خواطر معتمر
وهكذا الحياة تحتاج إلى دفعات من آن لآخر، ولربما تجد صعوبة في سعيك للحياة، ولكن عليك أن تستمر، وأن تعطي لنفسك دفعة، وسرعان ما تتجاوز الصعوبة، لترى ثمرة مجهودك.
لقد مَنَّ الله عليَّ بالعمرة، ودارت بعض الخواطر بعقلي؛ أثناء فترة العمرة وزيارة المدينة المنورة.
- الطواف:
عبادة جميلة لا مثيل لها في أي من مساجد الله سوى المسجد الحرام، شعرت أثناء الطواف بأنني منسجم مع العالم من حولي، فأنا مثل الأرض التي تدور حول الشمس خضوعًا لأوامر الله، مثل الإلكترونات في الذرة تدور حول النواة خضوعًا لله تعالى، فها أنا ذا أطوف حول المسجد الحرام خضوعًا لأوامر الله، واتباعًا لسنة نبيه، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
وتذكرت حديث الفاروق عمر رضي الله عنه عندما قال عن الحجر الأسود: "إني أعلم أنك حجر، لا تنقع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قَبَّلتك".
وأحسست من حديثه مثل ما سبق، وهو أن الطواف وتقبيل الحجر أو الإشارة إليه إنما نفعله طاعة لله، وخضوعًا له، واتباعًا لسنة نبيه، تناغمًا مع كل ما في الكون.
ثم أتممت الطواف وصليت ركعتين خلف مقام إبراهيم.
وعندما كنت أصلي خلف مقام إبراهيم عليه السلام أتذكر رفع إبراهيم القواعد من البيت، وأشعر بمدى حبه للطاعة، ومحاولة إتقانه لأوامر الله تعالى، وتذكرت حديث أحد العلماء؛ بأن سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يرفع القواعد إلى ما تطوله يده فقط، ولكنه اتخذ حجرًا ليقف عليه ليرفع القواعد قدر استطاعته.
ويظهر من هذا مدى حبه لطاعة الله تعالى، ومدى محاولة اتقانه للمهمة الموكلة إليه من الله تعالى، وليس فقط إكمالها، ولكن إكمالها بأكبر قدر من الإتقان والتفاني.
ثم بدأت في السعي؛ بدأت من الصفا، فدعوت الله تعالى، وأنا أنظر للكعبة من الصفا، ثم بدأت السعي، وخطر ببالي أن هذا السعي مثال رائع للسعي في الحياة، فإن الإنسان يسعى في حياته مثلما يسعى بين الصفا والمروة، فإن البداية نزولًا من الصفا تكون سهلة، حيث أنك تنزل من أعلى، تم تبدأ، وبعد قليل تبدأ منطقة الهرولة للرجال، والتي يهرول فيها الرجال، وكأنهم يعطون سعيهم دفعة قوية للأمام بمجهودهم، وهكذا الحياه تحتاج إلى هذه الدفعة من حين إلى آخر، ثم يكمل السعي بعد الهرولة؛ فيبدأ الصعود للمروة، ومع الصعود تزداد الصعوبة، ولكن بعد الصعوبة مباشرة، تكون مرحلة سهلة، وهي الهبوط من المروة، مثلما الحياة؛ ففيها يمر الانسان بفترات صعبة، ولكن عليه في كل الأحوال إكمال سعيه، وسيجد المرحلة السهلة بعد الصعاب.
ثم بعد الهبوط يستمر السعي، ثم تأتي مرحلة الهرولة ثانية، وخلال السعي يعطي الساعي هذه الدفعة بعد كل مرحلة سهلة، وقبل مرحلة صعبة.
وهكذا الحياة تحتاج إلى دفعات من آن لآخر، ولربما تجد صعوبة في سعيك للحياة، ولكن عليك أن تستمر، وأن تعطي لنفسك دفعة، وسرعان ما تتجاوز الصعوبة، لترى ثمرة مجهودك.
والله أعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
- التصنيف: