بشكل سري للعملاء الإسرائيليين" بل أكد على أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تعتمد على الأنظمة العربية التي تدعمها الولايات المتحدة، وحتى قوات الأمن في السلطة الفلسطينية، لتقديم خدمات التجسس الحيوية بشأن أهداف فلسطينية.
وأوضح الموقع أن ذلك التعاون الاستخباراتي الأمريكي-الإسرائيلي تتضمن بيانات خاصة باستهداف الفلسطينيين، مشيرا إلى أن واشنطن وتل أبيب تعاونا أيضا مع أجهزة الاستخبارات البريطانية والكندية في التجسس على منطقة الشرق الأوسط.
ولكن الموقع أشار إلى أنه على الرغم من أن الوثائق لا تظهر وقائع بعينها تخص تحديد وكالة الأمن القومي الأمريكي لأهداف فلسطينية ليستهدفها الجيش الإسرائيلي عسكريا، بيد أن الإدارة الأمريكية قدمت عمليات تجسس مشابهة مثل دعمها للعراق في حربه مع إيران في ثمانينات القرن الماضي.
وقال الصحفي المثير للجدل جلين جرينوالد "إن هذه الوثائق تؤكد ضلوع الإدارة الأمريكية وحلفائها بشكل مباشر في كافة الصراعات العسكرية التي تثيرها إسرائيل مع { دول الجوار}".
تواصل المكر رغم الخسائر: رغم الخسائر التي مني بها الاحتلال الصهيوني، إلا أن الأطراف المتحالفة معه في المنطقة لا تزال تحثه على مواصلة العدوان لاجتثاث حماس، وبدأت الدياثة السياسية أكثر وقاحة من الصهيوني مرتكب الكبيرة . والذي يحاول الهروب من غزة بسبب خسائره الكبيرة والتكلفة التي تكبدها وقال عاموس هرئيل المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" العبرية" تسربت معلومات إلى اجتماع المجلس الوزاري {الإسرائيلي} المصغر حول خسائر الاحتلال من القتلى والجرحى وحالات الانتحار التي طالت المئات من جنود الاحتلال والتي أفقدت رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتياهو صوابه.
وأوضحت التسريبات أن خسائر الاحتلال التي عرضت على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) الصهيوني خلال اجتماعه يوم السبت الماضي كالتالي: مقتل 497 جنديا، و113 ضابطا، وإصابة 879 جنديا إصاباتهم بين متوسطة وخطيرة إضافة إلى إصابة 362 ضابطا إصاباتهم بين متوسطة وخطيرة، و مقتل 270 فردا من المرتزقة، وإصابة 620 جنديا من المرتزقة.
وذكرت ورقة التسريبات أن حالات الانتحار بين جنود الجيش وصلت إلى 166 حالة، وأن 311 جنديا أطلقوا النار على أنفسهم.
ضغوط بعض دول الجوار الفلسطيني والسلطة الفلسطينية،لم تنقطع هي الأخرى حسب المصادر الصهيونية رغم خسائر العدو في غزة وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن "مصر تخطط لتمكين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس من السيطرة على قطاع غزة، ومحور فيلادلفيا، لمنع المزيد من بناء أنفاق التهريب تحت الحدود بين مصر وغزة .
وأضافت الصحيفة، في تحليلٍ، نشرته الأحد، أن مهمة عباس والقوات التابعة للسلطة الفلسطينية مراقبة وتدمير مداخل أنفاق التهريب على الجانب الفلسطيني، فيما سيفعل المصريون الشيء نفسه في سيناء. وتابعت، "وفقاً للمبادرة المصرية، ستكون السلطة الفلسطينية أيضاً بمثابة رجل وسيط يمرر أموال قطر إلى "حماس" لدفع رواتب المسؤولين الحكوميين الذين لم يتلقوا رواتبهم لفترة من الوقت طويل".
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من أن الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق تعقد أساساً في القاهرة، لكنها أيضاً تتم عبر الاتصالات الهاتفية بين "الإسرائيليين" ومصر والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، وعدد قليل من البلدان التي تمثل مصالح الاتحاد الأوروبي.
لكن أحلام البعض لن يستطيع الكيان الصهيوني تحقيقها، ولا يمكنه وضع الشروط ، وبعض سكانه يفكر في المغادرة، بل إن المقاومة من يفعل ذلك، ومنها المطالبة بميناء ومطار في غزة. وقال الكاتب الصهيوني يوفال أبيبي، إن "الحرب على قطاع غزة أثرت تأثيرًا كبيرًا على توجهات {الإسرائيليين} حيث بات الكثير منهم غير محبذين للمكوث في {إسرائيل}.
وحسب تحقيق نشرته صحيفة "إسرائيل بلاس"، قال الكاتب "تعاظمت نسبة الراغبين في مغادرة {إسرائيل} في أعقاب اندلاع الحرب على غزة، ومعظم الراغبين في مغادرة {إسرائيل} يقطنون في المستوطنات الجنوبية المحاذية لقطاع غزة، ما يدلل على تأثير الحرب الكبير على توجهاتهم".
وأضاف:"اليهود في {إسرائيل} ينظرون إلى أوروبا كمصدر أمل،على الرغم من أن يهود أوروبا يغادرونها، حيث ضاعفت الحرب على غزة من مستوى دافعية اليهود للهجرة من {إسرائيل}، ويحرص اليهود أصحاب الأصول الغربية على الحصول على الجنسية البولندية، أو الهنغارية أو الألمانية، في حين يحاول اليهود الشرقيون الحصول على الجنسية الفرنسية أو الإسبانية، مستغلين تشريعاً سُنَّ حديثًا في إسبانيا يسهل منح الجنسية الإسبانية لليهود الذين ينتمون لليهود الذين غادروا إسبانيا في نهاية القرن الـ15".
ونقل التحقيق عن أحد المستوطنين، وهو شاب يقطن في مدينة تل أبيب قوله: "لقد توصلت إلى قناعة مفادها أنه في حال لم أهاجر الآن، فلن أتمكن من ذلك في أي وقت من الأوقات، لا أجد ثمة أمل في هذه الدولة، لم أشعر في يوم من الأيام بأي ارتباط تجاهها، والآن تفاقم هذا الشعور، من المستحيل أن يطيب العيش هذا المكان".
وكشف الشاب أنه بصدد الهجرة إلى أوروبا، وتحديداً لإسبانيا.
وذكر المحامي "دان أسان"، المتخصص في مساعدة "الإسرائيليين"، على الحصول على الجنسية الألمانية والنمساوية، أن الحرب أحدثت زيادةً كبيرةً في عدد "الإسرائيليين" الذين يبدون رغبة في الهجرة والحصول على الجنسية الألمانية أو النمساوية.
وتوقع "أسان" أن تؤثر الحرب على ميل اليهود للهجرة، حتى بعد مرور وقت طويل على انتهائها.
من ناحيتها، قالت المختصة بمساعدة "الإسرائيليين" على الحصول على الجنسية الفرنسية، المحامية "جولي دانيال": إن هناك زيادةً مطردةً في عدد "الإسرائيليين" الراغبين في الحصول على الجنسية الفرنسية، مشيرةً إلى أنه توجد علاقة وثيقة بين الرغبة في الهجرة والحرب الأخيرة على غزة.
ولفتت "دانيال" إلى أنه خلال الشهر الماضي توجهت إليها 46 عائلة بطلب للمساعدة في الهجرة لفرنسا، معظمها من المستوطنات التي تقع في محيط قطاع غزة، وجميعها عائلات يهودية من أصول تونسية أو جزائرية، مشيرة إلى أن كل عائلة تضم 20 شخصاً على الأقل.
وحسب استطلاع للرأي العام أجراه الاتحاد الأوروبي، فإن 30 في المائة من اليهود في أوروبا يفكرون في مغادرة القارة بسبب الشعور بانعدام الأمن.وعلى الرغم من هذه المعطيات، فإن {الإسرائيليين} غير مستعدين للتنازل عن محاولة الحصول على الجنسية الأوروبية.
وحسب معطيات القنصلية الفرنسية في تل أبيب، فمنذ أن بدأت الحرب حدثت زيادة في عدد "الإسرائيليين" من أصول فرنسية على استخراج جواز سفر لهم، وذلك لكي يضمنوا لأنفسهم القدرة على العودة لأوروبا.
وقد دشن في الكيان الصهيوني موقع "يغادرون إلى أوروبا"، الذي يؤمه اليهود الراغبون في الهجرة لأوروبا، حيث يقدم الموقع نصائح واستشارات للراغبين في الهجرة.
صناع الملاحم : في الجانب الفلسطيني وتحديدا في غزة ، ورغم التضحيات الجسام حيث هناك نحو ألفي شهيد ونحو عشرة آلاف جريح، ودمار هائل على مستوى الممتلكات ، إلا أن المعنويات مرتفعة ، ونصر الله للمجاهدين يتحدث عنه المجاهدون والأعداء على حد سواء ، فقد نشرت "كتائب الشهيد عزالدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، قصة بطولية لإحدى مجموعاتها من المقاتلين خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وقد قضت المجموعة وعددها 29 فرداً نحو الشهر في الأنفاق دون ماء أو طعام، وخرج منهم 23 أحياء، بعد أن استشهد ثلاثة منهم في عمليات استشهادية ضد العدو، وبقي 3 أفراد مفقودين داخل النفق حتى الآن.
فمع اندحار آخر جندي صهيوني عن أرض غزة بعد الفشل والهزيمة الصهيونية، مازالت قصص بطولات وكرامات المجاهدين تتواتر من أرض الميدان الذي شهد الالتحام المباشر مع قوات العدو ونخبته العسكرية في كافة محاور الاشتباك من شمال قطاع غزة إلى جنوبه.
فمن محور الاشتباك الملتهب جنوب قطاع غزة، في منطقة الغوافير شرق القرارة، ومع بداية معركة "العصف المأكول" ترجّل تسعة وعشرون مجاهداً من قوات النخبة القسامية عبر نفق أرضي إلى أرض المعركة الحقيقية والاشتباك المباشر، ليباغتوا العدو من حيث لا يحتسب.
أحد هؤلاء المجاهدين روى لموقع القسام الالكتروني ما حدث، ويستذكر بطمأنينة واستحضار لعناية الرحمن ما حدث معه ومع إخوانه في هذه الأيام الطويلة تحت الأرض.
يقول المجاهد "ع. س": كانت مهمتنا تتمثل في تنفيذ عمليات التفاف خلف القوات المتوغلة والتصدي لآليات وجنود الاحتلال بكل وسيلة، كما كان جزء من المجاهدين من وحدة الأنفاق ومهمتهم تجهيز الأنفاق والعيون وتهيئتها للاستخدام من قبل مقاتلي النخبة، وقد كان المجاهدون في حالة استنفار وأخذوا مواقعهم قبل بدء الحرب البرية.
ويضيف المجاهد العائد: مع بداية الحرب البرّية التحمنا مع قوات العدو ونفّذ مقاتلونا بعون الله عدّة عمليات جريئة، كانت أولها عملية تفجير دبابة وجرافة من نقطة صفر، ثم توالت عملياتنا وتنوعت وتوزعت على المجاهدين كلّ حسب اختصاصه، بحسب الخطّة الموضوعة لنا من إخواننا في غرفة قيادة العمليات.
ويستذكر المجاهد إحدى أبرز عمليات هذه الثلّة المجاهدة، إذ خرج المجاهدان الشهيدان باسم الأغا، وفادي أبو عودة، بعبوات الشواظ (من الصناعات العسكرية لـ"القسام")، وفجّرا هذه العبوات بعمليتين استشهاديتين في جرّافة ودبّابة من مسافة صفر، وأوقعا فيهما القتلى والإصابات، يرحمهما الله تعالى.
وذكر المجاهد أنّ الأمر كان يسير وفق الخطّة المرسومة واستبسل المجاهدون واستحضروا وهم يخوضون هذه المعركة معيّة الله، وقضوا أوقات الانتظار بالذكر والاستغفار والدّعاء والصلاة.
واستطرد قائلاً: حينما دخل العدو منطقة القرارة صاحب ذلك تفجير بعض عيون الأنفاق، كما تم دكّ المنطقة بصواريخ "الإف 16"؛ ما أدى إلى إغلاق مخرج النفق - المحفور على عمق 25 متراً تحت الأرض - على المجاهدين في اليوم الثاني للعملية البرية وانقطع الاتصال بيننا وبين غرفة العمليات.
يقول القائد الميداني "و.أ": منذ انقطاع الاتصال في ذلك اليوم اعتبرنا جميع هؤلاء المجاهدين في عداد المفقودين، ولم نعد نعرف ما يدور معهم بسبب سخونة الاشتباكات وتعدد محاور التماس مع العدو، وكان التقدير بأنّ ما لديهم من طعام وشراب وهواء لا يكفي كلّ هذه المدة، وأنّ من المستحيل – في تقديرنا البشري - أن يكونوا في عداد الأحياء.
ويستدرك القائد الميداني: لكن وبعد وقف إطلاق النار قامت طواقم الإنقاذ والدفاع المدني بالحفر في منطقة النفق لانتشال المجاهدين منه، وكانت المفاجأة التي وقعت علينا وقع الصاعقة الممتزجة بالذهول والحمد والشكر لله، حيث تجلّت عظمة الله تعالى في خروج ثلاثة وعشرين مجاهداً من النفق، إذ كانوا أحياء وبصحة جيدة!
ومازال البحث جارياً عن 3 مجاهدين مفقودين، بعد أن أقدم رابعهم - وهو المجاهد القسامي الشهيد إياد الفرا - على عمل بطولي شاقّ، إذ حاول فتح عينٍ للنفق لإنقاذ إخوانه، وبالفعل وصل إلى هدفه، وما أن وصل إلى نهاية عمله وكاد ينجح إلاّ أنّ قدر الله كان غالباً فانهار النفق من هذه الجهة، مما أدى إلى استشهاد هذا المجاهد الهمام، تقبله الله في عليين.
وقد أثار بقاء هذا العدد الكبير من المجاهدين على قيد الحياة في هذه الظروف - بعناية الله - دهشة إخوانهم في غرفة العمليات، وقد جاءت شهادات المجاهدين في هذا الصدد مثيرة للاطمئنان والسكينة بلطف الله ورعايته للمجاهدين.
يقول المجاهد العائد المنتصر "ر. س": يسّر الله لنا في باطن الأرض ما يشبه نبع الماء حيث كنّا نضع قطعة من القماش من ثيابنا على الماء ثم نشرب ما تحمله هذه الثياب من ماء، وقمنا باقتسام ما لدينا من التمر طوال نحو شهر من الزمان، فكان نصيب كل واحد منا في اليوم نصف تمرة ونصف كوب صغير من الماء!
مع العلم أنّ الماء في تلك المنطقة موجود على عمق 90 متراً من سطح الأرض، أي على عمق 65 متراً تحت المجاهدين.
وختم القائد الميداني هذه الشهادة بقوله: في ذلك ما يثبت لشعبنا الفلسطيني ولأمتنا أنه لو تخلى العالم كله عن شعبنا ومجاهدينا، فإنّ الله تعالى معنا ولن يتخلى عنّا وسيمدنا بمدد من عنده.
وقد نقلت مواقع إعلام عبرية ومنها موقع "والا" شهادة أحد الجنود الصهاينة العائدين من ميدان المعركة في غزة، والذين اشتبكوا مع المقاومة وجهاً لوجه، حيث قال في رده على تساؤل كيف رأى المقاومين:"لم نكن نرى مقاتلين أمامنا، وإن رأيناهم كانوا مخيفين لدرجة كبيرة حيث يبلغ طول الواحد منهم على أقل تقدير 3 أمتار، مشهد مرعب للغاية".
وأفاد الجندي في استكماله لرواياته من المعركة أن الجنود "الإسرائيليين" وهو واحد منهم كانوا يطلقون النار عليهم بشكل مباشر إلا أنهم لا يموتون من تلك الرصاصات أو القذائف، وأنهم كانوا غير خائفين من المواجهة والموت وكانوا يقومون بمهامهم على أكمل وجه.
وارجع العديد ممن سمعوا رواية الجندي الصهيوني المرتعب إلى "أن ما حصل في المعركة كرامة من الله عز وجل في بثه الخوف في صدور العدو وتثبيته للمجاهدين في أرض الميدان"
الفريضة قائمة في غزة، وسورة الأنفال تتحدث عن الحال، ولا شك بأن الأيام القادمة ستكشف الكثير من الشهادات عن ألسنة المجاهدين المقاتلين الذين انتصروا لله ولدينه ولأرضه المقدّسة، فنصرهم الله وأذل عدوّهم، وشفا بجهادهم صدور قوم مؤمنين، {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} {آل عمران: 126}.
عبد الباقي خليفة
- التصنيف:
- المصدر: