من عرف ربه!

منذ 2015-02-05

وهكذا يتقلب من عرف ربه في رحاب المعاملة معه، ويتجول بين ربوع ذكره في كل موقف، ولا ينشغل إلا بالتماس مرضاته على كل حال.

ومن عرف الله حق المعرفة ينظر إلى كل ما يمر به من أمور الدنيا والدين من خلال منظور المعاملة معه؛ فالفضل والنعماء منه وإليه، والابتلاء اختبار عليه أن يحسن الأداء فيه، ليِرُى الله منه خيرًا، والأمر والنهي والحلال والحرام هى امتحانات شرعية عملية عليه أن يجتازها.

والعارف لا ينسى أو يغفل عن معاملة الله له فى أى مقام، انظر إلى زكريا عليه السلام حين طلب الذرية، وقد وهن العظم، واشتعل الرأس شيبًا، وعقمت المرأة، إن ذلك لم يكن بمعزل عن معاملة تَعَودها زكريا، فقال مسترجعًا إياها: {وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم:4].

وإبراهيم عليه السلام حين جادل أباه وقومه؛ لم ينس المعاملة الربانية، فقال مذكرًا بها: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم:47]، وحين قرر اعتزالهم وهجرانهم لم يغفل عن أمله فيمن كان به حفيًا فقال: {عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم:48].

وكذلك فعلت امرأته حين علمت أن من أمره بتركها ووليدها فى الصحراء هو الله جل وعلا فقالت: "إذًا لا يضيعنا".

وما أحسن قول تلك الفتاة العارفة ابنة حاتم الأصم حين رأت رفع البلاء عنهم، وغناهم بعد فاقة أصابتهم، لمجرد أن أميرًا من الأمراء قد مر عليهم فأحسن إليهم، وأجزل لهم العطايا.

فقالت باكية: "مخلوق نظر إلينا فاستغنينا وشكرنا، فكيف لو نظر إلينا الخالق".

وهكذا يتقلب من عرف ربه في رحاب المعاملة معه، ويتجول بين ربوع ذكره في كل موقف، ولا ينشغل إلا بالتماس مرضاته على كل حال.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 1,888

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً