إحياء - (227) سُنَّة حفظ القرآن

منذ 2015-02-13

القرآن هو المعجزة الخالدة التي جعلها الله حجة على عباده إلى يوم الدين، وحفز رسول الله المسلمين على حفظ القرآن الكريم فكانت هذه السنة المهمة..

القرآن هو المعجزة الخالدة التي جعلها الله عز وجل حُجَّة على عباده إلى يوم الدين؛ وقد قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]، والمسلم الواعي يستخدم هذا القرآن العظيم في تعريف الناس بربِّ العالمين وشرعه المجيد، وقد سَمَّى اللهُ هذا جهادًا؛ فقال: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52]؛ أي جَاهِدْهم بالقرآن الكريم جهادًا كبيرًا؛ ومن هنا فإن الذي يحفظ القرآن يستطيع أن يستخدم الآية المناسبة في الظرف المناسب..

وكلام الله ليس ككلام البشر؛ ومن ثَمَّ تكون الحُجَّة بالغة، وهذا هو الذي دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تحفيز المسلمين على حفظ القرآن الكريم، فكانت هذه السُّنَّة المهمَّة؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُقَالُ -يَعْنِي لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ-: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا».

وروى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»، ومهمَّة حفظ القرآن مهمَّة صعبة تحتاج إلى متابعة وحرص، وقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرْآنِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ».

وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ. بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ».

ولكن هذه الصعوبة لها أجرها الهائل يوم القيامة؛ فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ. فَيُلْبَسُ تَاجَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ. فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ. فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ. وَيُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً».

 فاللهمَّ يسِّر لنا تطبيق هذه السُّنَّة نحن وأبنائنا ومَنْ نحبُّ.

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 6
  • 0
  • 3,811
المقال السابق
(226) سُنَّة كثرة الاستغفار
المقال التالي
(228) سُنَّة قراءة سورتي الزمر والإسراء قبل النوم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً