مودة ورحمة

منذ 2015-02-08

حاولوا الابتعاد عن الأهل والأقارب، وجربا أن تكون حياتكما مغلقة عليكما -أنتما معًا أو لو كان معكما أبناء- لبعض الوقت، لا بد أن يكون هناك شيء خاص لكم ﻻ يعرفه أحد، حتى لو كان تافهًا حتى لو كان بسيطًا، توقفا عن الشكوى فقد جربتما الشكاوى وكثرة اللوم والعتاب فهل حلت المشاكل؟

أحيانًا تمر زوجة ما أو ربما زوج بأسوأ أيام حياتهما، يظن أحدهما أن الدنيا قد اسودت وأنه أتعس إنسان على وجه الأرض، وحيد رغم قرب شريك حياته، يشعر بوحشة شديدة، يفتقر إلى الحب، يشعر أنه (قلب مكسور).

عند الخلاف سينسيهما الشيطان حلاوتهما التي عاشاها معًا، سينسيهما طعم الحب الحلال، ستحلوا كل حكايات الحب والقصص، وقصة عريس صديقتها، ومواقف زوج جارتها، وستقارنه بزميلها، وسيخسر هو.. وسيقارنها بكل فتاة جميلة وستخسر هي.

سيزين الشيطان كل شيء.. كل شيء حتى يفرق بينهما، ستشعر أنه بشع وتتمنى أن تسترد نفسها التي خسرتها، وسيشعر بالظلم ويتمنى أن تعود الأيام وﻻ يراها، ويحب من جديد! يفكران في الطلاق وكأنه الحل الذهبي.

كل الطرق إن سألتها ستكون مسدودة! كل الأسباب لو حاولت إقناعه ستكون غير مقنعة!
هي ستكون قبيحة في عينيه، هو سيكون ظالمًا جبارًا في عينيها، كلاهما سيشعر أنه تحمل الكثير وأن هذا يكفي.

يتدخل أهلها وأهله، ولأن كل منهما بفطرته يحب أهله فلو اختلفت مع أمه وأبيه سيكرهها، ولو أساء لأمها وأبيها ستبغضه، وكثرة الكلام تزيد المشاحنات والتباغض، وكلما ﻻن كلاهما للآخر أتت كلمة من طرف من الأهل لتعكر الأمور، الحياة ضغوط ومسئوليات وتحتاج إلى لين ومرونة واتساع صدر وتقبل لحقيقة وهي..

"لا يوجد إنسان كامل"، "أنت لست إنسانًا كاملاً"، "لا تطالب أهلك بالرضا عن شريك حياتك100%".
"لا تكره شريك حياتك لأن هناك فرد من عائلتك يكرهه"، "لا تتوقع أن الحياة وردية وسعيدة طوال العمر وكل لحظة، فهناك لحظات فتور ولحظات خمول ولحظات ضيق ولحظات فرج"، "تقبل شريكك كما هو، تحمل بعض النقص وافرح بما فيه من مميزات".

حاولوا الابتعاد عن الأهل والأقارب، وجربا أن تكون حياتكما مغلقة عليكما -أنتما معًا أو لو كان معكما أبناء- لبعض الوقت، لا بد أن يكون هناك شيء خاص لكم ﻻ يعرفه أحد، حتى لو كان تافهًا حتى لو كان بسيطًا، توقفا عن الشكوى فقد جربتما الشكاوى وكثرة اللوم والعتاب فهل حلت المشاكل؟

بالطبع.. ﻻ. رغم تدخل كبار العائلة! لأن بداية حلها من عندكما، عندما يبدأ أحدكما أو كلاكما في التنازل، بقدر معقول يكفي للآخر أن يتقدم مقتربًا منه قليلاً، تنازل وتضحية (تيجي على نفسك وتضغط عليها وتعصر ليمونة، وتستحملي وتسكتي وتتوددي لزوجك حتى لو متضايقة).

ربما ستتألم وستكون في حالة مزاجية سيئة، ﻻ تظهرها، ولو ﻻحظت أن شريكك يحاول اﻻقتراب منك لكنه ليس منبسط الملامح -شكلة بيتكلم وهو مش طايقك كأنه واجب- تصرف وكأنك لا تلاحظ -كأنك مش واخد بالك وطنش وابتسم-.

وحتى إن كان زوجك سيىء الخلق أعطية فرصة أخيرة وأنت على طاعة، توبي واستغفري واصبري..
فإن كنت غارقة في غفلتك ومعاصيك فكيف تطلبين السعادة، وأنت من وقفت بنفسك على باب الشقاء؟!
وحتى إن كانت زوجتك سيئة الطباع أعطها فرصة أخيرة، فرصة وأنت قريب من الله، وإلا فكيف تطلب السعادة وأنت عاصٍ؟!

لكل منا لحظة انهيار وإحباط وظلمة، ولكل بيت لحظات صعبة، وكل زوجين يختلفان، وأقرب البيوت إلى الله تلك التي تشهد أركانها أن كلاهما سجد مستغفرًا ولم يقصر في طاعة ففرج الله عنهما..

بيوت تعرف رائحتها الملائكة، بيوت تضىء ليلاً بالقرآن، والله إن البيوت ﻻ تقوم على الرومانسية المزيفة التي تشاهدونها في المسلسلات والأفلام، بل تقوم على الود والتراحم، سدوا أبواب الشيطان، ﻻ تسعدوه بخراب البيوت..

تذكري أول لقاء بزوجك يوم جاء لخطبتك، تذكر فرحتك بها وهي بفستانها الأبيض.
تذكر كفها التي كانت ترتعش وهي غارقة في كفك والكل ينظرون إليكما يوم عرسكما.
تذكرها وهي تحبك، تذكريه وهو يرحمك، اغفري له، اغفر لها، حاولا مرة أخرى

وكم من خلاف شهدناه في من حولنا ارتفع لهيب ناره حتى ظننا أنها ستحرق الجميع حتى الأبناء، وبردت النار بكلمة وعاد الود والحب، مودة ورحمة، أحيانا يحتاج الأمر أن تربت على كتف زوجتك عشر مرات لتستجيب بعد العاشرة، حيث يبرد جرح القلب.

وأحيانا تحتاجين لتكرار استرضاء زوجك عشر مرات ليستجيب حيث يبرد جرح الكرامة.
ﻻ ترفعي صوتك عليه، وﻻ ترفع كفك عليها.

اللهم أنزل السكينة والطمأنينة على بيوت كل أخواتي في الله وأزواجهن، وكل من يقرأ كلامي..
يا رب اجمع بين كل زوجين في خير. 
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

حنان لاشين

كاتبة إسلامية ملقبة بأم البنين

  • 5
  • 0
  • 3,345

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً