أخي صاحب الدش

منذ 2003-08-22
أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد:

اسمع كلامي يا حبيبي واضحا من غير غش
فيما يسميه الأنام بعصرنا: طبقا و"دش"

هو: بوق تنصير لقسيس لئيم منتفش
هو: ضحكة سكرى ترن، وصوت عهر يرتعش

أخي.. إليك هذه الكلمات التي خرجت من قلبي فلعلها تصل إلى قلبك، وامتزجت بروحي فلعلها تمتزج بروحك..كتبتها بمداد المحبة والصفاء، والنصح والوفاء، فلعلها لا تجد عن نفسك الصافية مصرفا

أخي.. إني لا أعرفك، وأنت لا شك لا تعرفني، لكن الذي جعلني أكتب إليك هو ذلك الشيء الذي وضعته فوق منزلك..يناطح السحاب، ويعانق السماء، ويفتح قلبه لكل وافد، ويصافح بيديه كل قادم..قد مد قامته بكل فخر وسرور، وقد رفع رأسه بكل تكبر وغرور

ثم جلست داخل منزلك كهيئة وقوفه هو خارجه..!!

فاتكأت على كل ما لطف من الفرش ورق، واسترخيت على السندس والإستبرق، وأمرت بالمرطبات، وأصناف المأكولات، وأغلقت النوافذ والأبواب، وتعطرت بالعطور وأنواع الأطياب ..ثم..تناولت مفتاح الجهاز بيدك، فقلبته كيفما شئت، ونفسك الأمارة تقول لك..

من مثلك؟ نقل فؤادك حيث شئت من الهوى..ها هو العالم بين يديك فتجول فيه أنى أردت.

فأخذت تنتقل ووجهك تعلوه الابتسامة، ونظراتك تطارد المشاهد المكشوفة، ولعابك يسيل على المناظر الفاضحة، فمن فيلم إلى مسرحية، ومن رقصة إلى أغنية، ومن ذنب إلى معصية، ومن صغيرة إلى كبيرة

فتشاهد في هذه الشاشة البيضاء، ما ينكت في قلبك النكتة السوداء، فتتوالى هذه النقط السوداء على قلبك الأبيض، حتى يغلب السواد على البياض، فيموت قلبك، ويبقى جسمك، فتكره كل خير، وتحب كل شر، وتبتعد عن كل معروف، وتقترب من كل منكر، وتبدو على وجهك آثار كآبة وضيق، وهم عميق

ورغم كل الملهيات، وما تملكه من مسليات، سوف تصبح معيشتك ضنكا، ولياليك سودا، وسوف تعاني من الاكتئاب، والطفش والحيرة، والتخبط والفراغ..لأن سيدك ومولاك يقول : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه: 124]


أخي..
أعرف أنك الآن تغطي عينيك لكي لا ترى شيئا غير جهازك وتغلق أذنيك حتى لا تسمع أحدا سوى تلفازك

أعرف أنك تجري وتجري..وأنت لا تفكر إلا بفيلم اليوم وسهرة الليلة

أعرف أنك
تجري وتجري..وأنت لا تفكر إلا في الشرق ومغرياته، والغرب وملهياته

أعرف أنك تجري وتجري..وتلهث وتهلث

أعرف أنك تجري وراء الشهوات، وتلهث وراء اللذائذ والموبقات

ولكنك يا أخي..لا تعرف أن في آخر هذا الطريق حفرة عميقة، ذات هوة سحيقة!!

أخي.. اسمح لي بأن أقف أمام وجهك في منتصف الطريق وأقول لك: قف!!

قف.. وعد إلى ربك..واتق النار..اتق السعير

إن أمامك أهوالا وصعابا، إن أمامك نعيما وعذابا، إن أمامك ثعابين وحيات..وأمورا هائلات

والله الذي لا إله إلا هو..لن تنفعك الأفلام والسهرات، والرقص والأغنيات


أخي الحبيب قف.. مع نفسك لحظة..واسألها: إلى متى أجري خلف الشهوات..وألهث وراء المنكرات..كم سأعيش في هذه الدنيا؟ ستين سنة..ثمانين سنة..مائة سنة..ألف سنة..ثم ماذا؟..ثم موت..ثم الحساب فإما النعيم، أو في نار الجحيم وماء الحميم


أخي.. تخيل نفسك وقد نزل بك الموت، ودخلت القبر ورأيت ظلمته، ووحدته، وضيقه ووحشته

تذكر.. الملكين وهما يقعدانك ويسألانك..تذكر..كيف يكون جسمك بعد الموت.. تقطعت أوصالك، وتفتت عظامك، وبلي جسدك، وأصبحت قوتا للديدان

تذكر.. يوم تسمع الصيحة..إنها صيحة العرض على الله..فيطير فؤادك، ويشيب رأسك.. فتخرج من قبرك مغبرا حافيا عاريا

قد رجت الأرض، وبست الجبال، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال

وطارت الصحائف..وقلق الخائف.. وزفرت النار.. وأحاطت الأوزار..

ونصب الصراط..وألمت السياط.. وحضر الحساب.. وقوي العذاب..

وشهد الكتاب.. وتقطعت الأسباب..


تذكر.. مذلتك في ذلك اليوم العظيم، وانفرادك بخوفك وأحزانك، وهمومك وغمومك وذنوبك..فتتبرأ حينها من بنيك، وأمك وأبيك، وزوجك وأخيك

تذكر.. يوم توضع الموازين، وتتطاير الصحف

كم في كتابك من زلل..وكم في عملك من خلل

تذكر.. يوم ينادى باسمك بين الخلائق..يا فلان بن فلان: هيا إلى العرض على الله، فتقوم أنت، ولا يقوم غيرك، لأنك أنت المطلوب

تذكر.. حينئذ ضعفك..وشدة خوفك..وانهيار أعصابك، وخفقان قلبك..وقفت بين يدي الملك الحق المبين، الذي كنت تهرب منه، ويدعوك فتصد عنه..

وقفت وبيدك صحيفة، لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، فتقرؤها بلسان كليل..وقلب كسير، قد عمك الحياء والخوف من الله

فبأي لسان تجيبه حين يسألك عن.. مالك الذي أضعته..وعمرك الذي أسرفت فيه..وعينك التي خنت بها..وسمعك الذي عصيت به..بأي قدم تقف غدا بين يديه، وبأي عين تنظر إليه وبأي قلب تجيب عليه..!!


ماذا تقول له غدا.. عندما يقول لك: يا عبدي..لماذا لم تجلني، لماذا لم تستح مني، لماذا لم تراقبني..

يا عبدي.. هل استخففت بنظري إليك

يا عبدي.. ألم أحسن إليك..ألم أنعم عليك!!


أخي الحبيب.. تذكر.. هذه المواقف العصيبة، والأوقات الرهيبة يوم ينسى الإنسان كل عزيز وحبيب، ولا ينجو إلا من كان له قلب سليم

أخي.. قف مع نفسك هذه الوقفة المصيرية، واعلم أنك ما وجدت في هذه الدنيا إلا للعبادة { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات:56]

ولم تخلق للهو واللعب والعبث

{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } [المؤمنون:115]

أخي.. إني أخاطب فيك دينك..الذي يحرم هذه المنكرات

وأخلاقك التي تترفع عن هذه الشهوات

وعقلك الذي يأبى هذه الترهات

وقلبك الذي يخاف من هذه الموبقات

وغيرتك على نسائك العفيفات المحصنات

فانتصر على نفسك.. وتغلب على هواك..وأخرج هذا "الدش" من بيتك، وسيعوضك الله خيرا منه في الدنيا والآخرة

أخي.. والله ما كتبت هذه الأحرف، ولا نطقت بهذه الكلمات، إلا لخوفي على وجهك الأبيض..أن يصبح مسودا يوم القيامة وعلى وجهك المنير..أن يصبح مظلما

وعلى جسدك الطري..أن يلتهب بنار جهنم، فعسى قلبك الطاهر أن يلتقطها..ولعل نفسك الصافية تستقبلها..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوك المحب



دار القاسم: المملكة العربية السعودية
ص ب 6373-الرياض 11442
هاتف/ 4092000 فاكس/4033150
البريد الإلكتروني [email protected]
الموقع على الإنترنت: www.dar-alqassem.com
  • 5
  • 0
  • 27,215
  • أحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] أن توجد صيحة لأخ غيور علي دينه خائف علي إخوانه ينطق قلمه بمافي قلبه.
  • أبوا عبد العزيز

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم مقالك طيب طيب الله وجهك وحماك من شر النار واذخلك فى جنات عدن عند مليك مقتدر والله تم والله تم والله لقد كانت لى قصتا عجبنا مع الدش فكنت شابنا من الشباب الذين يميلون ميلا طيبا للاتجاة الاسلامى وبقى حالى على هذا الامر الوقت الطويل تم مرة بى مرحلة فتور فى الإيمان بسبب البعد عن الصالحيين وعن سماع الاشريطة الإسلامية وفي هذه الأتناء اذا ياتينا هذا الطاعون الدمر لم لم يستطيع استعمالة بما يرضى الله الدش وفى أحد الليالى واذا بى وقد صلاية العشاء وارتحت على الفرش وإذا بالشيطان الرجيم يبدء فى كيدة الخسيس ولا ادرى ما أنا فاعل وإذا بى على قناة اباحية ساقطة حقيرة واذا بى بعض دقائق واتناء سقوطى مع سقوطها وزلتى العظيمة اذا بقلبى ينقبض وينقبض واذا انا فى العناية ولاادرى انا راجع الى اهلى اما الى القبر وعندها تذكرت الله وفعلتى القبيحه ودعوتة ودعوته ودعوته ان يسامحنى على فعلتى وينجينى وبدءة ارقى نفسى بيدى كما علمنا الرسول صلى الله علبة وسلم وماهى الايوم واحد وانقذنى الله من الموت فالحمدالله الكريم المنان الذى سمح لى بفرصة اخرى على انقذ نفسى من النار والموت السوء فااحذرواخوتى الشباب احذروا فوالله ان ماقلت الاصدقا ويجهد الله على ماقلت والله انى احبك فى الله فلا تقعوا فريسة لهذا القنوات التى ماتريد الا انا نكون حيوانات بشرية ناكل بعضنا بعظا والسلام عليكم ورحمه الله
  • ابتهال

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة جيدة جدا وياليت شبابنا يأخذون بها .. ولو فعلوا لقل كثيرا هذا التفتح والضياع الذي يعانية شبابنا ذكورا وإناثا وبارك الله فيكم على هذا الموقع الرائع
  • أحمد جلال

      منذ
    [[أعجبني:]] أسلوب القرع كمل تقرع الاجراس
  • إيمان مطر

      منذ
    [[أعجبني:]] أخى فى الله/ الشيخ الغامدى بارك الله فيك وجزاك خيرا على نصيحتك وأحب أن أقول على الرغم من خطورة الدش إلا أن هناك قنوات دينية لا تظهر الا على الدش ومن أجل هذه القنوات فقد اشتريته واستطيع والحمد لله ان انتقى منه ما يلائم دينى ويرضى ربى ولكنى معك فى رأيك فكثيرا يسيطر عليه الشيطان ويلهيه عن ذكر الله أعاذنا الله منه والسلام عليكم
  • أبو عبد الرحمن

      منذ
    [[أعجبني:]] إنها تخاطب مايدور في النفس من البداية إلى النهاية ولكني أزيد خاطرة هنا أنه بعد مِشاهدة كل يوم يحس الإنسان أن جبال الدنيا كلها فوق راسه وأنه حقير لمشاهدة هذه الرذائل ويعزم ألا يعود ثانية ثم تتلقاه شياطين الإنس والجن ثانية والسعبب من وفقه الله وابتعد والشقي من واصل وكابر نسال الله لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق واعلم اخي الحبيب واختي الحبيبة أن رئيس أكبر دولة في العالم قال بالحرف الواحد سندخل بيوتهم وغرف نومهم ونجعلهم يشاهدون الجنس والحضارة ونحلق لحاهم ونزيل حجاب نسائهم فهل ترض أخي وأختي أن تحقق له ما قال ان دينك اغلى واعز من الدنيا ومافيها حتى يقول هذا الكافر ما قال وانتصر على شياطين الانس والجن والح على الله في السؤال ان يعافيك الله من هذا البلاء واعلم ان الناس ستقف منك موقفا ويتهمونك بالجنون فلا تعبا واستقم كما امرت فهل لو دخل عليك النبي صلى الله عليه وسلم في بيتك هل ستفتح الدش امامه وهل لو اردت ان يشاهد بيتك هل ستدخله الى الغرفة التى فيها الدش فاستح من الله حق الحياء وتب الى الله عز وجل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  • ناصر

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني الكلام القوي والمخلص من فضيلة الشيخ .. وكم أتمني لو يقرأها كل المسلمين في العالم لان فيها النجاة في الدنيا والاخرة .. ومما لا شك فيه .. ان لكم دور كبير ورائع في خدمة الإسلام العظيم .

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً