المجاهد القدوة أحمد ياسين رحمه الله

منذ 2008-08-11

قصفت طائرات "إسرائيلية" الشيخ وهو عائد من صلاة الفجر من المسجد القريب من منزله، فلاقى ربه مصليًا متوضئًا راضيًا مرضيًّا إن شاء الله .....

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
ولد أحمد إسماعيل ياسين عام 1938م في إحدى قرى غزة وهي تدعى قرية "الجورة"، وما لبث أن بلغ الخامسة من عمره حتى توفي والده، ولما بلغ الثانية عشرة من عمره منيت الجيوش العربية بالهزيمة العربية الكبرى المسماة بـ "النكبة" عام 1948م وقد تأثر بهذا الحادث أيما تأثير؛ حيث ساهم في تشكيل فكره وشخصيته فيما بعد، ومن أهم ما اعتنقه ياسين بعد هذه النكبة هو ضرورة الاعتماد بعد الله على الكوادر الفلسطينية لعودة الأرض ونصرة القضية وعدم الاعتماد على الغير، وضرورة تنشئة النفس والآخرين على الاعتماد بعد الله على النفس في الجهاد والمطالبة بالحقوق من خلال الإعداد الإيماني والمادي. أجبرت النكبة أسرة ياسين على الهجرة إلى غزة، وهناك تغيرت الأحوال وعانت الأسرة - شأنها شأن معظم المهاجرين آنذاك - مرارة الفقر والجوع والحرمان، فكان يذهب إلى معسكرات الجيش المصري مع بعض أقرانه لأخذ ما يزيد عن حاجة الجنود ليطعموا به أهليهم وذويهم. واضطر الشيخ لترك الدراسة عام 1949م لمدة عام دراسي كامل للعمل لمساعدة الأسرة التي عانت الفقر بعد ترك قريتها ثم عاود الدراسة بعدها. ولما بلغ السادسة عشرة أصيب بكسر في فقرات العنق أثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952م، واتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل الذي أصيب به في تلك الفترة.
وقدر الله عليه أن تسبقه إحدى حواسه إلى الجنة إن شاء الله؛ فقد فقد البصر في العين اليمنى بعدما أصيبت بضربة أثناء جولة من التحقيق على يد المخابرات "الإسرائيلية" فترة سجنه، وضعف شديد في قدرة إبصار العين اليسرى، بجانب معاناته من أمراض أخرى كالتهاب مزمن بالأذن وحساسية في الرئتين وبعض الأمراض والالتهابات المعوية الأخرى ليكون آية للأصحاء الذين يتمتعون بتاج الصحة فوق رءوسهم, وليعطي أبناء الأمة درسًا عمليًّا في الإرادة والتحدي رحمه الله.

وفي عام 1958م أنهى الشيخ دراسته الثانوية وعمل بالتدريس، وكان معظم دخله من مهنة التدريس يذهب لمساعدة أسرته، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر شارك في تظاهرات وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة؛ حيث نشط مع رفاقه في الدعوة إلى رفض الإشراف الدولي على غزة مؤكدًا ضرورة عودة الإدارة المصرية إلى هذا الإقليم.

كانت مواهب أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965م اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية التي استهدفت كل من سبق اعتقاله من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954م، وظل ياسين حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر، ثم أُفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان. وقد تركت فترة الاعتقال في نفس ياسين آثارًا مهمة لخصها بقوله: "إنها عمقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت (فترة الاعتقال) أن شرعية أية سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية". بعد هزيمة 1967م واحتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية بما فيها غزة استمر الشيخ أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباسي الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل، وفي الوقت نفسه نشط في جمع التبرعات ومعاونة أسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل بعد ذلك رئيسًا للمجمع الإسلامي في غزة.
وقد أقلق نشاط ياسين مضاجع اليهود فاعتقلته قواتهم مرة ثانية عام 1982م، ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة، وأصدرت عليه حكمًا بالسجن 13 عامًا، لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985م في إطار عملية لتبادل الأسرى.

اتفق الشيخ أحمد ياسين عام 1987م مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة الاحتلال "الإسرائيلي" بغية تحرير فلسطين، أطلقوا عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية" المعروفة اختصارًا باسم "حماس". وكان الشيخ ياسين محركًا فاعلاً في الانتفاضة التي انطلقت آنذاك، والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد. مع تصاعد أعمال الانتفاضة بدأت السلطات "الإسرائيلية" التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين، فقامت في أغسطس 1988م بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان.

وعندما ازدادت عمليات قتل الجنود "الإسرائيليين" واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" في 18-5-1989م باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس. وفي 16-10-1991م أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكمًا بسجنه مدى الحياة، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل جنود "إسرائيليين" وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني. حاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام - الجناح العسكري لحماس - الإفراج عن الشيخ ياسين وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فقامت بخطف جندي "إسرائيلي" قرب القدس يوم 13-12-1992م، وعرضت على "إسرائيل" مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات "الإسرائيلية" رفضت العرض وقامت بشن هجوم على مكان احتجاز الجندي؛ وهو ما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة "الإسرائيلية" المهاجمة ومقتل قائد مجموعة المجاهدين.
وفي عملية تبادل أخرى خرج الشيخ ياسين من معتقله في أول أكتوبر عام 1997م جرت بين الأردن و"إسرائيل" في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لـ"إسرائيل" مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين.

تميز الشيخ بالمرونة والرفق ومن هنا كانت مواقف الشيخ مع عرفات وتحسين العلاقات مع السلطة، ومع ذلك فإنه رفض بشدة مشاركة حركته في الحكومة الفلسطينية التي تشكلت تحت غطاء أوسلو. وفي أعقاب إحدى عمليات التفجير القوية التي نفذتها حركة حماس في قطاع غزة في شهر أكتوبر 1998م، فرضت السلطة الفلسطينية الإقامة الجبرية على الشيخ أحمد ياسين، وهو القرار الذي عارضه الكثير من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني أنفسهم إلى جانب الشارع الفلسطيني العام، ولم يوقفه العزل الجبري عن جهاده وإنما تحول لدعم الجهاد من خلال علاقاته الواسعة ومحبة الأمة لشخصيته؛ حيث قام عام 1998م بجولة واسعة في العديد من الدول العربية والإسلامية، نجح خلالها في جمع مساعدات معنوية مادية كبيرة للحركة؛ حيث قُدِّرت المساعدات آنذاك بنحو 50 مليون دولار. وقد أثارت هذه الجولة "إسرائيل" آنذاك حيث قامت أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية" باتخاذ سلسلة قرارات تجاه ما وصفته: "بحملة التحريض ضد "إسرائيل" في الخارج" التي قام بها الشيخ أحمد ياسين. وقالت "إسرائيل" آنذاك أن الأموال التي جمعها الشيخ ياسين ستُخَصَّص للإنفاق على نشاطات وعمليات الجناح العسكري "كتائب القسام" وليس على نشاطات حركة حماس الاجتماعية في الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع التي تتضمن مؤسسات إغاثة خيرية وأخرى تعليمية.
وقد سارعت "إسرائيل" إلى رفع شكوى إلى الولايات المتحدة للضغط على الدول العربية بالامتناع عن تقديم المساعدة للحركة، وطالبت شخصيات "إسرائيلية" آنذاك بمنع الشيخ ياسين من العودة إلى قطاع غزة، ولكنه عاد بعد ذلك بترتيب مع السلطة الفلسطينية.

وقد أكد الشيخ ياسين مرارًا طوال هذه السنوات بأن الدولة الفلسطينية في فلسطين قائمة لا محالة، وأن تحرير فلسطين قادم؛ وذلك عبر برنامج الجهاد الذي تتبناه الحركة بشكل إستراتيجي. وتعرض الشيخ أحمد ياسين في 6-9-2003م لمحاولة اغتيال "إسرائيلية" حين قصفت مروحيات "إسرائيلية" شقة في غزة كان يوجد بها الشيخ وكان يرافقه إسماعيل هنية. ولم تكن إصاباته بجروح طفيفة في ذراعه اليمنى بالقاتلة.

وأخيرًا، أقدمت "إسرائيل" يوم الاثنين 22-3-2004م على اغتيال الشيخ ياسين؛ حيث قصفت طائرات "إسرائيلية" الشيخ وهو عائد من صلاة الفجر من المسجد القريب من منزله، فلاقى ربه مصليًا متوضئًا راضيًا مرضيًّا إن شاء الله؛ ليقدم للأمة النموذج الفذ للقائد والمعلم والمجاهد، فرحمه الله رحمة واسعة.

محمد أبو الهيثم
المصدر: موقع لواء الشريعة

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 9
  • 0
  • 9,847
  • هاني المصري

      منذ
    [[أعجبني:]] اللهم تقبل منه ويرحمة .. ويغفر لنا وله .. اللهم آمين
  • شاب مسلم

      منذ
    [[أعجبني:]] اللهم ارحمه وارحم موتي المسلمين نعم الرجل أحمد ياسين اللهم ارزقنا حسن الخاتمة فهذا دليل عمله الصالح
  • أبو خديجة

      منذ
    [[أعجبني:]] جمال السرد ودقته
  • يوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] لماذالم يدرج تعليقى عن الشيخ احمدياسين
  • يوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] لست ادرى كيف ان الطائرات الاسرائيليه تقصف شيخامسناوجيوش بأكملهالاتحسب لهاحساب ابدالماذا؟؟ نعم الشيخ رحمه الله كان اكثرمن جيش
  • تحسين

      منذ
    [[أعجبني:]] انه جميل جدا
  • وجيه

      منذ
    [[أعجبني:]] رحمك الله يا شيخنا
  • رائد موسى

      منذ
    [[أعجبني:]] ما اعجبني في المقال الموضوع الذي تناوله وشموليته دون اطناب وحثه المسلمين على التحرك والقيام بواجبهم تجاه دينهم ووطنهم وتركيزه على موضوع القدوة ومالها من دور في توجيه الأمة للمسار الصحيح.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً