إحياء - (95) سُنَّة دعاء التهجد

منذ 2015-01-17

يعجز العقل أن يتخيل عظمة لحظات عمق الليل، فيها يتنزل رب السموات والأرض إلى السماء الدنيا يخاطبنا، فكان رسول الله يستفتح صلاته بدعاء خاشع..

يعجز العقل أن يتخيَّل عظمة هذه اللحظات الخالدة في عمق الليل، التي يتنزَّل فيها ربُّ السموات والأرض إلى السماء الدنيا يُخاطب عباده! فقد روى البخاري ومسلم -واللفظ لمسلم- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟».

وفي هذه الأجواء الطاهرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب قدميه قائمًا لله عز وجل يُصَلِّي صلاة التهجد، وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أنه يستفتح هذه الصلاة بدعاء خاشع يُناجي به ربَّه مناجاة العبد المحتاج، والذي يبحث عن الإجابة والعطاء والمغفرة.. 

فقد روى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أنه يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ».

فلنحرص على صلاة التهجد في هذا الوقت الشريف، ولنبدأ تهجُّدنا بهذه المناجاة الخاشعة.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 9
  • 0
  • 37,295
المقال السابق
(94) سُنَّة الاستغفار في السجود
المقال التالي
(96) سُنَّة الذبح بعد صلاة العيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً