تقويمٌ وترشيد؛ للصامدين المُرابِطين.

منذ 2015-02-02

واعْلَم أن النصرَ من عند الله، وما عند الله لا يُنال إلَّا بطاعتِه، وكلُّ سبيلٍ للنَّصر؛ غير سبيل المؤمنين المُجاهِدين؛ فلَن تكون بها نصرٌ ولا تَمكين؛ لأنها ليست السبيل التي يرضاه الله لنا، بل هذه ما رضيناها لأنفسنا.

لو كان تَضرُّعُك وتَعبُّدُك، وتَنسُّكُك وتَزهُّدُك، وصلاتُك وصيامُك، وذِكرُك وقيامُك، وعِلمُك وقَلمُك، ولسانُك وبيانُك؛ لو كان هذا كافيًا في نُصرتك على عَدوِّك؛ دون سلاحِك وسهمِك وسيفِك؛ لنصر اللهُ قبلك مَن هو خيرٌ منك؛ محمدًا صلى الله عليه وسلم، وصحبَه، ولَكَفَاهُ اللهُ مؤنةَ الجهاد والحرب والعِراك.

ولكنه عليه السلام؛ حمَل سيفَه، ونصبَ قوسَه، وشدَّ سهمَه، وشُجَّ وجهُه، وجُحشَت ركبتُه، وكُسِرت ربَاعِيَتُه -إحدى أسنانه-.

واعْلَم أن النصرَ من عند الله، وما عند الله لا يُنال إلَّا بطاعتِه، وكلُّ سبيلٍ للنَّصر؛ غير سبيل المؤمنين المُجاهِدين؛ فلَن تكون بها نصرٌ ولا تَمكين؛ لأنها ليست السبيل التي يرضاه الله لنا، بل هذه ما رضيناها لأنفسنا.

{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال:7]. 

وليس الشأنُ ما يُرضيك، إنما الشأن ما يُرضيه، والذي يُرضيه تعالى: المُدافعَة، والمُماحقة، والمُصاولة، والمُقاتلة، والمُجاهَدة؛ للظالمين والكافرين، دفعًا وطلبًا.

{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم.. يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:111].
وهذا هو الصراطُ المُستقيم، والسبيلُ القويم، الذي يَرضاه ربُّ العالمين، وغير هذه السبيل؛ سبيل المغضوب عليهم والضالين.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وهاتان السبيلان الفاسدتان: سبيل من انتسَب إلى الدِّين، ولم يُكمله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد والمال، وسبيل مَن أقبل على السلطان والمال والحرب، ولم يقصد بذلك إقامة الدين؛ هما سبيل المغضوب عليهم والضالين" (مجموع الفتاوى).

وقال أيضًا رحمه الله:
"فإن قوام الدين؛ بالكتاب الهادي، والحديد الناصر، كما ذكَره الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ...وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد:25]، فعَلى كلِّ أحدٍ؛ الاجتهادُ في اتفاق القرآن والحديد، لله تعالى، ولطلب ما عنده؛ مستعينًا بالله في ذلك".

وكذا قال ابن كثير رحمه الله، في تفسيره: "فلما قامَت الحُجَّة على مَن خالف؛ شرعَ الله الهجرةَ، وأمرَهم بالقتال بالسيوف، وضرْب الرقاب والهامّ، لمن خالف القرآن، وكذَّب به، وعانده".
قال جابر: "أُمِرنا مَن خالف كتابَ الله؛ أن نَضربَه بالسَّيف".

وكذا قال السعدي رحمه الله في تفسيره: "وقرَن تعالى في هذا الموضع بين الكتاب والحديد؛ لأن بهذين الأمرين؛ يَنصر الله دينَه، ويُعلِي كلمتَه، بالكتاب الذي فيه الحُجة والبرهان، والسيف الناصر بإذن الله".

- تنبيـه:
لستُ أنهَى نفسي ولا إياكم؛ عن كلِّ سبيلٍ يُستطاع، ويَراه المُصلحون، وليس شرطًا أن تفهم من كلامي؛ الفَوضى والهَمجيَّة، ولا أن يَخرج كلٌّ بما يَملك؛ ليَقتل ويُفسد بالظنَّة والهَوى، ولكن يدُ الله فوق الجماعة، ويجب علينا أن نُحيي هذا الحقَّ، ونُرسِّخ تلك القناعات؛ في أنفسنا وأجيالِنا؛ إرغامًا لأعدائنا، ويجب علينا أن نتهيَّأ لذلك؛ نفسيًا ومعنويًا وواقعيًّا، ونُحاول إيجاد حاضنةٍ تتبنَّى ذلك، وتنهض به، أما من قدَر وحمَل وجاهد، في أي بقعة من بلاد المسلمين؛ دعَونا له، وأيَّدناه، ودعَمناه بما نستطيع.

نَصرَنا اللهُ على المُجرمين والظالمين، وسلامُ اللهِ على المُرابطين الصامدين، في مصر، والشام، وليبيا، وفلسطين، وكلّ بلاد المسلمين.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

  • 9
  • 0
  • 3,401

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً