هل يصح تطبيق الشريعة بالإكراه؟ أم لابد من الاختيار؟

منذ 2015-01-29

الواجب أن نعرف ما هو الاختيار والإكراه في المفهوم الإسلامي؟ هل هذا يعد إكراهاً؟ من أسلم فقد رضي بأن يحكم بالإسلام، فلا يوجد في الشريعة بالنسبة للمسلم شيء اسمه الرضا بحكم الإسلام، حكم الإسلام تابع ولازم لإعلان المسلم شهادة أن لا إله إلا الله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).

سؤال شائع، تتلاحق الإجابات عليه: نعم/ لا.

لكن القليل من توقف قليلاً فأخذ يفكك هذه العبارة، ما معنى الإكراه، والاختيار هنا؟

معناها هو التحاكم إليها والإلزام بها من غير تصويت يسبقه حملات إعلامية لمن يقبل أو يرفض ثم بعد ذلك ينظر في رأي الأغلبية، فإذا ظهر عدد معين عرفنا وجود الاختيار، وبدون هذا يكون إكراهاً. فالإكراه هنا والاختيار مبني على رؤية وفلسفة مسبقة. فقبل الجواب، أو الحديث عنها، أو البحث عن دلائل وترتيب أحكام عليها.

الواجب أن نعرف ما هو الاختيار والإكراه في المفهوم الإسلامي؟ هل هذا يعد إكراهاً؟ من أسلم فقد رضي بأن يحكم بالإسلام، فلا يوجد في الشريعة بالنسبة للمسلم شيء اسمه الرضا بحكم الإسلام، حكم الإسلام تابع ولازم لإعلان المسلم شهادة أن لا إله إلا الله: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم".

{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَـٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ . وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ} [النور:47-48].

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} [النساء من الآية:60].

فحكم الإسلام تابع للإيمان به، ليس هناك درجة أخرى تتعلق باختيار حكم الإسلام، فكما أن من أسلم فقد رضي أن يصلي ويصوم ويحج فقد رضي أيضاً أن يكون احتكامه إلى الإسلام، فلا يحتاج إلى إيمان جديد أو اختيار جديد، الظن بوجود مشروعية جديدة هنا غير مفهوم في السياق الإسلامي. وعليه، فخضوع المسلم لأحكام الإسلام خضوع اختياري لازم لإيمانه، لا معنى لأن يخير في ذلك، ولا يقال هو إكراه، فتسمية هذا: (إكراهاً) هو مبني على أن الشخص يفكر عبر منطق مختلف.

لهذا كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم وحكم خلفائه الراشدين وحكم من بعدهم خلال قرون طويلة قائماً على صورة مختلفة لو طبقنا عليها معيار: (الإكراه والاختيار) هذا لأصبحت إكراهاً بلا اختيار! وأما مراعاة رضا واختيار كل أحد مع كل حكم فهذه مما لا يقول بها أحد، إلا عند الاتجاه العلماني الذي ينفي أصل الإلزام.

لهذا فسؤال حكم تطبيق الإسلام من خلال الإكراه، سؤال فيه مغالطة، فهو يستحضر في (الإكراه) و(الاختيار) مفاهيم خارجة عن الإسلام ويريد محاكمة الإسلام إليها.

والله أعلم.

فهد بن صالح العجلان

دكتور مشارك في قسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض

  • 1
  • 0
  • 1,616

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً