الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى

منذ 2008-08-12

زميل ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية، ونائبه في رئاسة جمعية العلماء، ورفيق نضاله لتحرير عقل المسلم من الخرافات والبدع.....


زميل ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية، ونائبه في رئاسة جمعية العلماء، ورفيق نضاله لتحرير عقل المسلم من الخرافات والبدع.

ولد عام 1889م في قرية (سيدي عبد الله) من نواحي (سطيف) التابعة لمدينة قسنطينة.
تلقى تعليمه الأوَّلي على يد والده وعمه؛ فحفظ القرآن ودرس بعض المتون في الفقه واللغة.
غادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز، وتابع تعليمه في المدينة، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار المدينة عام 1913، غادر الحجاز عام 1916 قاصداً دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع العلمي الذي كان من غاياته تعريب الإدارات الحكومية، وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها، ويتذكرهم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949:
(ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الخضراء في حياتي المجدبة، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر، ولا أكذب الله، فأنا قرير العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن...مَن لي فيه بصدر رحب، وصحب كأولئك الصحب؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت، وأفرغت فيها ما وسقت، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية ...).

فى عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة (سطيف)، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فكرة إقامة جمعية العلماء، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها، وانتدب من قِبل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وهو الأديب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقامت قيامة الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي؛ يلتمسون فيها إبعاد الشيخ الإبراهيمي، ولكن الشيخ استمر في نشاطه، وبرزت المدارس العربية في وهران.

وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة (الإصلاح)؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة.

وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا.
يقول عن زعماء الأحزاب السياسية: "ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم" [1].

ودافع في (البصائر) عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: "اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة، ولا دخيلة، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر، طويلة الأفنان في المستقبل" [2].

واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة.
عاش الإبراهيمي حتى استقلت الجزائر، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: " إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية".

تُوفي - رحمه الله - يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام 1965.
بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم؛ فجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
________________________
(1) د الخطيب: جمعية العلماء، ص155.
(2) المصدر السابق، ص156.
المصدر: مجلة البيان
  • 5
  • 1
  • 15,515
  • الكاتب / عبد الرحمن سرحان

      منذ
    أعذروني إخواني القراء إذا انطلق لساني ونقر على لوح المفاتيح بناني فأنا من المعجبين بالعلامة الراسخ الباذخ البشير الإبراهيمي الذي التهمتُ أثره الخالد التهاما وإلماما وقد أصّلت فيّ عيون البصائر التي بصّرتني بعد غفلة فإذا أنا من المبصرين بحقائق هذا الدين ووطنية الجزائريين الحقيقيين في جمعية العلماء المسلمين وساحات الوغى من المجاهدين. المقال تلو المقال المتين القوي المبين في شتى الميادين نتنشمّ تلك الرياحين . وإذا لم يكن بدّ من أن أوجّه المهتمين وخاصة من جمعيتنا المجندين أن يجتهدوا في البحث عن تراثه المرئي والمسموع وأن يطلبوه من الداخل ومن خارج الحدور فرنسا وجمهورية مصر العربية، وإنيّ أجزم أنه ترك شريطا طويلا مرئيا ومسموعا متواجدا الآن وراء الحدود. إن تاريخ الجزائر لمّا يكتب كله وسوف يُكتب ذات يوم بل ولم تُغربل مادته ليظهر الأصيل من الدخيل والكريم ببذل دمائه من البخيل والخطأ من الصواب والسؤال والجواب، ويوم يتجند رجال صدقوا ما عاهدوا الله ثم الشهداء من مُحبيه أمثال الكاتب الأستاذ محمد الهادي الحسني حفظه الله وغيره كثير لاحتضان تاريخ الجزائر الحديث سنعرف يومئذ حقائق ناطقة بكلمات صادقة عن حقيقة حركة الشيخ البشير السياسية والدينية الأصلية ونعرف يومئذ نهايته رحمه الله كما عرفنا بدايته. لم يكن أستاذنا الإمام البشيرالإبراهيمي يتكلف في خطاباته إذا انطلق لسانه جاءته الأفكار ساعية بالصناعة اللفظية داعية في غير تكلف ولا تصرف كما قلت سابقا ولا يلوي على شيئ . إنما غرضه من نسيجه معنى ومبنى لتبليغ معارفه ومخابره عن حقيقة الدخيل ولتحبيب اللفظ العربي الجميل كي يقبلوا على قراءتها بشغف واهتمام؛ ولقد خطب خطبته الأولى الشهيرة في جامع كتشاوة العاصمي الشهير في فجر الإستقلال فهزّ بها أركان المنابر وذكُرهم بالمقابر حتىّ أحسوا أنهم الأكابر 0
  • الكاتب / عبد الرحمن سرحان

      منذ
    السلام عليكم أيها القراء الكرام.نعم إن الكتابة والقراءة عن الإمامين الفاضلين الإبراهيمي وبن باديس وغيرهما من فريق جمعية العلماء الجزائريين لعمل يثلج الصدور ويجلب العزة والسرور، وإنه لعمل تهنأ به النفوس وتنشرح له الصدور وكيف لا.. وقد مضى تاريخهم الحافل،الكافل والباسل يطّلع عليه السافل من الذين كانوا مُعتدين أيام المحن والشجن والغبن والجبن، والحق نقول كما قالها مدوية يمضي الرجال ويبقى النهج والأثر. كم يُحزنني أيها القراء الكرام وكم يؤلمني وكم يؤسفني أن يبقى عمود إطار التعاليق فارغا لا يُقال لعملاق البلاغة والأدب العربي والإصلاح الديني أحسنت وما أسأت وجزاك الله خيرا. أين المثقفون حماة اللغة العربية والقرآن المجيد ؟ أين الوطنيّ سليل جبهة التحرير، بل أين وصية الشيخ عبد الرحمن شيبان رحمه الله؟. أن حافظوا على مبادئ جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، جمعية الإصلاح التاريخية.
  • الكاتب / عبد الرحمن سرحان

      منذ
    ماأكثر ما كتبت ونمقت وبالصناعة اللفظية اقتداء بالإمام البشير اقتديت ويا قارئا في غير هذا المكان علقت، وكيف لا ونحن في حضرة عالم الإصلاح والأدب والبلاغة وإن الإبراهيمي لغني عن التعريف ولا نحب لما جاد به على الجزائريين لا.. العرب أجمعين غير التأليف والترفيف بل التصريف والاقتداء بالأسلوب النظيف وأكرموا به وأنعموا يا أهل سطيف .
  • الكاتب / عبد الرحمن سرحان

      منذ
    ليس من الحكمة وليس من العدل أن يقرأ المثقفون مقالات الشيخ العلامة الفهامة الإبراهيمي البشير أو يطالعون ما يُُكتب عنه من محبيه المعجبين بأدبه وإصلاحه ولا يُعلقون. وإنه لظلم عظيم أن تمروا على أدبه وإصلاحه مرورا بدون إبداء أيّ رأي ، فإني والله لا أستطيع أن أكملك نفسي على الكتابة كلّما قرأت له فصولا تطول أو تقصر من تلك الجواهر اللماعة التي طردت فرنسا في الوقت والساعة و التي كانت - والحق نقول - ترعب فرنسا
  • nada

      منذ
    in sha allah le paradi

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً