أسباب الانزعاج الحوثي من الوجود السلفي في دمّاج
يرى أغلب المحللون، أن الحوثيين يسعون من خلال هجومهم العنيف، على سلفيي دماج، إلى القضاء على أكبر قدر من الجماعة السلفية، وتدمير البنية التحتية للمنطقة التي تعد مقرا للسلفيين، بكونها الجماعة الأقوى والوحيدة، التي لا تزال مؤثرة ومتنامية في محافظة صعدة، والتي تعد معقلا وعاصمة للحوثيين.
بعد أن استطاع الحوثيون السيطرة بشكل شبه كامل، على محافظة صعدة، عقب اندلاع الاحتجاجات في اليمن، ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبعد ارتخاء القبضة الأمنية للنظام على المنطقة، مطلع العام 2011، حاولوا أكثر من مرة التخلص من الوجود السلفي في المحافظة، ليفرضوا حسب تصورهم سياسة أمر واقع، مع اتجاه "الحوار الوطني" في اليمن نحو نتائجه الختامية، التي ربما يرون أن كثيراً منها لا تصب في مصلحتهم، بعد أن تم التوافق ضمن "فريق عمل صعدة"، المنبثق عن مؤتمر الحوار على عودتها إلى سلطة الدولة، وقيام الحكومة بواجباتها في المحافظة، وعودة مئات آلاف النازحين الذين هجرهم الحوثيون، إلى مناطقهم في صعدة، ونزع الأسلحة الثقيلة، الأمر الذي يعني بالنسبة للحوثيين، خضوع ما يرونه "الإرث التاريخي لدولة الأئمة الزيديين" من جديد، لسلطة الدولة والجمهورية، وضياع مكتسباتهم السياسية والعسكرية، التي حققوها خلال ست جولات من الحرب، التي بدأت عام 2004 مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
الخوف من التأثير السلفي
يرى أغلب المحللون، أن الحوثيين يسعون من خلال هجومهم العنيف، على سلفيي دماج، إلى القضاء على أكبر قدر من الجماعة السلفية، وتدمير البنية التحتية للمنطقة التي تعد مقرا للسلفيين، بكونها الجماعة الأقوى والوحيدة، التي لا تزال مؤثرة ومتنامية في محافظة صعدة، والتي تعد معقلا وعاصمة للحوثيين.
وبالتالي من الواضح أن يسود القلق والخوف، من أن تؤثر السلفية مستقبلا، على مستقبل الفكر الشيعي الحوثي، وذلك قبل أن تفرض نتائج مؤتمر الحوار على الحوثيين تسليم أسلحتهم الثقيلة للدولة، وهو التوجه الذي بات أمراً واقعاً، من خلال توافق كافة المكونات على ذلك.
لذا استبعد المراقبون للشأن اليمني، قبول الجماعة الحوثية المسلحة، التخلي عن أسلحتها الثقيلة، التي من المؤكد أن قوتها الطبيعية لا تتجسد إلا من خلالها، لا سيما وأنها وصلت إلى هذه المرحلة، من القوة والحضور والتسلح الثقيل، بعد حوالي عقد من التجميع والتدريب والحروب المتواصلة.
وتبرر جماعة الحوثيين حربها تلك، بوجود أجانب مسلحين في معهد دماج، وأنها تعمل على قتلهم، كونهم يمثلون خطرا على الدولة، غير أن السلفيين من جهتهم، يعتبرونها حجة واهية للحرب، كون الأجانب الذين لديهم، طلاب علم، دخلوا البلاد بعلم الدولة، وفق تصاريح رسمية منحت لهم، وأنهم اضطروا إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.
حزب الله من جديد
ولفت الكاتب السياسي اليمني محمد جميح، والمتخصص بالشؤون اليمنية، إلى أنه لوحظ خلال المواجهات بين السلفيين والحوثيين في دماج، أن الحوثيين كانوا يحرصون على إيصال رسالة إعلامية تتضمن شراسة الهجوم الحوثي على المنطقة، على غير عاداتهم في مواجهاتهم مع النظام السابق، حيث كانت رسائلهم الإعلامية تشير إلى أنهم جماعة معتدى عليها، وتقف في موقف الدفاع عن النفس، أمام كثافة نيران قوات الجيش اليمني، أما في حالة ضرب دماج خلال الأيام الماضية، فلم يأبه الحوثيون كثيراً للرسالة الإعلامية التقليدية، بل على العكس، حرصوا على توجيه رسائل إعلامية نارية، توازي حجم كثافة النيران على دماج.
وأرجع الكاتب السياسي هذا التغير في إستراتيجتهم الإعلامية، إلى حرصهم على الظهور بمظهر القوي المسيطر في معارك دماج، لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها محاولة إيصال رسالة إلى قبائل محافظة صعدة، التي تشير تقارير إلى تململها من سيطرة الحوثيين على محافظتهم، حيث يخشى الحوثيون من تأثر القبائل المجاورة، بصمود قبائل دماج، ومن ثم القيام بعمل مسلح للتمرد على الحوثيين، الذين فرضوا أنفسهم بقوة السلاح على قبائل المحافظة.
وأكد الكاتب اليمني، على أن الحوثيين في ما يبدو، يسعون كذلك إلى إنشاء "مربعهم الأمني" الخاص في صعدة، أسوة بحزب الله اللبناني، الذي نجحت سياسته في اعتماد "المربعات الأمنية"، في الحفاظ على كوادره ومؤسساته إلى حد ما، في مأمن من الاستهداف الأمني، ويرى الحوثيون في الوجود السلفي في المحافظة، عائقاً يحول دون تحقيق هذا الهدف، بعد أن تم في سبيل تحقيقه، طرد مئات الآلاف من المحافظة، ممن لا يتفقون وسياسة الحوثي وتوجهاته.
هشام أبو المجد
- التصنيف:
- المصدر: