لماذا التعدد؟!

منذ 2015-01-29

ولكن الرجل بطبيعته كائن باحث عن السعادة وهدأة البال، قد يعتبرها البعض أنانية، ولكنه مُكيَّف على استقبال أنماط السعادة من مصادر متعددة

نعم، هو ما ظننتم.. فلماذا التعدد!

دعونا نتفق أولاً على أننا سوف نتحدث عنه بمقتضى الدافع، والقدرة، بمعنى: أننا سنعتبر الرجل ها هنا طرفًا مكمِّلاً لشروطه، مراعيًا حافظًا قيِّمًا مسؤولا، فبات أهلاً له، وهو له مسوّغًا..

وما ذلك إلا منعًا للتشتت، وتوجيهًا للنص، لنجد أننا مضطرون لتوجيه الحديث للمرأة: الزوجة الصالحة العفيفة الكريمة، والتي هي محل التطبيق: مبدأه ومنتهاه..!

 

أخاطبك كزوجةٍ أولى أيتها الكريمة فأقول:

تعلمين أحوال الأمة، ومعاناتها في كثير بلدان، ربما كان منها بلدك، فأضحى الرجال محرقة الطواغيت والمحتلين، لتمسي مثيلتك وأختك أرملةً مثقلة الكاهل بيتامى صغار، أو عانسًا لا تجد من يعفها ويسعدها ويفرج كرب وحدتها، أو حتى مطلقة نتيجة ضغوط عصبية مهولة نعانيها ككل، صنعت منا عوامل طرد مركزية، حتى لزوجاتنا، وأقرب الأقربين منا!

هن لا يقتتن الرجال، ولا يطلبنهم، عفيفات كريمات، ولكنهن موجودات، لربما اقتضت حكمة ربك ألا تكوني منهن الآن، ولكن.. من يعلم!

 

الغريب يا عزيزتي أنك لو كنت مكانهن لوقفت معي موقف المدافعة المنافحة عمّا أحلَّ ربُّنا، ولربما وجدت العنت -بحملك الثقيل- من متزوجات يعددن أنفسهن الرازقات الخافضات الرافعات بما منّ الله عليهن من نعمة الأزواج..!

ستجدينهن يتنابزن ويتغامزن، وربما يتحاشينك، كمن تدافع عن عرينها الخاص، والذي لو تتبّعته، لوجدتها أول المفرّطين فيه، اللاهيات عن حقوقه..!

هي طبيعة المرأة في الاستعراض، والاغترار بما ملكت يمينها، حتى لو كان إنسيًا.. من لحمٍ ودم..!

فما أن توضع مكان الغريمة، حتى تعي وتفقه، وما أن تفتح فمها لتنادي بحقها -وهي التي دفعت ثمن مُصاب الأمة-، تجد المعارضات من بنات جنسها، المناديات بوأدها حيةً وسط الأموات..!

 

أنت لن تسخين بزوجك، تشاركينه معها، لأنانية فيك، تدمغك فتدفعك للاعتقاد بأنك المفردة، وأنك المخلَصة، وربك قال رباع، والحدود معلومة، والشرع قال كلمته، ولكنك أمةً تستكبرين، فتتعنتين، وتتجبرين ..تحسبين الرب غافلا، وهو الذي يؤتي الفضل من يشاء من عباده، فكان زواجك فتنة، وحرمانها ابتلاء..!

 

وإن لم يكن هذا حالك، فدعينا نناقش الأمر من بواكيره.

تعلمين أننا في مجتمعاتنا العربية نعاني قصورًا مريعًا في تفهُّم مقومات اللبنة الأولى في المجتمع المسلم: الأسرة، ابتداء من اختيار الشريك، إلى إنماء مفهوم السعادة والمودة، حتى نصل إلى أبجدية حل الخلافات والنزاعات..!

كلُّنا يعي أنّما الأسرة المسلمة هي الغرس الأول في طريق بناء المجتمع المسلم، وأنّ من أهداف بنائها هو إشاعة الأمن والمودة والاستقرار في المنتمين لها، ليأتي النتاج كذلك، يرتع في كنف الأسرة الحقّة، غرسًا طيبًا في مجتمعٍ سعيد..!

ولمّا كانت سعادة الأسرة من سعادة ركنيها، وجدنا أنّ البدء ولا بد كائن من مرحلة اختيار الشريك.

وكما نعلم: ففي مجتمعاتنا العربية، اختيار الشريك عادة ما يخضع لعوامل تكون سببًا في خلله، أو بعض خلل، يتراكم مع السنين ليغدو كما الفجوة، تبتلع الاثنين الذين يتحولان إلى أبكمين، يمارسان حياةً بلا روح لحفظ استمرارية الأسرة، أو أن يجور أحدهما على الآخر، فيضحّي ويتحمّل لنفس السبب، والتي غالبًا ما تكون المرأة، لعوامل: منها طبيعتها، التي تحدد بناءً عليها أولوياتها، لتتحول الأسرة لمجرد صندوق حاضن، ومظهر اجتماعي.. ليس إلا..!

 

فلنناقش عوامل اختيار الشريك أولا: والتي غالبًا تقع على عاهن الوالدة الأم، أو من يقوم مقامها، وحسب رؤيتها.. فيما يعرف بزواج الصالونات، أو أن يتم الاتفاق ما بين الاثنين المقبلين على الزواج، بناءً على أسس صنعها حالهم وزمانهم وتفكيرهم المجرد وقت الاختيار..

نحن الآن أمام زوجين، يعانيان برودًا أو فتورًا، حوّلهما لمجرد ممثلي أداء في مؤسسة الزواج، الرجل قناعاته تبدلت، واهتماماته تبدّلت، هو الآن في مرحلة التلميح لها لتعي ذلك، لتتفهّمه وتتبدّل أو تتقرّب، وتساعده على القرب، ولمّا استغلق عليها الفهم; ينتقل إلى مرحلة المصارحة، هي للأسف ما زالت مصرة على عدم تغيير جلدها الأول، مكتفية بأدائها الوظيفي المعهود، مع العلم أنّ المرأة غالباً ما تستسلم لوضعها وترتضيه، فتكون الجانب المضحي، الذي يرضى ويعفو ويسامح، والدافع: الأبناء، والمحافظة على مسمى الزوجة، في مجتمع كاره لما عداه من مسميات ترزح تحت ثقلها المرأة..!

 

ولكن الرجل بطبيعته كائن باحث عن السعادة وهدأة البال، قد يعتبرها البعض أنانية، ولكنه مُكيَّف على استقبال أنماط السعادة من مصادر متعددة، مؤهل هو للموازنة، والمقاسمة، فيعيش كلّاً كاملا، ويعيش الحب الزوجي بألوانه، فيخفي في قلبه ويؤثر، وتتحرك أركانه وقسمات وجهه ولسانه بما لا يشي بالتي آثرها، حتى لتحسب إحداهن أنها هي..!

 

هذا ما أحلَّ ربي، وأعان عليه الصدور وما حوت، ولتجدنّ المرأة المتفهمة، الواعية الأريبة، تقوم بالموازنة والمقايسة، بما يسمح لرجلها بالتصرف في حدود الحلال، والذي يكفل لها هدأةً واستقرارًا وأمنًا.. تكون فيه هي الملكة الأولى، فتكسب جميع الأطراف، بإشاعتها السلام، الذي مبتداه هي، ورضاها واستسلامها لما أحلّ الله..!

لما عبد الكريم

المصدر: صفحة الكاتبة على الفيس بوك
  • 1
  • 0
  • 5,721

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً