إحياء - (96) سُنَّة الذبح بعد صلاة العيد

منذ 2015-01-18

الأضحية الصحيحة والمقبولة من الله هي التي ذُبِحَت في التوقيت الذي أراده الله وحددَّه رسول الله، فالدين قائم على اتباع أوامر الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم..

يختبرنا الله عز وجل بأنواع العبادات المختلفة، وهي عبادات تعتمد على اليقين في أنها من عند الله، وبالتالي لا بُدَّ أن تُفْعَل بالطريقة التي أرادها الله عز وجل، وعَلَّمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:31].

وقد كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يذبح أضحية عيد الأضحى بعد الصلاة وليس قبلها؛ فقد روى البخاري عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ».

فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَقَدْ ذَبَحَ، فَقَالَ: "إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً. فَقَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»"، قَالَ مُطَرِّفٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ».

فتَبَيَّن لنا من هذا الحديث أن الذبح الذي يُعَدُّ من النسك والعبادة هو الذبح الذي بعد الصلاة، أما الذي تمَّ قبل الصلاة فهو مجرَّد لحم صالح للأهل ليس فيه أجر الأضحية؛ مع أن الفارق بين توقيت الذبح قد لا يتجاوز ساعة واحدة، ومع أن المذبوح قد يكون واحدًا؛ بل قد يكون المذبوح قبل الصلاة أكبر وأسنَّ من المذبوح بعدها، كما في حالة الحديث الذي بين أيدينا..

ومع ذلك فالأضحية الصحيحة والمقبولة من الله هي التي ذُبِحَت في التوقيت الذي حددَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل هذا لنعلم أن الدين قائم على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس على ما قد نراه أحيانًا منطقيًّا من وجهة نظرنا.

وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه لا يبدأ أكله يوم عيد الأضحى إلا بعد عودته من الصلاة والذبح، وحينها يأكل من ذبيحته، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ».

وفي رواية أحمد بإسناد حسن قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلاَ يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ». فلنحرص على هذا الهدْي النبوي.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 116
  • 1
  • 3,878
المقال السابق
(95) سُنَّة دعاء التهجد
المقال التالي
(97) سُنَّة الدعاء يوم عرفة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً